اقتصاد دولي

مع نمو "أسطول الظل".. كيف يتدفق النفط الروسي عبر "سقف الأسعار" الغربي؟

واشنطن فرضت عقوبات على السفن التي تشكل جزءًا من أسطول الظل الروسي- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرًا، تناولت فيه تأثير سقف أسعار النفط الروسي على الأسواق العالمية، مشيرًا إلى تداعيات هذا القرار، والذي أدى إلى ظهور أسطول ظلي من الناقلات، ممّا يعقد جهود فرض العقوبات.

واستعرضت الصحيفة، في تحليلها الذي ترجمته "عربي 21"، تقريرا حديثا، وجد أن الخطة التي وضعتها الدول الغربية الغنية لحرمان روسيا من عائدات النفط تتعثر إلى حد كبير، حيث تمكنت غالبية صادرات النفط الروسية المنقولة بحرًا، من التهرب من القيود التي كانت تهدف إلى تحديد سعر الخام الروسي.

 وبعد مرور سنتين تقريبًا على فرض "سقف سعري" للنفط، يُنقل ما يقرب من 70 في المائة من نفط الكرملين على "ناقلات الظل" التي تتهرب من القيود، وفقًا لتحليل نشره معهد مدرسة كييف للاقتصاد، وهو مركز أبحاث مقره أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة، أن روسيا نجحت في التحايل على العقوبات المفروضة من قبل مجموعة الدول السبع، ما أتاح لها الاستمرار في تمويل حربها ضد أوكرانيا. وقد تأثرت فعالية حد السعر بسبب التطبيق المتراخي لهذه السياسة؛ إذ حاول المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا تحقيق توازن بين أهدافهم في إضعاف الاقتصاد الروسي وضمان توافر النفط في الأسواق لتجنب ارتفاع الأسعار.

وأضافت المجلة، أن هذه التحديات تؤكد على القيود التي تواجهها الاقتصادات المتقدمة في العالم أثناء محاولتها التدخل في أسواق الطاقة العالمية، لمحاولة التعجيل بإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأشار معهد كييف للاقتصاد، الذي دعا إلى تشديد العقوبات على النفط الروسي، في تقريره، إلى أن: "أسطول الظل الروسي يشكل تهديدًا لمحيطات العالم، لأن الناقلات غالبًا ما تكون سيئة الصيانة وغير مؤمنة بشكل صحيح".

وأضاف التقرير: "شهدنا عدّة حالات في الأشهر الأخيرة التي تعرضت فيها ناقلات الظل لحوادث تصادم أو كادت تجنح. وتم تجنب حتى الآن حدوث تسربات نفطية كبيرة، لكن كارثة كبرى تنتظر الحدوث، وستصل تكاليف التنظيف إلى مليارات الدولارات". 

وبعد غزو روسيا لأوكرانيا خلال سنة 2022، تحركت الولايات المتحدة وأوروبا لحظر واردات النفط الروسي، في محاولة لتقليل عائدات أحد أكبر منتجي النفط في العالم.

ولكن في ظل المخاوف من أن يؤدي حظر كامل إلى حدوث صدمة في أسعار النفط العالمية، توصّلت الولايات المتحدة وغيرها من الديمقراطيات الثرية إلى خطة بديلة؛ حيث قرروا استخدام الصناعة البحرية، بما في ذلك شركات الشحن وشركات التأمين التي كانت الوسيلة الرئيسية لنقل النفط البحري الروسي، لضمان أن أي نفط يُنقل عبر البحر يمكن أن يُباع بسعر مخفض فقط: 60 دولارًا للبرميل الواحد، وهو ما يقل بحوالي 15 دولارًا عن السعر في السوق العالمية.

