صحافة إسرائيلية

مديرة معهد كارنيغي: السنوار مات ولكن "حماس" ستبقى

كرونين: "حماس" لديها خبرة في عملية خلافة القادة- جيتي
نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لأدوري كيرث كرونين، مديرة معهد كارنيغي ميلون للاستراتيجية والتكنولوجيا قالت فيه إن "السنوار مات لكن حماس ستنجو"، مشيرة إلى أن وفاة زعيم حماس قد يخلق فرصة للسلام.

ورأت الكاتبة أن موت السنوار هو علامة فاصلة في حرب "إسرائيل" والنزاع المتأجج في عموم الشرق الأوسط، وقد احتفل الكثيرون بوفاته، وهم محقون، على حد زعمها.

والسؤال الآن، ماذا عن حماس، هل ستنتهي؟ كان هذا هو الهدف المعلن للحملة الإسرائيلية، أي تدمير قدرات حماس العسكرية والسياسية واستعادة الردع وتوفير الأمن للمواطنين الإسرائيليين. وتضيف كرونين أن القدرات العسكرية لحماس تضررت بشكل كبير بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، إذ تزعم الحكومة الإسرائيلية أن الجيش قتل أكثر من 17,000 من مقاتلي حماس من ضمن ما يعتقد أنهم 25,000 إلى 35,000 مقاتل. وفي الوقت نفسه، ركزت على مطاردة زعماء حماس، سعيا لتوجيه ضربة حاسمة من شأنها أن تقضي على التهديد الذي تشكله الجماعة.

وتعلق الباحثة بأن استراتيجية "قطع الرأس" أي هزيمة المجموعة الإرهابية من خلال قتل قيادتها، تترك أثرها وفعالة، "لكن أبحاثي التي قمت بها على مسارات  457 حملة ومنظمة إرهابية وغطت مئة عام، وجدت أن الجماعات التي تنتهي بقطع الرأس تميل إلى أن تكون صغيرة، ومنظمة هرميا، وتتميز بالإعجاب بشخصيات القادة، وعادة ما تفتقر هذه الجماعات إلى خطط قيادات بديلة وفعالة. وهي حديثة الإنشاء بعمر أقل من عشر سنوات. أما الجماعات والشبكات الأكبر عمرا والأكثر ترابطا فيمكنها إعادة تنظيم نفسها والبقاء على قيد الحياة".

وتعلق بأنها كتبت بداية العام الحالي مقالا في "فورين أفيرز" وقالت فيه إن استراتيجية "قطع الرأس" لا تنطبق على حماس. فهي منظمة شديدة الترابط ولديها أجندة سياسية متشددة تعتمد على الدعم الدولي وتلعب بوعي أمام جمهور دولي. وهي أيضا جماعة راسخة، عمرها أكثر من أربعين عاما ولديها مكاتب خارج غزة من شأنها أن تساعدها في البقاء. كما أنها تحظى بمساعدات كبيرة من إيران، ولم تنته أي جماعة إرهابية مدعومة من دولة قط لمجرد وفاة زعيمها. وببساطة فقد قتلت "إسرائيل" زعيم حماس في غزة، ومن المرجح أن تنجو  الجماعة وأجندتها السياسية وتبقى على قيد الحياة.

وتؤكد الباحثة أن حماس لو كانت عرضة لاستراتيجية "قطع الرأس" لكانت قد هزمت بالفعل. فعلى مدى العقود الماضية اغتالت "إسرائيل" زعماء حماس. ومنذ عمليات القتل المبكرة التي استهدفت صانع القنابل يحيى عياش (في عام 1996)، ومؤسس الجماعة أحمد ياسين (في عام 2004)، وخليفته عبد العزيز الرنتيسي (أيضا في عام 2004) وحتى عمليات القتل الأحدث هذا العام التي استهدفت صالح العاروري، ومروان عيسى، وإسماعيل هنية، ومحمد الضيف، وغيرهم. ولكن الجماعة لم تستسلم لهذا النهج ومنذ تأسيسها في عام 1987، ولن تفعل ذلك الآن.

