تلقي التوترات المتصاعدة في منطقة
الشرق الأوسط بظلالها على جوائز
نوبل لعام 2024، وذلك وسط ظهور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "
الأونروا" كمرشح لنيل جائزة السلام هذا العام.
وأشار تقرير نشرته صحيفة "
فايننشال تايمز"، وترجمته "عربي21"، إلى أن اعتبار الوكالة الأممية مرشحا لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2024، يأتي بعد 30 عاما من منح هذه الجائزة لمهندسي اتفاقية أوسلو.
فقبل 30 عاما منحت جائزة نوبل للسلام إلى ثلاثة أشخاص كانوا وراء اتفاقيات أوسلو التي فشلت لاحقا، حيث تواجه لجنة منح جوائز نوبل هذا العام شرق أوسط يعيش تصعيدا وبخاصة أن عددا من المنظمات التابعة للأمم المتحدة المرشحة للجوائز وجدت نفسها في وسط النزاع، حسب التقرير.
نقل التقرير عن خبراء، قولهم إن أهم المرشحين لجائزة نوبل للسلام التي سيعلن عنها الجمعة القادم، هي "الأونروا" ومحكمة العدل الدولية، المؤسسة التابعة للأمم المتحدة، والتي وجدت نفسها في تعارض مع "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ولفت التقرير، إلى أن استمرار النزاع قد استأثر بحصة غير متناسبة من جهود صنع السلام وكان محور العديد من جوائز السلام التي منحت في الأعوام الأخيرة. ولا يوجد مكان كان فيه إرث الجائزة محل تساؤل وبأدلة قليلة من أن جهود إحلال السلام قد أثمرت مثل الشرق الأوسط.
ووفقا للصحيفة، فإنه في الوقت الذي تضم فيه القائمة الموسعة من المرشحين لجائزة نوبل للسلام هذا العام عددا من الأسماء الشاذة مثل الملياردير إيلون ماسك ومؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانغ، إلا أن هنريك أوردال، مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو الذي يتشاور مع لجنة جائزة نوبل ويصدر قائمة بخمسة اختيارات رئيسية كل عام، يرى أن أونروا هي الأكثر احتمالا للفوز من بين المرشحين.
وقال، إن أونروا "تقوم بعمل مهم جدا من أجل المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون بسبب الحرب في
غزة". وأشارت الصحيفة إلى موقف "إسرائيل" المعادي من أونروا التي طردت في آب/أغسطس تسعة من موظفيها بعد اتهام إسرائيل لهم بأنهم شاركوا في هجمات تشرين الأول/أكتوبر، مع أن تحقيق الوكالة الداخلي لم يجد أدلة يقينية على تورطهم في الهجمات.
وفي ضوء المزاعم الإسرائيلية، علقت عدة دول غربية التمويل للمنظمة التي لديها حوالي 13,000 موظف في عزة وشجبت هجوم حماس. وقتلت الغارات الإسرائيلية والعمليات العسكرية حوالي 220 من موظفيها. ودمر القصف الإسرائيلي ثلثي المباني التابعة لأونروا وبخاصة المدارس والعيادات ومراكز تخزين المؤن وغير ذلك.
وأكد أوردال أن منح أونروا الجائزة لن يكون "بأي حال دعما سياسيا لحماس". وشن ساسة "إسرائيل" حملة ضد الوكالة التي أنشئت عام 1949، للعناية باللاجئين الفلسطينيين وتوفير المساعدة الصحية والتعليم لهم. واتهموا الأمم المتحدة بأن بقاء الوكالة يسهم في إطالة الصراع لا حله.
وقد أدرج المعهد، وفقا للتقرير، محكمة العدل الدولية التي أمرت في كانون الثاني /يناير من هذا العام "إسرائيل" باتخاذ كل الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة، فائزا محتملا.
وجاء الأمر المؤقت بناء على دعوى تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكابها إبادة جماعية في غزة منذ بداية الحرب في تشرين الأول /أكتوبر 2023. وقد انضمت عدة دول أخرى لجنوب أفريقيا ودعمت القضية التي قدمتها.
وفي مؤتمر صحافي بأوسلو، قال فيه المؤرخ أسلي سفين إن الجائزة قد تمنح أيضا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي منع الأسبوع الماضي من دخول إسرائيل، التي قالت إنه لم يكن قويا بما فيه الكفاية في إدانة الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على أراضيها.
وترى دايانا بطو، المحامية الفلسطينية، أن تقديم الجائزة إما لغوتيريش أو أونروا أو محكمة العدل الدولية هي محاولة لدعم النظام الدولي الذي حاولت إسرائيل تقويضه.
وأضافت في حديثها للصحيفة، أنها "محاولة لإنقاذ هذه المؤسسات والأفراد من هجوم إسرائيل. وإذا أرادوا حقا الاعتراف بالفلسطينيين فإنهم سيفعلون ذلك بشكل مباشر".
وأشارت الصحيفة، إلى أن "الحكومة الإسرائيلية ومعظم السكان في إسرائيل يتهمون الأمم المتحدة بالتحيز وكذا أوسلو التي اعترفت بالدولة الفلسطينية إلى جانب إسبانيا وأيرلندا".
وقد منحت الجائزة، على مدى العقدين الماضيين لأشخاص من الشرق الأوسط أو لهم علاقة بالمنطقة. وفي العام الماضي، فازت نرجس محمدي، الناشطة الحقوقية الإيرانية المسجونة، بالجائزة.
وقال أوردال من معهد أوسلو للسلام: "من الواضح أن الشرق الأوسط منطقة شهدت صراعات كبيرة وفيه العديد من الدول الاستبدادية"، مضيفا أن حل النزاعات وحقوق الإنسان من الجوانب المهمة للجائزة.
وقالت الصحيفة، إن بعض الجوائز المتعلقة بالشرق الأوسط عمرت طويلا، كالجائزة التي منحت عام 1978 للرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد. أما الجائزة التي منحت لياسر عرفات وإسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه ووزير خارجيته شيمون بيريس عام 1994، فلم تعمر طويلا حيث انهار الاتفاق، مع أن أحد القضاة في لجنة الجائزة استقال بسبب ضم اسم عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية للفائزين.
وتأتي جائزة يوم الجمعة في وقت يقترب فيه الشرق الأوسط بشكل خطير من حرب إقليمية شاملة، حيث كثفت إسرائيل هجومها ضد حزب الله في لبنان ومن المتوقع أن ترد على الهجوم الصاروخي الباليستي الذي شنته إيران.
وقال أوردال، إن اعتراف الجائزة بجهود صنع السلام لا يعني أن السلام سيتحقق. وأضاف: "إنها ليست رصاصة فضية، وسيكون من المبالغة في تقدير تأثير الجائزة وأن نفترض أنها ستكون مهمة للغاية بحيث يمكنها فرض السلام على البلدان والشعوب".