صحافة دولية

انتقاد لسعي نتنياهو لإثبات نفوذه في الولايات المتحدة على حساب قطاع غزة

ألقى نتنياهو خطاب أمام الكونغرس الأمريكي للمرة الرابعة- الأناضول
نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، مقالا أشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إثبات أن نفوذه في الولايات المتحدة يتجاوز البيت الأبيض، لكن وفقا للكاتب إيشان ثارور فإن نتنياهو يعمل على فعل ذلك على حساب قطاع غزة.

ولفت ثارور في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن زعيم الاستقطاب الإسرائيلي تمكن بفضل المشرعين الأمريكيين، من التفوق على ونستون تشيرتشل.

وقال إن دعوة نتنياهو للخطاب أمام جلسة مشتركة للكونغرس هي المرة الرابعة التي تتم دعوته فيها لإلقاء مثل هذا الخطاب، متجاوزا رئيس الوزراء البريطاني في زمن الحرب الذي كان تمثاله النصفي يحتل مكانا بارزا في البيت الأبيض. 

وأضاف أن نتنياهو وصف نفسه في كثير من الأحيان بأنه رجل الدولة المحارب الذي لا غنى عنه في إسرائيل، ولكن من غير المرجح أن يزيّن تمثاله المكتب البيضاوي في أي وقت قريب. ويتمتع رئيس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ طويل في تحويل رؤساء الولايات المتحدة الودودين إلى بيادق في معاركه السياسية الخاصة، واستخدام جوانب معينة من المشهد في واشنطن كمنصات لحملاته الخاصة في إسرائيل. 

وأشار أنشيل فيفر من صحيفة هآرتس إلى أن "الشيء الوحيد المشترك بين خطابات نتنياهو الأربعة أمام الكونغرس كرئيس للوزراء هو أنها جاءت جميعها بدعوة من القيادة الجمهورية في الكابيتول هيل وخلال فترة ولاية رئيس ديمقراطي كان لديه خلافات سياسية كبيرة معه. وفي كل مرة، سعى نتنياهو إلى إثبات أن نفوذه في أمريكا يتجاوز البيت الأبيض، بمساعدة حلفائه في الحزب الجمهوري".
 
وأشار المقال إلى أن المرة الأولى التي خاطب فيها نتنياهو الكونغرس كانت قبل ما يقرب من ثلاثة عقود في عام 1996، عندما كان هو وحلفاؤه اليمينيون قد وصلوا للتو إلى السلطة في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، الذي بذل جهوده نحو تحقيق السلام مع الفلسطينيين وهو ما عارضه نتنياهو. وكان آخر خطاب له أمام الكونغرس في عام 2015، عندما عارض الدبلوماسية النووية لإدارة أوباما مع إيران قبل أسابيع فقط من الانتخابات الإسرائيلية. 

وذكر أنه هذه المرة، اعتلى نتنياهو المنصة في أجواء يمكن القول إنها الأكثر سخونة حتى الآن: إسرائيل واقعة في قبضة الحرب المروعة والبشعة التي استمرت عشرة أشهر في قطاع غزة، والتي شنتها في أعقاب الهجوم الدموي الذي شنته حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على البلاد. لقد أصبح جزء كبير من الأراضي الفلسطينية في حالة خراب، وقُتل عشرات الآلاف، ويبدو أن نتنياهو غير مستعد للالتزام بأي خطط جدية لإنهاء الحرب أو ما بعدها، وهو الأمر الذي أثار استياء إدارة بايدن والعديد من الإسرائيليين. 

ووفقا لاستطلاعات الرأي الإسرائيلية، فإن غالبية الجمهور الإسرائيلي يريد استقالة نتنياهو، مع اقتناع العديد من الإسرائيليين بأنه لا يفعل ما يكفي لإعطاء الأولوية لإطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين لدى حركة حماس، وفقا للكاتب.

