كتاب عربي 21

وزير المالية التركي في مرمى الإشاعات

"يسعى شيمشك مع فريقه إلى تحسين الوضع الاقتصادي ومكافحة التضخم"- الأناضول
انتشرت الأسبوع الماضي إشاعة حول تقديم وزير المالية التركي محمد شيمشك، استقالته، ما أدى إلى تراجع مؤشرات بورصة إسطنبول وارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الليرة التركية. وكان أول من أطلق تلك الإشاعة كاتب معارض للحكومة وموالٍ لحزب الشعب الجمهوري، ونقل عنه صحفي هارب إلى خارج البلاد ينتمي إلى جماعة غولن، ثم روَّجها القيادي عن الحزب الديمقراطي المعارض، النائب جمال أنغينيورت.

مركز مكافحة التضليل التابع لرئاسة الجمهورية التركية قام بنفي الإشاعة، كما نفاها الوزير نفسه، مشددا على أنه على رأس عمله. وقال شيمشك في حسابه بمنصة "إكس"، إن السيناريوهات المتداولة بشأن استقالته من منصبه عارية عن الصحة، داعيا إلى عدم السماح بتضرر الاقتصاد والأسواق من روايات مختلقة، ووصف مروجي الإشاعة رغم نفيها بـ"أصحاب النيات السيئة".

وأعلن وزير العدل التركي، يلماز طونتش، فتح تحقيق في حق المروجين لإشاعة استقالة وزير المالية، بتهمة تضليل المضاربين في بورصة إسطنبول وإلحاق خسائر مالية بالمستثمرين.
أكبر هموم المواطن التركي هو الاقتصاد والتضخم. ويسعى شيمشك، مع فريقه، إلى تحسين الوضع الاقتصادي ومكافحة التضخم، من خلال برنامج بدأ يؤتي أُكله، وهو ما يثير مخاوف المعارضة التي ترى أن نجاح شيمشك في مهمته حتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة سيؤدي إلى تراجع حظها في الفوز

المروجون لإشاعة استقالة وزير المالية أشخاص لديهم سوابق في بث الإشاعات والأنباء الكاذبة. وكان أحدهم قام ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016، بالترويج بأن وزير الداخلية آنذاك، أفكان آلا، هرب إلى جورجيا. كما أن النائب الذي شارك في ترويج الإشاعة الأخيرة حكم عليه القضاء التركي بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التلاعب في البورصة، وبالتالي لا يبدو ترويجهم لتلك الإشاعة مصادفة بريئة بلا أي هدف.

المتابعون للشأن التركي يعرفون أن أكبر هموم المواطن التركي هو الاقتصاد والتضخم. ويسعى شيمشك، مع فريقه، إلى تحسين الوضع الاقتصادي ومكافحة التضخم، من خلال برنامج بدأ يؤتي أُكله، وهو ما يثير مخاوف المعارضة التي ترى أن نجاح شيمشك في مهمته حتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة سيؤدي إلى تراجع حظها في الفوز.

المعارضة التركية تراهن على فشل البرنامج الذي يقود وزير المالية، صاحب الشهرة العالمية، لتتدهور الأوضاع الاقتصادية، وترتفع نسبة التضخم. وترى أن ذلك لن يتحقق إلا إذا حدثت أزمة إقليمية أو عالمية غير متوقعة تلقي بظلالها على تركيا، كجائحة مثل كورونا أو ارتفاع أسعار الطاقة بشكل غير مسبوق، أو في حال استقال شيمشك من منصبه لسبب أو آخر لتضرب استقالته ثقة المستثمرين بالحكومة وبرنامجها الاقتصادي. وتهدف الإشاعات حول استقالة وزير المالية أو إقالته من قبل رئيس الجمهورية أو وجود خلافات بين أردوغان وشيمشك، إلى إثارة القلق والاضطرابات في الأسواق، وعرقلة البرنامج الاقتصادي، والضغط على وزير المالية لدفعه إلى الاستقالة.

هناك إشاعات أخرى حول وجود خلافات بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اللذين يشكلان تحالف الجمهور. ويتم إطلاق تلك الإشاعات بين الفينة والأخرى، في محاولة لإثارة الفتنة في صفوف التحالف، والإيقاع بين المؤيدين له، لأن التحالف الداعم للحكومة ما زال يتمتع بشعبية كافية يمكن أن تمكنه من الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة. ولا يخفى على المتابعين لتحركات الكواليس السياسية والإعلامية في تركيا أن هناك أطرافا مؤيدة لحزب الشعب الجمهوري ترغب في تفكك تحالف الجمهور لينضم حزب الحركة القومية إلى التحالف المعارض.
الحكومة التركية أمامها أكثر من ثلاث سنوات حتى تخيم على البلاد أجواء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في ربيع 2028، إن لم يتم تقديم موعدها. وهي فترة كافية لتحسين الوضع الاقتصادي، إن لم تحدث تطورات مفاجئة غير محسوبة، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من محاولات المعارضة لضرب تحالف الجمهور، ووزير المالية، وبرنامجه الاقتصادي

رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، نفى أكثر من مرة الأنباء التي تتحدث عن وجود خلافات كبيرة بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية تهدد مستقبل تحالف الجمهور، ليلفت إلى صلابة التحالف بين الحزبين. وفي آخر تلك التصريحات، ذكر قبل حوالي أسبوع في حسابه بمنصة "إكس"، أن تحالف الجمهور هو "رمز وجود الأمة التركية ووحدتها". وقال إن الذين يستهدفون تحالف الجمهور من خلال إثارة إشاعات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ليُصوّروا أن هناك شرخا في التحالف، سيصابون بخيبة أمل.

أردوغان وباهتشلي لا يكتفيان بتصريحات تنفي الإشاعات التي تطلقها المعارضة، بل ويقومان أيضا بتحركات رمزية تشير إلى تماسك التحالف بينهما، كإرسال رئيس الجمهورية قبل يومين 76 وردة حمراء إلى رئيس الحركة القومية بمناسبة الذكرى الـ76 لميلاده. كما خرج الزعيمان معا أمام الجمهور والكاميرات في مدينة أخلاط التاريخية بولاية بيتليس، جنوب شرقي البلاد، وشاركا في فعاليات الذكرى السنوية الـ953 لانتصار الجيش السلجوقي بقيادة السلطان ألب أرسلان على الجيش البيزنطي عام 1071 في معركة ملاذكرد.

الحكومة التركية أمامها أكثر من ثلاث سنوات حتى تخيم على البلاد أجواء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في ربيع 2028، إن لم يتم تقديم موعدها. وهي فترة كافية لتحسين الوضع الاقتصادي، إن لم تحدث تطورات مفاجئة غير محسوبة، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من محاولات المعارضة لضرب تحالف الجمهور، ووزير المالية، وبرنامجه الاقتصادي الذي يقوده بدعم قوي من رئيس الجمهورية.

x.com/ismail_yasa