سياسة عربية

بين "أنصار الله" وأنصار نتنياهو.. مواقف متضادة من اتساع الحرب

هجوم الحوثيين على "تل أبيب" مثل نقلة نوعية في العمليات ضد الاحتلال- إكس
ما زالت تداعيات العدوان الإسرائيلي على اليمن في تصاعد مستمر، حيث تبدي عدة أطراف مخاوفها من توسع الصراع في المنطقة ليشمل جبهات عدة تبدأ من جنوب لبنان ولا تنتهي في اليمن.

ومنذ بداية العدوان على غزة، كانت أصوات حلفاء الولايات المتحدة والاحتلال مجمعة على عدم اتساع الحرب، وعلى النقيض من ذلك كانت رغبة المقاومة الفلسطينية التي دعت منذ اليوم الأول لفتح جبهات مع الاحتلال في مختلف الساحات.


"يافا" قلبت المعادلة
تدرجت الجهات التي أعلنت مساندتها للمقاومة الفلسطينية بعملياتها ضد الاحتلال على عدة مراحل، كان آخرها من اليمن، عندما أعلن يحيى سريع الناطق باسم الحوثيين مطلع أيار/ مايو الماضي، انطلاق المرحلة الرابعة من التصعيد حيث "تشمل استهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة".

ومثلت عملية الخميس نقلة نوعية في العمليات التي يتبناها الحوثيون، إذ وصلت إلى قلب "تل أبيب" وأحالت الأمن الذي يزعم الاحتلال توفيره للمستوطنين إلى وهم، انفجر عبر مسيرة "يافا" اليمنية التي قتلت وأصابت عددا من "الإسرائيليين" في شارع يهودا.

وجاء رد الاحتلال بشن غارات جوية استهدفت ميناء الحديدة وخزانات الوقود فيه، ومحطة الكهرباء، أدت إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة 87 آخرين بحروق مختلفة، وفق وزارة الصحة الحوثية.

وتبنى جيش الاحتلال الإسرائيلي شن الغارات، في ما اعتبرها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "ردا مباشرا" على هجوم بطائرة مسيرة شنته جماعة الحوثي على مدينة "تل أبيب" فجر الجمعة، أدى إلى مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.

ويقول المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" العبرية، آفي أشكنازي، إن "مهاجمة سلاح الجو أهدافا في الحديدة باليمن، هي محاولة من تل أبيب لصياغة معادلة جديدة في الشرق الأوسط، ورسالة إلى إيران مفادها أن إسرائيل مستعدة لمهاجمة مواقع بعيدة جدا، على مسافة 1700 كيلومتر".

وأضاف، أن "الاعتبارات والدوافع  للهجوم لم تكن فقط الرد على الحوثيين وتعزيز الردع ضدهم، بل نقل رسالة إلى كافة مكونات المحور الإيراني".

وأشار أشكنازي، إلى أن "الغارات الإسرائيلية على اليمن، تحمل أيضا رسالة تحذير لهجمات حزب الله المستمرة ضد إسرائيل، إذ إن الهدف أيضا هو توجيه ضربة للطرف الذي يلحق الضرر بالشحن الدولي في البحر الأحمر والمنطقة برمتها، وبالتالي تعزيز التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي".


لا قواعد اشتباك بعد اليوم
عقب الهجوم بدا أن الحوثيين قد عزموا على الدخول في الحرب من أوسع أبوابها، حيث قال زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، إنه سعيد في المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة وبريطانيا.

وأضاف الحوثي في أول خطاب بعد العدوان الإسرائيلي على محافظة الحديدة، أن "تكون المعركة مباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي هو فشل كبير جدا للعملاء ويتضح في بياناتهم مدى حمقهم وغضبهم".



من جانبه قال عبد السلام المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي، إن المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي مفتوحة، متوعدا باستهداف "العمق الإسرائيلي، وكل المنشآت الحساسة بمختلف مستوياتها ستكون هدفا لنا".

وأضاف خلال مقابلة مع شبكة الجزيرة، أنه "لا خطوط حمرا في ردنا على العدوان الصهيوني".

وأكد عبد السلام، أن "العدوان الإسرائيلي على الحديدة سافر والعدو بدأ حربا مفتوحة"، مبينا أن "الجماعة نفسها طويل والمعركة مهمة وكبيرة ولها تداعياتها".

وأوضح، أن "طبيعة الرد على العدوان الصهيوني تحددها طبيعة المعركة وظروفها، كما أننا لن نلتزم بأي قواعد اشتباك مع العدو الصهيوني".

وبشأن تهديدات الحوثيين، يدعو المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون إلى عدم الاستهانة بتهديدات الحوثيين، مؤكدا أن القيادة السياسية والعسكرية للاحتلال "تأخذ  بعين الاعتبار أنه سيكون هناك رد فعل من اليمن، وهو ما يضع قوة الردع الإسرائيلية على المحك".

وأضاف، أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في أعلى جهوزية، من خلال تكثيف التشكيلات الدفاعية، وإجراء تقييم استثنائي بوزارة المواصلات والسكك الحديدية والموانئ والطيران، استعدادا لاحتمال أن يلحق الحوثيون الضرر باستهداف مشاريع البنية التحتية الحيوية".


رغبات متضادة
لا يخفى على أحد الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال، فواشنطن تشن منذ أشهر عدوانا على اليمن بعد أن نجحت جماعة أنصار الله بقطع طريق البحر الأحمر على الاحتلال والسفن المتجهة لموانئه.

وبدت عدم مشاركة واشنطن بالضربات على اليمن، نوعا من الرغبة في عدم التصعيد، وهذا هدف ذكره بايدن ووزراؤه مرارا، فظاهره يتحدث عن منع اتساع حرب إقليمية تضر بالجميع، وباطنه يخفي استفراد الاحتلال بغزة.

وهذا ما نوه إليه زعيم جماعة أنصار الله في اليمن عندما قال، إن "العدوان على اليمن ليس من واقع مريح للعدو الإسرائيلي ما اضطره إلى تجاوز استراتيجية التفرد بغزة ومقاومتها، وضمان الحماية من الأمريكي والعملاء". 

وعلى ذات المنوال الأمريكي، بدت مواقف عدد من الدول العربية، التي لم تدن العدوان لكنها عبرت عن قلقها من اتساع الحرب وتصعيد المواجهة ضد الاحتلال.

ومساء السبت، قالت الخارجية المصرية إن "هجمات إسرائيل على اليمن تزيد من تصاعد حدة التوتر الحالي على كافة الجبهات".

وحذرت الوزارة، عبر بيان، من "مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة على إثر تطورات أزمة قطاع غزة ودفع الإقليم بأسره إلى دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار".

ودعت "كافة الأطراف لضبط النفس والتهدئة وتجنب الانزلاق إلى فوضى إقليمية".

ودعت الخارجية السعودية كافة الأطراف إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب، وأن يضطلع المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة بأدوارهم ومسؤولياتهم لإنهاء الصراعات في المنطقة".

وأكدت "استمرار جهود السعودية لإنهاء الحرب على غزة، ودعمها المستمر لجهود السلام في اليمن لتجنيب شعبها الشقيق المزيد من المعاناة وتحقيق الأمن والسلم في المنطقة".