تجتمع قوى عالمية في العاصمة الفرنسية باريس اليوم الخميس بهدف جمع 500 مليون يورو على الأقل لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للبنان والدفع من أجل وقف إطلاق النار، بينما أكد رئيس الحكومة
اللبنانية نجيب ميقاتي، أن العدوان الإسرائيلي خلق أزمة إنسانية وأضرارا كبيرة لم يسبق لها مثيل.
ونقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين قولهم إنهم "لا يتوقعون تحقيق تقدم يذكر"، مع تركيز الولايات المتحدة على الجهود التي تبذلها هي بنفسها.
وقالت الوكالة إن "
فرنسا ترتبط بعلاقات تاريخية مع لبنان وتعمل مع واشنطن في محاولة للتوصل لوقف إطلاق النار، لكن نفوذها أصبح محدودا منذ شنت إسرائيل هجوما واسع النطاق على جماعة حزب الله المدعومة من إيران في أيلول/ سبتمبر وما أعقبه من نزوح الآلاف ومقتل أكثر من ألفي شخص".
وأضافت: "عملت باريس للإعداد للمؤتمر على عجل في مسعى لإظهار أنها لا تزال تتمتع بنفوذ في دولة كانت تحتلها في الماضي، ولكن رغم مشاركة 70 وفدا و15 منظمة دولية في المؤتمر فإن عدد الوزراء المشاركين من الدول ذات الثقل قليل".
وحذر مبعوث فرنسا الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان من أن عدم توقف الصراع يهدد بنشوب "حرب أهلية"، قائلا: "إذا استمر هذا فلبنان معرض لخطر الفناء"، بحسب قناة "إل سي آي" التلفزيونية.
وقام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بجولة في الشرق الأوسط في محاولة أخيرة لوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأمريكية التي ستجرى الشهر المقبل.
وسيتغيب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود الذي يبدو أن بلاده مترددة في الانخراط في الشأن اللبناني في هذه المرحلة وسترسل الرياض وكيل وزارة لحضور الاجتماع.
ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي وكذلك الوزراء الذين يشاركون في جهود الإغاثة، إلا أنه لم تتم دعوة إيران ولا "إسرائيل"، حيث انتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المؤتمر.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن المؤتمر يهدف إلى جمع 500 مليون يورو على الأقل لتقديم يد المساعدة بالأساس لما يتراوح بين 500 ألف ومليون نازح.
وتقول الحكومة اللبنانية إنها تحتاج إلى 250 مليون دولار شهريا للتعامل مع الأزمة.
وبحسب وثيقة إطارية أرسلت إلى الوفود فإن المؤتمر يهدف إلى التأكيد على ضرورة وقف "الأعمال القتالية" على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الصادر عام 2006 والذي يدعو إلى أن يكون جنوب لبنان خاليا من أي قوات أو أسلحة غير تلك التابعة للدولة اللبنانية.
لتحقيق ذلك، يسعى المؤتمر أيضا إلى تكثيف الدعم للقوات المسلحة اللبنانية، التي تعتبر الضامن للاستقرار الداخلي، والتي لها كذلك دور محوري في تنفيذ القرار 1701.
وقال مصدر دبلوماسي إيطالي: "الهدف النهائي هو تجنيد وتدريب وتسليح ستة آلاف وحدة جديدة في القوات المسلحة اللبنانية" مضيفا أن روما سترتب قريبا مؤتمرا خاصا بها يركز على تلك النقطة.
ولإيطاليا نحو ألف جندي يشاركون في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل".
ويقول دبلوماسيون إن تلك القوة ستحتاج إلى تقويتها أكثر بمجرد التوصل لوقف إطلاق النار.
وتضغط باريس أيضا على الأطراف الرئيسية في لبنان، رغم تردد البعض، للمساعدة في المضي قدما لانتخاب رئيس لملء المنصب الشاغر منذ عامين قبل التوصل لوقف إطلاق النار.
وقال دبلوماسيون إن ما يمكن تحقيقه على الصعيد السياسي غير واضح، رغم أن فرنسا تروج لاتصالاتها المباشرة مع حزب الله وإيران باعتبارها ميزة مقارنة بجهود الوساطة الأمريكية.
واتسمت محاولات التنسيق بين باريس وواشنطن بالتعقيد والصعوبة في الأسابيع القليلة الماضية.
وتنتقد دول أوروبية وعربية عدم دعوة واشنطن إلى وقف فوري لإطلاق النار ويخشون ألا تغير الإدارة موقفها قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال بيان صادر عن تحالف يضم 150 منظمة غير حكومية قبل اجتماع باريس: "الحكومات يجب أن تبذل كل ما بوسعها لإنهاء هذه الكارثة المتفاقمة ودورة الإفلات من العقاب... الإخفاق في التحرك الآن هو خيار... خيار لن يؤدي إلى وقف ومنع الفظائع في المستقبل".
بدوره، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، إن العدوان الإسرائيلي على بلاده خلق أزمة إنسانية وأضرارا كبيرة "لم يسبق لها مثيل، والهجوم على القطاع الصحي انتهاك واضح للقانون الدولي".
وأضاف ميقاتي أن "العدوان الإسرائيلي على لبنان أدى إلى نزوح مليون و400 ألف شخص".
من ناحية أخرى، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعوته إلى وقف إطلاق النار في لبنان وعبر عن شعوره بالأسف لأن إيران زجت بجماعة حزب الله اللبنانية إلى مواجهة مع إسرائيل.
في الوقت نفسه انتقد ماكرون العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان.