ملفات وتقارير

"الزيتون".. قصّة حيّ في غزة بات كابوسا وجحيما للاحتلال الإسرائيلي

سُمّي نسبة لكثرة أشجار الزيتون التي تغطي معظم أراضيه- الأناضول
لا يزال "حي الزيتون" في غزة، يرسم معالم للصمّود والمُقاومة، منذ عملية "طوفان الأقصى" بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث بات يُعدّ سدّا منيعا أمام محاولات الاحتلال الإسرائيلي كافة لاقتحام القطاع، من المنطقة الشرقية الجنوبية.

رصدت "عربي21" جُملة من العمليات التي كتب فيها "الزيتون" حكاية صمود جديدة، آخرها، اليوم الجمعة، إذ أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أنها أوقعت جنودا إسرائيليين قتلى وجرحى في محيط الحي، فيما خلّف قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على غزّة، 12 شهيدا خلال الساعات الماضية.


وفي بيان لها، نُشر على تطبيق "تلغرام"، قالت الكتائب؛ إنها تخوض اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال المتوغلة في جنوب حي الزيتون (جنوب شرقي مدينة غزة). موضّحة أنها أوقعت قتلى وجرحى في صفوف قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأكّدت هبوط طائرة إسعاف لإجلائهم.

بدورها، أعلنت سرايا القدس، وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنها تخوض اشتباكات ضارية مع جنود وآليات الاحتلال المتوغّلة جنوب حي الزيتون بمدينة غزة، مشيرة إلى أنها قد استهدفتهم بقذائف الهاون.

كذلك، قالت قناة "الأقصى" الفلسطينية؛ إن قوّة من جيش الاحتلال وقعت بكمين، في حي الزيتون، مشيرة إلى هبوط مروحيات عسكرية في محور نتساريم جنوب مدينة غزة لنقل قتلى وجرحى. وهو الأمر الذي أشار إليه موقع "حدشوت حموت" العبري، بوصفه "حدثا أمنيا صعبا"؛ بينما أفادت تقارير إعلامية عبرية، بمقتل 3 جنود وإصابة آخرين في الحي نفسه.


وبتاريخ 20 شباط/ فبراير الماضي، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمشاركة لواءين من الفرقة 162، عملية عسكرية على الحي، تركّز على ما وصفه بالبنى التحتية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" فوق الأرض وتحتها. مؤكدا أنّ عمليته ستستغرق عدة أسابيع؛ حيث كان يعتقد أنّ جنوده سوف يُواجهون معارك ضارية مع فصائل المقاومة الفلسطينية.

غير أن ما حصل، كان خارج توقّعات الاحتلال الإسرائيلي، إذ بات حي الزيتون، كابوسا وجحيما لقوات الاحتلال، التي واجهت كمائن واشتباكات وُصفت بــ"العنيفة" مع فصائل المقاومة.

"الزّيتون".. جحيم للاحتلال
هنا حي الزيتون، وهو أكبر أحياء مدينة غزة، إذ تبلغ مساحته 9.156 مليون متر مربع تقريبا؛ وثاني أحياء القطاع من حيث السكان، بعدد يصل إلى 78 ألف نسمة تقريبا، وفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية.


ويعيش الحي الذي  يقع في قلب القطاع المحاصر، ويشمل نصفها الجنوبي تقريبا، على معاني كل ما يوصف بالعناد والصلابة في مواجهة المحتل، حيث يوجد بكل ركن فيه، تفاصيل لمعركة ضارية، تكبّد فيها الاحتلال الإسرائيلي الكثير من الخسائر البشرية والعسكرية.

ويعدّ "الزيتون" الذي سُمّي نسبة لكثرة أشجار الزيتون التي تغطي معظم أراضيه؛ أقرب أحياء قطاع غزة لمناطق تمركز الاحتلال الإسرائيلي في جحر الديك وسط القطاع، وأيضا يُعد المنطقة الأقرب إلى الفاصل الجغرافي، الذي تعمل عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي بغرض فصل الشمال عن الجنوب. 

ومنذ انطلاق "النكبة الفلسطينية" خلال عام 1948، استقطب "الزّيتون"، جُملة عائلات هُجّرت قسرا من عدد من الأراضي والقرى الفلسطينية، بمن فيهم عائلة الشيخ أحمد ياسين، وهو من أبرز مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية "حماس". وسنة تلوَ الأخرى، أصبح الحي رمزا لتاريخ طويل من النّضال، وفيه حكايات لا تنتهي من القدرة على البقاء، وإعادة الإعمار عقب القصف.

من أبرز معالم حي غزّة التّاريخي، هو حمام السمرا، وهو من الآثار المُتبقّية من الحكم العثماني للمدينة، وهو مملوك لعائلة الوزير، التي تعدّ أكبر العائلات في الحي، ويعود لها القائد الفلسطيني الشهيد، خليل الوزير.

كذلك، يوجد في الحي، عدد من المساجد القديمة، المعروفة، من قبيل، جامع الشمعة، الذي اندثرت معالمه القديمة؛ وجامع "كاتب الولاية"، الذي يتميّز بمئذنته التي تعود لسنة 735م. وبجانبه توجد كنيسة بيرفيريوس، التي تعد من أقدم الكنائس عبر التاريخ؛ وسُمّيت نسبة إلى القديس بيرفيريوس الذي دفن فيها، في الزاوية الشمالية الشرقية، حيث تعدّ من التحف العمرانية الجميلة، بما تحمله من التماثيل والرسومات التي تزين جدران الكنيسة منذ آلاف السنين.

ومن خلال التوجّه لعمق الحي المُقاوم، تصل لمنزل البورنو الذي يعد بدوره تحفة عمرانية تاريخية، يرجع تأسيسها إلى عهد الدولة العثمانية، بتصميم يحاكي العمارة العثمانية القديمة، وبأحجار جيرية عمرها مئات السنين. والحي أيضا، يعد مسقط رأس الإمام الشافعي، سنة 150 هجرية، وهو أحد أئمة المسلمين الأربعة، حيث تقع داره على مساحة 300 متر مربع تقريبا، ويضم ضريح السيدة آسيا ابنة الإمام.

الزيتون.. مقاومة لا تنتهي 
شهد الحي طوال سنوات مضت، عدّة عمليات، من بينها: 
عملية كتائب سيف الإسلام 1993: حيث قامت كتائب سيف الإسلام التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، بنصب كمين قتل فيه 3 جنود للاحتلال الإسرائيلي.

عملية مصعب بن عمير 1993: حيث قامت كتائب الشهيد عز الدين القسام بتنظيم هذه العملية من قبل عماد عقل وبعض رفاقه.

تفجير ناقلة الجند 2004: حيث تم تفجير ناقلة جند، ما تسبّب بمقتل 6 من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال فترة الاجتياح البري للحي.

عملية حقل الموت 2008: حيث نصبت كتائب القسام كمين لقوة خاصة من قوات الاحتلال.

طوفان الأقصى عام 2023: استطاعت كتائب الشهيد عز الدين القسام، استهداف أحد آليات الاحتلال الإسرائيلي، في أثناء توغلها بالحي.