طب وصحة

النوم والغذاء الصحي.. سلاحنا في وجه الشيخوخة والخرف

البروفيسور ووكر: النوم يضبط صحة الدماغ ويطهره من بروتينات بيتا أميلويد وتاو المسببتان للزهايمر
أدت الزيادات الهائلة في متوسط العمر المتوقع على مدى المئتي عام الماضية إلى ظهور مجموعة من الأمراض المرتبطة بالعمر، أبرزها الخرف.

لكن منطقة مثل لوما ليندا، على بعد ساعة شرقي لوس أنجلوس، تقدم إجابة حول إمكانية إبطاء الشيخوخة.

تم تحديد لوما ليندا باعتبارها واحدة من ما تسمى بالمناطق الزرقاء في العالم، وهي الأماكن التي يعيش فيها الناس عمرًا أطول من المتوسط، وفي هذه الحالة، وهي موطن مجتمع كنيسة اليوم السابع السبتية.

في تحقيق أجرته "بي بي سي" وصلت المراسلة إلى لوما ليندا، وكانت على موعد على مائدة الإفطار عند ماريكي البالغة من العمر 76 عامًا، وزوجها توم.

قي لوما ليندا لا يشربون الكحول أو الكافيين، ويلتزمون بنظام غذائي نباتي ويعتبرون أن الاعتناء بأجسادهم واجب ديني.

هذه هي "رسالتهم الصحية"، كما يسمونها، وقد وضعتهم على الخريطة، فقد كانت المدينة موضوعًا لعقود من البحث حول الأسباب التي تجعل سكانها يعيشون بشكل أفضل ولفترة أطول.

يقول الدكتور غاري فريزر، من جامعة لوما ليندا، إن أعضاء مجتمع كنيسة اليوم السابع السبتيين لا يمكنهم أن يتوقعوا عمرًا أطول فحسب، بل أيضًا "فترة صحة" أطول - أي الوقت الذي يقضونه بصحة جيدة - بزيادة 5 سنوات إضافية للنساء و7 سنوات للرجال.

ليس هناك سر عظيم بالنسبة لـ لوما ليندا حيث يعيش مواطنوها ببساطة حياة صحية حقًا، ويحافظون على التحفيز الذهني ويقدّرون المجتمع وخلفيته الدينية.

وهناك محاضرات منتظمة حول الحياة الصحية ودروس التمارين الرياضية.

تتبع الشيخوخة
من الممكن الآن تحديد الأشخاص الذين تشيخ أدمغتهم بشكل أسرع مما ينبغي، حتى يمكن تتبعهم ومعالجتهم بشكل وقائي أفضل في المستقبل.

وقد عرض أندريه إيريميا، الأستاذ المشارك في علم الشيخوخة وعلم الأحياء الحسابي في جامعة جنوب كاليفورنيا، نماذج الكمبيوتر التي تقيّم كيفية تقدم أدمغتنا وتتنبأ بتدهورها.

لقد ابتكرها باستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، وبيانات من 15 ألف دماغ وقوة الذكاء الاصطناعي لفهم مسار كل من العقول التي تتقدم في السن بشكل صحي وتلك التي تعاني من الأمراض مثل الخرف.

وقال: "إنها طريقة متطورة للغاية للنظر إلى الأنماط التي لا نعرف عنها بالضرورة كبشر، ولكن خوارزمية الذكاء الاصطناعي قادرة على التقاطها".

وبدأت الشركات الخاصة بتسويق هذه التكنولوجيا أيضًا، إذ تقدم إحدى الشركات، وهي شركة برينكي، الخدمة في مجموعة متنوعة من العيادات حول العالم، وبحسب مؤسسها أوين فيليبس فإن الحصول على التصوير بالرنين المغناطيسي سيصبح أسهل في المستقبل.

وقال: "لقد أصبح من السهل على الناس الحصول على فحص التصوير بالرنين المغناطيسي، والصور الصادرة منه أصبحت أفضل".

وتابع قائلا: "لقد وصلت التكنولوجيا للتو إلى مرحلة أصبحنا فيها قادرين على رؤية الأشياء في وقت أبكر بكثير مما كنا نستطيع في الماضي، وهذا يعني أنه يمكننا أن نفهم بالضبط ما يحدث في دماغ المريض، ومع الذكاء الاصطناعي، يمكننا تعزيز هذا الفهم”.

وقال البروفيسور إيريميا إن هذه نظرية بحث فيها الكثيرون على الرغم من عدم إثباتها، مضيفًا أن الهدف هو إيجاد طريقة لمواصلة التغلب على الخرف ودفعه إلى ما وراء متوسط العمر المتوقع.

النوم سلاح فعال
وهناك عامل مهم آخر أيضًا، وفقًا للبروفيسور ماثيو ووكر، أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا "لماذا ننام"، إذ يقول: "النوم هو الشيء الوحيد الأكثر فعالية الذي يمكنك القيام به كل يوم لإعادة ضبط صحة دماغك وجسمك، ولا توجد عملية في عقلك إلا وتتعزز بشكل رائع عندما تحصل على النوم، أو تضعف بشكل واضح عندما لا تحصل على ما يكفي منه".

وتحدث عن نظام تطهير أدمغتنا، والذي يعمل أثناء النوم عن طريق إزالة بروتينات بيتا أميلويد وتاو، وهما "اثنان من الأسباب الرئيسية الكامنة وراء مرض ألزهايمر".

وترتبط التغيرات في أنماط النوم أيضًا بالخرف، ووصف البروفيسور ووكر كيف أننا لا نرى هذا في الستينيات أو السبعينيات من العمر فحسب، بل يمكن أن يبدأ خلال الثلاثينيات من العمر، لذلك فإن تحديد تلك التغييرات من خلال تتبع النوم يمكن أن يصبح "نموذجًا للوقاية خلال منتصف العمر".

وتقوم شركة فيونا بايو، وهي شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية في ضواحي سان فرانسيسكو، بجمع البيانات عن السناجب الأرضية أثناء السبات وبعده، ومن المعروف أنه في حالة السبات تنخفض درجة حرارة جسم السناجب وينخفض معدل الأيض إلى 1 في المئة فقط من المعدل الطبيعي.

خلال ذلك الوقت، بدت تلك السناجب الأرضية قادرة على إعادة نمو الخلايا العصبية وإعادة تكوين الروابط التي فقدتها أدمغتها، وهدف الشركة من الدراسة هو محاولة تصنيع أدوية لتكرار هذه العملية على البشر، دون الحاجة إلى قضاء نصف العام تحت الأرض.