ولفت المقال إلى أن مجموعة من القادة العسكريين وقادة وكالات المخابرات الإسرائيلية السابقين البارزين، كتبوا في رسالة مفتوحة إلى قادة الكونغرس الأمريكي يوم الثلاثاء: "يشكل رئيس الوزراء نتنياهو تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل. ليس لديه أهداف استراتيجية واضحة للحرب في غزة، ولا خطة لليوم التالي". 

وما يزيد من تعقيد الإجراءات بالنسبة لنتنياهو هو رد الفعل الأمريكي، وفقا للكاتب، الذي أوضح أن التطورات غير المسبوقة في الأيام العشرة الماضية، محاولة اغتيال المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب وقرار الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق، استهلكت الحوار في واشنطن وستجعل من الصعب على نتنياهو أن يحتل مركز الصدارة. وقال دينيس روس، الدبلوماسي الأمريكي السابق ومفاوض السلام، خلال ندوة عبر الإنترنت استضافها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "لا توجد قدرة في هذه المدينة على التركيز على هذا الخطاب بالطريقة التي كان من الممكن أن تكون عليها من قبل".

وكان الديمقراطيون أنفسهم يواجهون ضغوطا متجددة من جماعات المصالح والمناصرة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل. وقال بول أوبراين، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة، في بيان يحذر فيه من تواطؤ الولايات المتحدة في جرائم الحرب المزعومة في غزة: "لقد طفح الكيل. لقد حصلت الحكومة الأمريكية على أدلة وافرة من خبراء من جميع أنحاء العالم على أن الأسلحة الأمريكية المنشأ قد استخدمت في جرائم حرب وعمليات قتل غير قانونية من قبل الحكومة الإسرائيلية. إن استمرار عمليات نقل الأسلحة سيجعل الولايات المتحدة متواطئة في انتهاكات القانون الدولي المرتكبة بهذه الأسلحة"، وفقا للمقال.

وقد رددت سبع نقابات عمالية كبرى هذه الدعوات يوم الثلاثاء، والتي دعت في رسالة مفتوحة مشتركة إلى بايدن إلى وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. وأشارت المجموعة، التي تضم الاتحاد الدولي لموظفي الخدمة واتحاد عمال السيارات المتحدين، إلى أن "أعدادا كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، وكثير منهم من الأطفال، ما زالوا يُقتلون، وغالبا ما يُقتلون بقنابل مصنعة في الولايات المتحدة. وتتفاقم الأزمة الإنسانية يوما بعد يوم، مع حدوث مجاعة ونزوح جماعي وتدمير للبنية التحتية الأساسية بما في ذلك المدارس والمستشفيات". 

وخلصوا إلى أن "وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل هو الطريقة الأسرع والأكثر ضمانا للقيام بذلك، وهذا ما يتطلبه القانون الأمريكي، وسيُظهر التزامكم بتأمين سلام دائم في المنطقة". 
وفي غزة نفسها، لا تزال الظروف مزرية. وحذرت منظمة الصحة العالمية من رصد آثار لمرض شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في القطاع. ويلجأ أكثر من مليون شخص إلى الخيام وسط موجات الحر الصيفية. ويعتقد أن المجاعة سائدة في معظم أنحاء غزة. 

وتستمر الهجمات الإسرائيلية المتواصلة في نقل المدنيين الفلسطينيين من منطقة متضررة إلى أخرى، بما في ذلك نزوح جماعي جديد هذا الأسبوع من حي المواصي بمدينة خانيونس، والذي كانت إسرائيل قد صنفته في السابق منطقة آمنة.

ولا تزال تقع حوادث سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بسبب القصف الإسرائيلي. وقد قُتل ما يقرب من 40 ألف شخص - غالبيتهم من النساء والأطفال - وفقا للسلطات المحلية، بينما ذكرت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن حوالي 21 ألف طفل قد يكونون في عداد المفقودين، بحسب ما ذكره الكاتب.