سياسة عربية

تعرف على تاريخ "العمليات الاستشهادية" في فلسطين من البداية وحتى إعلان استئنافها

عملية استشهادية في تل أبيب عام 1994- جيتي
تعد العمليات الاستشهادية واحدة من الوسائل القتالية، التي لجأت إليها المقاومة الفلسطينية، لتكبيد الاحتلال خسائر كبيرة، في ظل المجازر الوحشية التي يرتكبها، وعدم امتلاك الأسلحة الكافية، في المواجهة، خاصة في المناطق الموجعة للاحتلال، في المدن الكبرى بالأراضي المحتلة عام 1948.

ولم يكن الشكل الحالي للعمليات الاستشهادية معروفا في الساحة الفلسطينية، حتى نهاية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إذ لم تكن الوسائل الخاصة بتنفيذها متوفرة، عدا عن كون الفكرة برمتها، في قيام مقاوم فلسطيني بتفجير نفسه سواء بحزام ناسف أو قنبلة محمولة، أو سيارة مفخخة، أمرا مطروحا أو قابلا للتطبيق.


وبالنظر لإعلان كتائب القسام، بالاشتراك مع سرايا القدس، المسؤولية عن العملية الاستشهادية التي وقعت في تل أبيب، والتي انفجرت فيها القنبلة قبل وصول الاستشهادي إلى هدفه، عودة لهذا النوع من العمليات لتكبيد الاحتلال خسائر والضغط عليه، بعد انقطاع دام سنوات طويلة، منذ نهاية الانتفاضة الثانية.

القصة من البداية

توثق كتائب القسام، أنها صاحبة العملية الاستشهادية الأولى، والتي قام بالتحضير والتخطيط لها القيادي في الكتائب الشهيد يحيى عياش، وعدد من مقاتلي القسام، في الضفة الغربية، وكان المستهدف فيها، بعد عملية رصد لإيقاع أكبر الخسائر، مطعم في غور الأردن بجانب قاعدة عسكرية، معروف بتجمع جنود الاحتلال فيه خلال تنقلاتهم.

وكشف القيادي في القسام، والأسير المحرر عبد الحكيم حنيني في لقاء مصور قبل أعوام، أن الشهيد يحيى عياش وبرفقة خلية كان أحد عناصرها، قاموا بتجهيز حافلة صغيرة، بلوحات إسرائيلية، محملة بنحو 150 كيلوغراما من المتفجرات، وأوكلت مهمة الهجوم فيها للشهيد ساهر تمام.


الشهيد ساهر تمام


وقام الشهيد عياش، بتجهيز السيارة المفخخة، وإجراء التوصيلات بداخلها للتنفيذ، وقام تمام، بقيادتها، والخطة كانت باجتياز كافة الحواجز بسرعة كبيرة، واقتحام الساحة التي تقف بها حافلات الجنود والانفجار أمام المطعم.

ونفذت العملية بدقة، في 16 نيسان/أبريل، 1993، وكان في المطعم حينها، حمولة حافلتين من جنود الاحتلال، كانوا في طريقهم من طبريا إلى القدس المحتلة، ورغم أن الاحتلال تكتم على النتائج بعد أن شكلت له طريقة التنفيذ صدمة كبيرة، إلا أن حنيني كشف أنه جرى رصد المطعم بعد العملية، وكان مدمرا بالكامل، وكافة من فيه قتلوا.

تغيير في الوسيلة

ورغم أن القسام، لم تستبعد هذه الطريقة من العمليات الاستشهادية واستمرت بها، لكن الشهيد يحيى عياش، قام بتطوير الأداء، وابتكار ما عرف بالحزام الناسف، لتكون الحركة أسهل للمقاتلين، والقدرة على اختراق مواقع الاحتلال بعبوات أصغر حجما وأكثر تأثيرا.

واستهلت العمليات الاستشهادية بواسطة الأحزمة الناسفة، على يد الشهيد عمار عمارنة، في 13 نيسان/أبريل 1994، ضمن عمليات الثأر التي أعلن عنها عياش، ردا على مجزرة الحرم الإبراهيمي، والتي ارتكبها المتطرف باروخ غولدشتاين من مستوطنة كريات أربع.


صورة الشهيد عمار عمارنة مع آثار عمليته

وتمكن عمارنة من الوصول إلى مدينة الخضيرة في الداخل الفلسطيني المحتل، وهو يرتدي حزاما ناسفا، وقام بتفجير نفسه في تجمع للمستوطنين، ما أدى إلى مقتل 6 منهم وإصابة العشرات بجروح متفاونة.

أرقام وإحصاءات

خلال المرحلة الأولى من العمليات الاستشهادية، منذ عام 1993، وقعت 5 عمليات استشهادية، 4 منها لكتائب القسام، وواحدة لحركة الجهاد الإسلامي.

وفي عام 1994، نفذت كتائب القسام، 4 عمليات استشهادية، وواحدة لحركة الجهاد الإسلامي كذلك، نتج عنها مقتل 40 مستوطنا للاحتلال، ونحو 144 جريحا.


أما في الفترة ما بين 1995- 2000 فوقعت 22 عملية استشهادية، 11 منها لحركة حماس، و4 لحركة الجهاد الإسلامي، وعمليتان متشركتان بين الحركتين، إضافة إلى 5 عمليات لم يعلن أي فصيل المسؤولية عنها، وذلك لاعتبارات أمنية تتعلق بهوية المنفذين والتي كشفت بعضها كتائب القسام بعد أعوام طويلة.

وأسفرت تلك العمليات، عن مقتل 97 مستوطنا، وإصابة 844 آخرين بجروح متفاوتة.

لكن مع اندلاع انتفاضة الأقصى، وتصاعد المقاومة ضد الاحتلال، والعمليات المسلحة، عادت العمليات الاستشهادية لتضرب في الأراضي المحتلة عام 1948، ووقعت في عام 2001، 27 عملية استشهادية ضد أهداف للاحتلال.

ووفقا للإحصائيات، فقد بلغ مجموع العمليات الاستشهادية في السنوات الأربع الأولى من انتفاضة الأقصى، 219 عملية، قتل فيها 650 بين جنود ومستوطنين للاحتلال، وأصيب جراءها 3277 آخرون.