سياسة دولية

خبير عسكري: كمين محور "نتساريم" يُظهر تطوّر تكتيكات المقاومة

أبو زيد: الكمائن التي تمت مؤخرا مؤشر على تطوّر قدرات المقاومة- جيتي
أكّد الخبير العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، أن الكمين الذي نصبته كتائب القسام في محور نتساريم له عدة دلالات، "أولها سياسية، وهي تزامنه مع إصرار الاحتلال خلال المفاوضات على التمسك بالمحور".

وتابع أبو زيد في حديث خاص "عربي21"، أن "الدلالة الثانية وهي عسكرية، حيث يأتي توقيت العملية مع مع تسريبات هيئة البث الإسرائيلية قبل أيام بأن جيش الاحتلال استنفد كل أهدافه في غزة".

وحول أهمية مكان تنفيذ العملية قال: "تكمن أهمية الكمين بأنه وقع في منطقة أعلن الاحتلال أنه يسيطر عليها بشكل تام بعد أن قام بتطهيرها، الأمر الذي يشير بكل وضوح إلى تطوّر تكتيكات المقاومة في ما يتعلق باختيار الأهداف".

مقاومون جدد
ووفقا للفيديو الذي نشرته كتائب القسام فقد نفّذ الكمين مقاومون بعضهم تم تجنيدهم حديثا، ومع ذلك فإنهم نفّذوا هذه العملية بقوة وبتنسيق عال ودون أخطاء عملياتية تذكر، على الرغم من أن مثل هذه العمليات تحتاج إلى تدريب عال يستغرق وقتا طويلا.

الخبير العسكري نضال أبو زيد، قال عن هذا الأمر، إن "وجود مجندين جددا ضمن منفذي الكمين يؤكد ما تحدث عنه أبو عبيدة في أخر ظهور له حول إعادة تزويد الكتائب بالقوة البشرية والمعدات".

وتابع، بأنه "مقابل هذا النجاح في رفد المقاومة بعناصر بشرية جديدة، يعاني الاحتلال من نقص في عدد القوات البشرية، خاصة مع الخسائر التي تعرض لها".

وأوضح أبو زيد أنه "لوحظ أيضا استخدام قوات الاحتلال جيبات عسكرية من نوع "الهامفي" في منطقة عمليات مرتفعة الحدة، وهذه الآليات خفيفة التصفيح، ما يشير إلى حجم الخسائر الكبير لدى الاحتلال في الآليات المدرعة وخاصة ناقلات الجنود من نوع نمر".

وأشار إلى أن "التوضيع الهندسي للعبوات الناسفة بشكل احترافي يدل على أن المقاومة وبعد أكثر من 10 أشهر من القتال لا تزال قدراتها الاستطلاعية متماسكة وتستطيع إيقاع خسائر بقوات الاحتلال".

واعتبر أبو زيد أن "الكمائن التي تمت مؤخرا (نتساريم والبراء والفرحين) هي مؤشر على أن قدرات المقاومة تتطور ولم يتم القضاء عليها كما أشارت تصريحات جيش الاحتلال قبل عدة أيام"، يضاف إلى ذلك أن "مثل هذا النوع من تكتيكات حروب العصابات يستنزف قوات الاحتلال لما له من آثار عملياتية ونفسية على الجنود في منطقة عمليات غزة".

تصوير جوي
من جهته قال الخبير العسكري والاستراتيجي، حاتم كريم الفلاحي، في تصريحات إعلامية، إن "لقطات الفيديو الذي عرضته كتائب القسام يدل على أن هناك إمكانية للتصوير الجوي، وهذا يعني أنه تم تصوير منطقة العملية من خلال طائرات مُسيرة تمتلكها القسام".

وأوضح الفلاحي، في تحليله العسكري للكمين على قناة "الجزيرة"، أنه "عندما نتحدث عن هجوم القسام في هذا الكمين فهذا يعني إمكانية التحول من الدفاع إلى الهجوم، وهذا تحول نوعي بالنسبة لفصائل المقاومة، وهذه العملية هي الرابعة التي تقوم فيها المقاومة بالإغارة وليس الدفاع، واحدة لسرايا القدس وثلاثة للقسام".

رصد ناجح
وحول كيفية تمكن المقاومة التحول من الدفاع للهجوم في هذه العملية قال الفلاحي: "أولا الرصد الجيد وثانيا معرفة ما يقوم به الاحتلال في هذه المناطق، حيث نجحت المقاومة في عملية الرصد الدقيق والمعلومات الاستخبارية الكاملة عن قوات الاحتلال التي تعمل في هذه المنطقة".

وتابع: "ثانيا نجحت المقاومة في عملية التسلل إلى خلف خطوط العدو المتواجدة في المنطقة، والقيام بعملية نصب العبوات في هذه المناطق التي تُعتبر مناطق دعم لوجستي".

وأوضح أن "الطريق الذي تم تنفيذ الكمين فيه تستخدمه قوات الاحتلال لعملية التنقل، وبالتالي فإن هذا يدل على معرفة الفعاليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي وطرق الإمداد التي يتنقل عليها".

وقال: "أيضا نجحت المقاومة في عملية التسلل دون أن يتمكن جيش الاحتلال من كشفها، من خلال الطائرات المُسيرة أو الرصد الأرضي رغم الإمكانيات الكبيرة".

وخلص الفلاحي إلى القول إن "النجاح في زرع العبوات في طريق يستخدمه الاحتلال مع القيام بالتمويه لتظهر وكأنها ضمن طبيعة الأرض الموجودة، بل إنه وصل الحد بهم في التمويه إلى أنهم قاموا بتمويه السلك المتفجر".

وكانت كتائب القسام قد بثت الأحد مشاهد غير مسبوقة لكمين نصبته في محور نيتساريم، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، بعد أن تمكن مجندوها من الدخول إلى المنطقة المكشوفة والمُدمرة بالكامل.

وأظهرت اللقطات المقاتلين وقد تمكنوا من الدخول بعتادهم الشخصي وأيضا العبوات الناسفة التي استخدموها في الكمين، إلى منطقة مكشوفة، وتعدّ ممرا لآليات الاحتلال في منطقة جنوب تل الهوا في مدينة غزة.

‌وتحصّن المقاتلون في أحد المنازل بعد رصد طريق الآليات، وقاموا بتجهيز العبوات الناسفة الخاصة للكمين، ونصبها في طريق الآليات، وانتظار وصول الهدف المراد تدميره.

واستهدف المقاتلون مركبتين من طراز هامر، تتبعان لجيش الاحتلال، وقاموا بتفجير عبوتين ناسفتين، وأصابوا الجنود بداخلها في مقتل، وخرجوا للإجهاز على المصابين، عبر إطلاق النار بشكل مباشر على من تبقى منهم على قيد الحياة.