غير أن روسيا سرعان ما وجدت حلا بديلا؛ حيث استثمرت حوالي 10 مليارات دولار في تطوير أسطولها من ناقلات الظل، التي غالبًا ما تكون غير محددة، ما سمح لها ببيع الكثير من نفطها فوق مستوى السقف. ووفقًا لمعهد كييف، تم نقل أكثر من 75 مليون برميل من النفط الروسي كل شهر في النصف الأول من هذه السنة على متن سفن يبلغ متوسط عمرها 18 سنة.

وفي السياق نفسه، قالت الصحيفة إن محللي الطاقة لاحظوا أن مشغلي السفن مستعدون للالتفاف على العقوبات من خلال تسجيل سفنهم في دول ليست جزءًا من اتفاق الحد الأقصى للأسعار، أو عن طريق تغيير هيكل ملكيتها.

إلى ذلك، وجد تقرير صادر عن "لويدز ليست إنتلجنس" هذا الشهر، أن كميات قياسية من المنتجات النفطية الروسية تم نقلها في أيلول/ سبتمبر على متن ناقلات تشكل جزءًا من أسطول الظل أو التي سبق أن عوقبت بسبب انتهاكها للسقف السعري.

وأشار التقرير، إلى أن بعض تلك السفن تنقل البضائع إلى الصين والهند، اللتين يبدو أنهما على استعداد للالتفاف على العقوبات الغربية.

كذلك، أضافت الصحيفة أن "نمو أسطول الظل الروسي كان قد أثار جدلاً داخل إدارة بايدن هذه السنة حول مدى حزم تطبيق سقف السعر، فقد حثّ بعض مسؤولي وزارة الخزانة على اتخاذ نهج أكثر صرامة، قد يتضمن فرض مزيد من العقوبات على سفن أسطول الظل؛ بينما حذر مستشارو الاقتصاد في البيت الأبيض، من اتخاذ خطوات قد تعطل إمدادات النفط وترفع أسعار البنزين قبل الانتخابات الرئاسية".

وكان صانعو السياسات حذرين بشكل خاص في تعاملهم مع قطاع النفط الروسي مع تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط. وكانت أسعار النفط تحوم حول 75 دولارًا للبرميل الواحد، لكن المحللين حذروا من أنها قد تقفز إذا اندلعت حرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران.

 وأفادت الصحيفة بأن: "واشنطن فرضت عقوبات على السفن التي تشكل جزءًا من أسطول الظل الروسي، واتخذ حلفاء غربيون مثل بريطانيا والاتحاد الأوروبي خطوات لتضييق الخناق على السفن في الأشهر الأخيرة".

وفي أعقاب اجتماع لمسؤولي العقوبات من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة الشهر الماضي، قالت المفوضية الأوروبية إن: "تطبيق سقف الأسعار لا يزال يمثل أولوية لتحقيق هدفها المتمثل في الضغط على عائدات النفط الروسية المستخدمة في تمويل حربها غير المشروعة".

ونقلت الصحيفة تصريحات مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إنه "ليس من المستغرب أن يجد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طرقًا للالتفاف على العقوبات بمرور الوقت، وأن تحالف سقف الأسعار يواصل العمل مع قطاعي الشحن والتمويل لتطبيق السياسة".

وأشار المسؤول إلى "حقيقة أن أسعار النفط الروسي لا تزال منخفضة مقارنة بالنفط الذي يبيعه المنتجون من الدول الأخرى، وقد اضطر بوتين إلى إنفاق مليارات الدولارات للالتفاف على السقف، مما جعل السياسة ناجحة".

ويحث معهد كييف، الدول الغربية، على تكثيف جهودها لمكافحة تهرب روسيا من العقوبات من خلال إنشاء "مناطق خالية من الظل".

واختتمت الصحيفة، تقريرها، موضحة أن "ذلك سيتطلب من السفن أن يكون لديها تأمين أكثر شمولاً ضد التسرب النفطي يمكن التحقق منه، وتوسيع نطاق استخدام العقوبات على الانتهاكات، وفي بعض الحالات منح الدول في التحالف سلطة إيقاف سفن أسطول الظل غير المؤمنة بشكل صحيح في المياه الدولية".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع