شدد الكاتب في صحيفة "
فايننشال تايمز"، جدعون راتشمان، على أن دولة
الاحتلال الإسرائيلي وإيران قدمتا ما وصفه بـ"مفاجأة أكتوبر" للانتخابات الأمريكية المقررة في تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، في إشارة إلى الهجوم الذي نفذته طهران على الأراضي المحتلة.
وأكد الكاتب على أن حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تدرك أن تحدي الإدارة الأمريكية خال من المخاطر"، لافتا إلى تجاهل "إسرائيل" دعوات
الولايات المتحدة لضبط النفس، في حين لا تزال واشنطن تؤكد التزامها بالدفاع عن "تل أبيب".
وقال الكاتب في مقال نشره في الصحيفة المشار إليها، وترجمته "عربي21"، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو "بايدن كافحت على مدار العام المنصرم لمنع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، خوفا من أن تجر الولايات المتحدة أو تسبب دمارا في الاقتصاد العالمي".
وأضاف أن هذه السياسة أصبحت الآن قريبة جدا من الفشل. للمرة الثانية هذا العام، أطلقت
إيران صواريخ على إسرائيل، وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في التصدي للصواريخ. ووعد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأنه ستكون هناك "عواقب وخيمة" على إيران وقال إن الولايات المتحدة "ستعمل مع إسرائيل" لضمان حدوث ذلك.
واعتبر الكاتب أن ذلك يبدو وكأنه تهديد بعمل عسكري أمريكي- إسرائيلي مشترك ضد إيران. وأوضح أنه تم إقناع إسرائيل في نيسان/ أبريل، بالحد من ردها إلى مستوى يمكن للإيرانيين قبوله ضمنيا - وتوقف تبادل الضربات. هذه المرة، يبدو من غير المرجح أن يتم منع تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل من التصعيد أكثر.
وأشار إلى أن "إسرائيل، فتحت للتو جبهة ثانية في حربها مع أعدائها الإقليميين، بتوغل بري في
لبنان في أعقاب الضربات المدمرة التي وجهتها بالفعل إلى حزب الله، القوة المسلحة المدعومة من إيران".
وأوضح الكاتب أن "حكومة بنيامين نتنياهو تشعر بأن أعداءها في حالة ضعف. وربما ترغب في الرد بقوة على إيران، على أمل إلحاق ضرر دائم بالجمهورية الإسلامية وربما ببرنامجها النووي المثير للخوف".
ولفت إلى أن "الإيرانيين أدركوا المخاطر المترتبة على التصعيد المضاد الإسرائيلي، وربما يخشى البعض في طهران أن يقعوا في فخ بإطلاق الصواريخ مرة أخرى على إسرائيل. ولكن الفشل في الرد على الهجمات الإسرائيلية على حزب الله ــ التي أعقبت اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران في تموز/ يوليو، سيبدو أيضا وكأنه خطر جدي بالنسبة لإيران".
وعلق راتشمان بالقول إن "المنطق القاسي للحرب والردع يشير إلى أن القوة التي تعجز عن الدفاع عن أصدقائها، أو الرد على الهجمات في عاصمتها، تبدو ضعيفة. والضعف من المحتمل أن يدعو إلى المزيد من الهجمات، في حين يؤدي أيضا إلى خسارة النفوذ والهيبة".
ولكن خلف هذا الكلام القاسي، حسب الكاتب، "ربما لا يزال البيت الأبيض يحث إسرائيل على ضبط ردها وعدم الرد بقوة حتى تشعر إيران بأنها مضطرة إلى رفع مستوى الرهانات مرة أخرى. فبعد الانسحاب من أفغانستان، لم تعد إدارة بايدن ترغب في الانجرار إلى صراع آخر في الشرق الأوسط".
و"مع انشغال القوات الإسرائيلية بالفعل في القتال في غزة ولبنان، ربما يكون لدى حكومة نتنياهو أسبابها الخاصة لعدم تصعيد الصراع المباشر مع إيران الآن"، وفقا للكاتب.
واستدرك الكاتب بالقول: "ولكن إذا قرر الإسرائيليون أنهم يريدون اتخاذ إجراءات مباشرة أكثر صرامة، فقد أظهروا بالفعل أنهم سعداء تماما بتجاهل دعوات إدارة بايدن لضبط النفس. وربما يأمل البيت الأبيض أنه من خلال العمل مع إسرائيل، يمكنه ممارسة المزيد من النفوذ على قوة وطبيعة الرد الإسرائيلي".
وأوضح المقال أن الولايات المتحدة، كانت تحث إسرائيل منذ أشهر عديدة على عدم شن هجوم على حزب الله. وبعد أن بدأت إسرائيل الأعمال العدائية الشهر الماضي، انضمت إدارة بايدن إلى المملكة المتحدة وفرنسا ودول أخرى في حثها على وقف فوري لإطلاق النار في لبنان. ولكن تم تجاهلها مرة أخرى.
وقال الكاتب إن "استعداد حكومة نتنياهو لتجاهل رغبات أقرب حلفائها وضامن أمنها ينبع من مفارقة في قلب السياسة الأمريكية. إذ تستطيع إدارة بايدن أن تحث إسرائيل على ضبط النفس في غزة ولبنان، وهي تفعل ذلك بالفعل. لكنها ستحمي إسرائيل دائما من عواقب التصعيد، مستشهدة بالالتزام الشامل بالدفاع عنها ضد إيران وأعدائها الإقليميين الآخرين".
ونتيجة لهذا، وفقا للمقال، تدرك "الحكومة الإسرائيلية أن تحدي إدارة بايدن يكاد يكون خاليا من المخاطر. بل قد تكون هناك بعض الفوائد إذا جرّت الولايات المتحدة إلى نشر قوتها العسكرية ضد إيران".
وحسب الكاتب، فقد "تتضاءل احتمالات رفض أمريكا دعم إسرائيل في الأزمات ــ وهي احتمالات ضئيلة دائما ــ بسبب حقيقة أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لم يتبق عليها سوى شهر واحد. وقد قدمت كامالا هاريس فكرة اتخاذ موقف أكثر صرامة مع نتنياهو بشأن غزة. لكنها سترغب أيضا في الظهور بمظهر المتشدد والداعم الكامل لإسرائيل في وقت الخطر. ولا يمكنها أن تخاطر بالظهور بمظهر المتساهلة مع إيران، التي للولايات المتحدة تاريخها الطويل من العداء معها، والذي يعود إلى أزمة الرهائن في الفترة 1979-1981".
ومع ذلك، رأى الكاتب أن "الوضع الخطير الحالي قد يكون بمثابة أخبار سيئة لهاريس. يحب دونالد ترامب أن يزعم أن العالم كان في سلام خلال فترة رئاسته، لكن "ضعف" إدارة بايدن أدى إلى حروب في أوروبا والشرق الأوسط. وهذا التصعيد الأخير يناسب روايته تماما".
واختتم مقاله بالقول، إنه "في كل مرة تنظم انتخابات رئاسية في أمريكا، هناك تكهنات حول مفاجأة أكتوبر المحتملة التي تقلب السباق قبل أسابيع فقط من التصويت. لقد قدمت إسرائيل وإيران للتو مفاجأة أكتوبر لهذه الانتخابات، وقد يكون ترامب هو المستفيد".