صحافة دولية

هؤلاء الرؤساء الأمريكيون الذين أدّوا مهامهم وهم في حالة صحية سيئة

واصل الرئيس أيزنهاور رفضه التخلي عن الترشح لفترة جديدة في البيت الأبيض- إكس
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا استعرضت فيه أمثلة عن رؤساء سابقين للولايات المتحدة، لم تمنعهم المشاكل الصحية من تولي الرئاسة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن رسميا انسحابه من السباق الرئاسي في 21 تموز/ يوليو. وتم تسليط الضوء على حالته الصحية في كثير من الأحيان، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة أن العديد من أسلافه نفّذوا مهامهم وهم في حالة صحية صعبة.

وفي خطاب مساء الأحد، أعلن بايدن تخليه عن الترشح مرة أخرى لرئاسة الولايات المتحدة. ربما أراح جو بايدن ملايين الأمريكيين بهذا الخبر دون أدنى شك، ولكن نحن لا نتحدث عن أنصار ترامب المتحمسين، الذين رأوا في نهاية مواجهة بايدن مع "بطلهم" ترامب انتصارا سهلا له، بل أولئك الذين قد يخشون أن رئيسهم الطاعن في السن يخوض معركة لا جدوى منها.

وفي حالة انتخابه مرة أخرى، وهو حدث ليس مستبعدا تماما، فإنه سينضم إلى مجموعة الرؤساء الأمريكيين الذين كان غيابهم أو قراراتهم الكارثية، في بعض الأحيان، نتيجة لتدهور صحتهم.

18 رئيسا يعانون من اضطرابات جسدية
على عكس بايدن، واصل الرئيس أيزنهاور رفضه التخلي عن الترشح لفترة جديدة في البيت الأبيض. بالتأكيد، لم يكن ذلك بسبب عمره، حيث كان يبلغ من العمر آنذاك 66 سنة فقط عام 1956، بل لأنه أصيب بنوبة قلبية في السنة السابقة لترشّحه. بذلت حاشيته، لا سيما زوجته مامي، كل ما في وسعها لإقناعه بعدم الترشح مرة أخرى. وكان لديهم أسباب وجيهة للقلق. 


وبعد مرور سنة واحدة فقط على إعادة انتخابه، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1957، أصيب بسكتة دماغية، لكن هذا لم يمنعه من استكمال ولايته. ووفقا للمؤرخين، فإن عناد أيزنهاور لم يكن له عواقب سياسية كبيرة للغاية، خاصة إذا قارنا هذه الحلقة بأحداث أخرى أكثر دراماتيكية في السلسلة الطويلة من الرؤساء الأمريكيين ضحايا المشاكل الصحية. ووفقا لدراسة أجراها أطباء نفسيون في جامعة ديوك سنة 2006، فإن من بين أول 37 رئيس أمريكي، كان 18 منهم يعانون من اضطرابات جسدية أو نفسية أو سلوكية.

صحة جون كينيدي الهشة
بعد انتهاء سنوات ولاية رئيسها العليل أيزنهاور، تحمست أمريكا في سنة 1960 للرئيس الشاب الذي اختارته: شاب وسيم، رياضي، سحق منافسه ريتشارد نيكسون خلال المناظرة الرئاسية الحاسمة. ومع أنه ظهر شاحبا ومتعرقا، كان أمام الجميع قويا وواثقا من نفسه.

ربما كان جون فيتزجيرالد كينيدي أحد الرؤساء الذين كانت حالتهم الصحية هي الأكثر خطورة. وكان أيضا أحد الذين تمكنوا بشكل كبير من إخفاء عللهم، حيث بدا متيقظا وواثقا من نفسه. لقد كان يعاني منذ طفولته من هشاشة العظام، ما أدى إلى آلام شديدة في ظهره، أجبرته على ارتداء دعامة ظهر بشكل مستمر، كما كان يعاني من مرض نادر في الغدد الصماء وهو مرض أديسون. ليتمكن من تحمل الصدمات، كان يتناول الكورتيكوستيرويدات ومضادات الاكتئاب وهرمونات الغدة الدرقية وحتى الأمفيتامينات.

وكانت ولاية جون كينيدي، التي توقفت بشكل مأساوي في دالاس، أقصر من أن يتمكن المؤرخون من طرح السؤال حول ما إذا كانت الأمراض التي عانى منها قد خلفت تأثيرا على سياساته. في المقابل، لم يترددوا في طرح هذا السؤال بشأن فرانكلين روزفلت أو وودرو ويلسون.

بحلول الوقت الذي انتقل فيه ويلسون إلى البيت الأبيض في سنة 1913، كان قد تغلب بالفعل على عدة نوبات قلبية، كانت خطيرة بما فيه الكفاية، لدرجة أن رؤيته في عينه اليسرى انخفضت بشكل كبير. حتى أن طبيب أعصاب بارز توقع أنه لن يكمل فترة ولايته. لكنه أحبط هذا التنبؤ، وبعد إعادة انتخابه وانتصار الحلفاء سنة 1918، شارك في مفاوضات باريس التي أدت إلى معاهدة فرساي. ولكن، نظرا لأنه أكثر ضعفا بسبب قصور القلب، فقد أصيب بسكتة دماغية بعد إصابته بالأنفلونزا الإسبانية. لقد كان طريح الفراش كل يومين، لدرجة أنه كان عاجزا عن إجبار حلفائه الفرنسيين والبريطانيين على عدم إذلال ألمانيا المهزومة. ويُقال إن هذا الإذلال ساهم إلى حد كبير في ظهور الرايخ الثالث.



وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، اشتبه المؤرخون أيضا في أن الرئيس فرانكلين روزفلت أيضا، كان موضع شك لعدم امتلاكه القوة اللازمة بسبب الأمراض التي كان يعاني منها، لمعارضة الرؤى المهيمنة لستالين على أوروبا الشرقية. وشلل الأطفال الذي عانى منه منذ سنة 1923 لم يمنع الناخبين الأميركيين من اختياره رئيسا في سنة 1933، وهو رجل مشلول الساقين، ولا يستطيع التحرك إلا على كرسي متحرك. لكنه كان يخفي ذلك... بفضل تواطؤ الصحف. وكان هذا واضحا قبل التغطية الإعلامية الجامحة واختراع شبكات التواصل الاجتماعي.

نحو الفحص الطبي الإلزامي؟
في مؤتمر يالطا في شباط/ فبراير 1945، عانى روزفلت من ارتفاع حاد في ضغط الدم، ما أدى إلى "قصور القلب الاحتقاني". وقال اللورد موران، طبيب تشرشل: "لقد كان يجلس بفم مفتوح، وغير قادر على المشاركة في المناقشات". وأيضا، عندما يتعلق الأمر بالحد من تقدم الجيش الأحمر في أوروبا، لم يفعل الكثير لمساعدة رئيس الوزراء البريطاني على احتواء طموحات ستالين. وكشف ابنه بعد وفاته في نهاية ولايته، في سنة 1989، عام سقوط جدار برلين، أنه يعاني من مرض الزهايمر.

وعلى الرغم من احتجاجهم على الشفافية المطلقة، يُظهر التاريخ أنه لم يقل أي من رؤساء الولايات المتحدة الستة والأربعين الحقيقة عن حالتهم الصحية. أما بالنسبة للمرشحين الرئاسيين، ففي سنة 2008، اقترحت الجمعية الطبية الأمريكية أن يخضعوا لفحص من قبل لجنة طبية مستقلة. لكن ظل هذا الاقتراح حبرا على ورق.