فحماس لديها خبرة  في عملية خلافة القادة، وكان النمط المتكرر هو أن يثبت الخليفة أنه أكثر تطرفا وخطورة من الهدف الأصلي.

وتعلق الكاتبة بأن مقتل العديد من قادة حماس خلال العام الماضي، عزز من مكانة وأهمية السنوار في داخل المنظمة. وسيكون مقتله بالتأكيد ضربة قوية للجماعة. لكن واحدا من أهم ملامح نهايته أنه مات أثناء عملية إطلاق نار روتيني وليس نتيجة لعملية استهداف، وهي حقيقة ستعزز من صورته كمقاتل شهيد مات مع قواته. ومن المتوقع أن يحل شقيق السنوار، محمد مكانه وسينتفع من مكانة شقيقة القوية. وتعلق الصحيفة بأنه لا يوجد طرف بارع في عمليات القتل المستهدف مثل "إسرائيل"، ولكن السؤال الرئيسي هو ما إن كان لدى حكومة نتنياهو خطة سياسية لتخفيف التهديد الذي سيمثله الجيل القادم من قادة حماس.

فقبل الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، قضى السنوار 23 عاما في السجون الإسرائيلية وهو يخطط للانتقام من سجانيه، وهو ما بدا في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ولكن كم هو عدد "السنواريين" في المستقبل ممن دفنوا آباءهم وأشقاءهم وأطفالهم تحت أنقاض عزة؟ وكم هو عدد الغزيين الجائعين والمشردين الذين يفتقرون إلى فرص العمل وبداخلهم حس الانتقام؟

وتعلق كرونين بأن مصدر قوة حماس هو في سرديتها والتي تؤكد على أنها تقاوم العدوان الإسرائيلي وتمثل المصالح الفلسطينية الحقيقية. وتزعم الكاتبة أن هذه السردية زائفة، لكن وجهة نظر حماس من "إسرائيل"، تكتسب أرضية في مختلف أنحاء العالم وتؤدي إلى تآكل الدعم السياسي للبلد، بما في ذلك الناخبين الأصغر سنا في الولايات المتحدة، أقرب حليف لـ"إسرائيل". ووفقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخرا، فإن عدد الأمريكيين الذين لديهم آراء سلبية تجاه حكومة بنيامين نتنياهو والحملة الإسرائيلية في غزة أكبر من عددهم الإيجابي.

وعليه فاغتيال القادة ليس إجابة فعالة لمشكلة سياسية واستراتيجية في الجوهر. إلا أن الكاتبة ترى في وفاة السنوار، فرصة لتغيير الدوامة السلبية الحالية بالمنطقة. فعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر، فإن الوضع ظل في تصاعد وتوسع باتجاه الحرب الإقليمية التي زعمت الدبلوماسية الأمريكية أنها تريد تجنبها.

وبناء على رؤية الكاتبة فإن السنوار كان عقبة أمام أي اتفاق وراغبا بمواصلة الحرب، فوفاته قد تقود إلى نتيجة سياسية جيدة، هذا إذا اقتنعت حكومة نتنياهو بتبني خيار سياسي للحرب في غزة والتي تغذي الاضطرابات الإقليمية. وهذا يعني السعي بقوة إلى التوصل إلى اتفاق في غزة من شأنه أن يؤدي إلى عودة 101 أسير إسرائيلي (أحياء وأمواتا) وإيصال مساعدات إنسانية كبيرة للمدنيين في غزة، الذين أصبح العديد منهم بلا مأوى ويعانون من المجاعة ويواجهون الموت. لكن التحدي، كما تقول، هو أنه لم يعد هناك من يمكن التفاوض معه على وقف إطلاق النار.

ومن خلال قتل السنوار فربما فشلت "إسرائيل" ليس فقط في هزيمة حماس بل وقللت من الخيارات أمامها ما يدفعها إلى مواصلة حربها المدمرة في غزة وبدون أن يكون لديها أي هدف استراتيجي. ويعني هذا استمرار دوامة الحرب التي استغلها السنوار ومن سيأتون بعده.