نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أهداف الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين من قمة
البريكس التي تحتضنها قازان بحضور العديد من قادة دول العالم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بوتين يسعى إلى تحويل مجموعة البريكس المكوّنة من تسع دول إلى
تحالف سياسي مناهض للغرب من أجل مواجهة النظام العالمي ذي "القطب الواحد".
وأضافت الصحيفة أنه رغم ضبابية المشهد المحيط بنتائج الحرب التي يخوضها في أوكرانيا، يريد بوتين إثبات أن بلاده التي تخضع لأربع عشرة حزمة من العقوبات الأوروبية، غير معزولة، بل يتزايد عدد أصدقائها وشركائها.
حضور لافت
يتفاخر الكرملين "بتنظيم الحدث الدبلوماسي الأكثر أهمية على الإطلاق في
روسيا"، بحضور حوالي عشرين من رؤساء الدول والحكومات، من بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل راما فوزا، والمصري عبد الفتاح السيسي، والإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد. فيما اعتذر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عن الحضور بعد تعرضه لحادث أصابه بكدمة في الرأس.
ويستضيف بوتين في القمة قادة آخرين من دول حليفة على غرار الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وأخرى يسعى إلى تعزيز التقارب معها، على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سيكون أحد أبرز المشاركين في قمة قازان، وفقا للصحيفة.
يشارك في القمة أيضا كل من رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، والرئيس المنغولي أوخناجين خوريلسوخ. كما أعلن الكرملين عن حضور أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وهي إحدى آخر المنصات الدولية التي لا تزال موسكو قادرة من خلالها على مواجهة منتقديها في
الغرب، حسب لوفيغارو.
وذكرت الصحيفة أن القمة ستتناول عددا من القضايا الدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، والوضع في الشرق الأوسط الذي يشهد تصعيدا غير مسبوق.
مشروع التخلي عن الدولار
أضافت الصحيفة أن الرئيس بوتين لخّض قبل القمة المنعقدة في قازان، رؤيته لمجموعة بريكس، على أنها إطار يمهد لنظام عالمي "متعدد الأقطاب" و"سيادة حقيقية وشركاء موثوق بهم"، أي بناء شراكة مع دول لا تؤيد العقوبات ضد روسيا ولا تخضع للهيمنة الاقتصادية الغربية.
في القمم السابقة، سلط قادة بريكس الضوء على أن التحالف الجديد يمثّل 41 بالمئة من سكان العالم، و26 بالمئة من مساحة القارات الأربع، و37 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي، ويؤمّن 25 بالمئة من إنتاج النفط عالميا، و50 بالمئة من حاجيات العالم من المعادن.
وقد أشار وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف إلى أن "نمو مجموعة البريكس في 2024/2025 سيبلغ 4.4 بالمئة، مقارنة بـ1.7 بالمائة في مجموعة السبع".
ويعتبر فلاديمير بوتين أن "بريكس تلعب دورًا رائدًا في الاقتصاد العالمي، ومن الواضح أن هذا الدور سيتعزز مستقبلا".
وقالت الصحيفة إن موسكو ستعيد طرح مشروعها لإنشاء منصة بديلة للمدفوعات الدولية، للتغلب على نظام "سويفت"، كما أنها تطرح إنشاء بديل لصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى منصة جديدة لتداول الأوراق المالية تحت اسم "بريكس كلير".
وباعتبارها أكبر مصدر للقمح في العالم، وبسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، اقترحت روسيا إنشاء بورصة حبوب خاصة بمجموعة بريكس لتقديم بديل عن البورصات الغربية التي تحدد أسعار المنتجات الزراعية.
واعتبرت الصحيفة أن استراتيجية "التخلص من الدولار" تبدو مشروعا طموحا، لكنه يثير مخاوف الدول والمؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك الصينية، بسبب احتمالات التعرض لعقوبات غربية في حال الحفاظ على علاقات تجارية مع روسيا.
تباين الأجندات
رأت الصحيفة أنه من المتوقع أن يؤثر تباين الأجندات والمصالح على مجموعة بريكس خاصة بعد زيادة عدد الدول المنضمة للتحالف.
في هذا السياق، يقول الخبير السياسي إيليا غراشينكوف: "من جهة، هناك الصين المهيمنة بحجمها واقتصادها. ومن جهة أخرى، هناك روسيا التي تحاول السيطرة على التحالف من الناحية السياسية. وهناك الهند التي تجمعها علاقات وطيدة مع الدول الغربية على عكس روسيا أو إيران".
ويضيف غراشينكوف: "ترغب الصين في توسيع المنظمة لتضم أكبر عدد ممكن من الدول، بهدف خلق تحالف جديد في مواجهة مجموعة السبع. كما تسعى روسيا للشيء ذاته لمواجهة الغرب. في المقابل، تخشى الهند بتأييد من البرازيل وجنوب أفريقيا من أن يؤدي انضمام المزيد من الدول إلى مجموعة بريكس إلى إضعاف تأثير الدول المؤسِسة".