تتواصل الاعترافات الإسرائيلية عن التبعات
الاقتصادية الكارثية للحرب الدائرة في جبهة
لبنان، والتي تسببت في
خسائر اقتصادية هائلة لحقت بكافة القطاعات الحيوية.
منذ منتصف أيلول/ سبتمبر، أصبحت الشوارع والمطاعم والمحلات التجارية على طول خط المواجهة فارغة، وتدهور الوضع التجاري في المنطقة أكثر من ذي قبل، وفي خليجي
حيفا وطبريا، تم إفراغ الشواطئ والفنادق، والإسرائيليون اختفوا من مراكز التسوق، وتأثر دخل رجال الأعمال، ما يرفع حجم الخسائر إلى المليارات.
تاني غولدشتاين مراسل الشؤون الاقتصادية لموقع "
زمن إسرائيل"، أكد أن "تصعيد الحرب ضد حزب الله، واتساع نطاق إطلاق النار جنوبا منذ منتصف أيلول/ سبتمبر، يزيد من حجم الأضرار الاقتصادية الهائلة التي خلفتها الحرب.. ومن خلال البيانات والتقديرات التي جمعها من مختلف الجهات، يبدو أن الأضرار التي لحقت ببعض الشركات في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر ستكون أكبر بكثير مقارنة بالأشهر السابقة".
إغلاق الشركات
ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن "روبي ناثانزون، المستشار الاقتصادي لغرفة رجال الأعمال، فإنه منذ بدء العملية البرية في لبنان، تعرضت 77 ألف شركة في منطقة حيفا لأضرار اقتصادية، تضاف إلى 101 ألف شركة في الشمال سبق أن تعرضت لها منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، ولكن في الشهرين الأخيرين، اتسعت المناطق التي تتعرض لوابل كثيف من القذائف كل يوم، حيث شهدت انخفاضا كبيرا في النشاط الاقتصادي، خاصة الجليل والجولان، حيث تتركز فيهما 15% من الأعمال التجارية في الدولة برمتها؛ وسجلت 57% من شركاتهما انخفاضًا في حجم الأعمال، حيث أصبح الأمر أسوأ بكثير، فيما يقع 11% من الشركات في حيفا، التي بدأت للتوّ ترصد أضرارها".
وأشار إلى أنه "منذ بداية الحرب، تم إغلاق 59 ألف شركة إسرائيلية، وافتتاح 36 ألف أخرى مقارنة بالسنوات العادية، عندما يتم فتح وإغلاق 50 ألف شركة كل عام، فيما تركزت الأضرار الرئيسية في قطاعات البناء والسياحة والترفيه والثقافة، وجميع القطاعات الخدمية، وقد أغلقت نصف مطاعم الشمال لفترات طويلة، و23% منها أغلقت بشكل دائم، وباتت اليوم مهجورة، وهي تشهد بين حين وآخر مجموعات من جنود الاحتياط في طريقهم إلى لبنان بين الطاولات الفارغة.. وباستثناء محلات السوبر ماركت، تكاد تكون المتاجر فارغة تمامًا".
إيلي غويتا، صاحب متجر للأدوات المنزلية، يقول إنه "منذ التصعيد الكبير، يأتي عدد أقل من العملاء كل أسبوع، وحصل لدي انخفاض بنسبة 20% في المبيعات، تقدمت بطلب تعويض، لكنه يُدفع فقط لمن انخفضت مبيعاتهم بنسبة 25% أو أكثر". أما "مقهى بوردو" أشهر أماكن الترفيه في نهاريا، فهو فارغ تمامًا اليوم، ويقول مالكه ياكي أمير إننا أغلقنا أبوابنا لمدة ثلاثة أشهر، لأنه لا يوجد زبائن، هناك عدد قليل من الجنود هنا وهناك، ونعطيهم خصومات، لكن حجم المبيعات انخفض بنسبة 70%، ومع ذلك فإنه ملزم بدفع الرواتب والإيجار والضرائب العقارية والفواتير".
غياب التعويضات
ونقل عن مسؤول في سلطة الضرائب، أنه "بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وآب/ أغسطس 2024، دفعت تعويضات للشركات بقيمة إجمالية تبلغ 4.4 مليار شيكل عن الأضرار غير المباشرة، ولا تشمل التعويضات الأضرار المباشرة للأعمال التجارية في المباني التي أصيبت بشكل مباشر بالصواريخ والطائرات بدون طيار، ما سيؤدي لزيادة الشركات التي سيتم إغلاقها، وزيادة البطالة ومن المتوقع أن تتزايد هذه الأضرار أكثر".
وأشار التقرير إلى أنه "منذ بداية الحرب، فقد انخفض عدد المتسوقين، وبعد يومين من انطلاق صفارات الإنذار، تصبح الأماكن خالية تقريبًا، المطاعم في الشوارع القريبة فارغة، وأماكن الترفيه هناك شبه مهجورة، ومجمعات التسوق والترفيه لا يوجد فيها أي أطفال، وهذا ليس مشهدًا نموذجيًا لإسرائيل، وهو ما لا يبشر بالخير للأعمال التجارية في حيفا حيث يتم إغلاقها وفتحها بالتناوب.. حتى رياض الأطفال، التي تشكل مصدر دخل لآلاف أصحاب الأعمال والموظفين، تم إغلاقها".
المتحدث باسم بلدية حيفا، إليران طال أكد أن "جميع الأعمال الخدمية في حيفا تضررت في الحرب، لقد تأثرنا كما هو الحال في الدولة بأكملها، وتفاقمت الأضرار مؤخرًا، وأغلقت بعض الشركات أبوابها بالفعل، هناك أضرار كبيرة لتجارة التجزئة والمطاعم والثقافة، المسارح لا تعمل، والعروض ملغاة، ونعتزم إضافة حيفا لقائمة المدن التي يحق لمصالحها التجارية الحصول على تعويضات".
جمعية الفنادق وسلاسل الفنادق كشفت أن "هناك انخفاضاً في إشغال الفنادق في حيفا، لكن لا يزال هناك سياح وإسرائيليون ويهود من الخارج، وتعاني في طبريا بشكل شبه حصري من وجود النازحين، التي يتناقص عددها في الناصرة، مع العلم أن نسبة الإشغال في الفنادق منخفضة منذ بداية الحرب، والآن يمكن القول إن السياحة في الناصرة ماتت، كما أنه حدث انخفاض حاد في نسبة إشغال المبيت والإفطار.. الإسرائيليون هنا لا يغادرون منازلهم، وأصبحت المتنزهات في طبريا خالية، ولئن بقيت المحلات التجارية مفتوحة، فإنه لا يوجد متسوقون".
المقاطعة الاقتصادية
رئيس بلدية طبريا، يوسي نبوة، كشف أن "أجهزة الأمن بمجرد أن أغلقت الشواطئ، فإن هذا كان بمثابة الحكم بالإعدام على المدينة. و40% من سكان الجليل الأعلى عاطلون عن العمل؛ وبدأت الأعمال التجارية الصغيرة في الانهيار، وانخفض حجم أعمالهم بنسبة 70% منذ بداية الحرب، ومنذ ذلك الحين، ازداد الوضع سوءًا، وأكثر من نصف الشركات في حيفا والشمال متأثرة سلباً، والمشكلة أن الدولة لا تعوض المتضررين بما فيه الكفاية، حتى إن رئيس جمعية المزارعين دوبي أميتاي أكد أن هناك أضرارا في الزراعة في المناطق التي تم إخلاؤها، ويحتاج المزارعون لتصاريح عسكرية للعمل هناك".
فيما كشف داغان ليفين، المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات أن الحرب أثرت على الصناعة بعدة أبعاد مختلفة، حيث تأثر الإنتاج سلباً، لأن العديد من العمال موجودون في جيش الاحتياط، وآخرون خائفون، أو لا يستطيعون الوصول إلى المصانع الواقعة على خط المواجهة، كما تأثرت القدرة على توصيل البضائع بسرعة للعملاء في الخارج، بسبب انخفاض عدد الرحلات الجوية، وهناك عملاء في الخارج لا يثقون بقدرتنا على توصيل البضائع، وسرعان ما يختفون، بجانب المقاطعات السياسية خاصة التركية العلنية، والخفية من قبل العملاء الغربيين".