تصاعدت التحذيرات التركية خلال الأيام الأخيرة من مغبة إجراء الانتخابات البلدية التي أعلنت عنها "الإدارة الذاتية" شمال شرقي
سوريا، في حين كشف كاتب تركي عن استعداد أنقرة لشن عملية عسكرية في حال أخفقت المساعي الرامية إلى تأجيل الانتخابات، مشيرا إلى أن "صيفا ساخنا" في انتظار
تركيا.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، الاثنين، إن بلاده ترفض بشكل قاطع مساعي تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الإرهابي لإجراء انتخابات محلية في سوريا.
وأضاف خلال اجتماع عبر تقنية الفيديو مع قادة الجيش التركي، أنه "من اللافت للانتباه جهود أذرع التنظيم الإرهابي في سوريا لإجراء ما يسمى بالانتخابات المحلية في المناطق ذات الكثافة السكانية العربية"، موضحا أن الحزب الكردي المصنف على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة "يسعى إلى تأسيس دولة إرهابية مصطنعة لا تتوافق مع الواقع الإقليمي".
وشدد الوزير التركي، على أن بلاده "لن تسمح أبدا للمنظمة الانفصالية بإقامة ممر إرهابي خارج حدودها الجنوبية"، حسب تعبيره.
في السياق، شدد الكاتب والصحفي التركي عبد القادر سيلفي على أن صيفا ساخنا ينتظر تركيا هذا العام في حال أخفقت عبر اتصالاتها مع اللاعبين الإقليميين في إلغاء الانتخابات شمال شرقي سوريا.
وأوضح الكاتب في مقال نشر في صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة التركية، أن تنفيذ عملية عسكرية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" قد تكون "على جدول الأعمال" في حال لم يتم إلغاء الانتخابات المحلية المعلن عنها بشكل نهائي.
وقبل أيام، أعلنت "الإدارة الذاتية" في مناطق سيطرة "قسد" التي تقول أنقرة إنها امتداد لتنظيم حزب العمال الكردستاني، عن تأجيل الانتخابات المحلية التي كان من المقرر إجراؤها في 11 حزيران /يونيو الجاري إلى 8 آب /أغسطس المقبل، وذلك بدعوى "الاستجابة لطلب الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية".
ووفقا للكاتب التركي، فإن التأجيل الذي أعلنت عنه الإدارة الذاتية جاء نتيجة للضغوط التي مارستها تركيا، معتبرا أن "الخطر سيظل قائما ما لم يتم إلغاء هذه الانتخابات بشكل كامل".
وشدد سيلفي على "ضرورة إلغاء هذه الانتخابات المزعومة، لأنه من غير المقبول لمنظمة إرهابية أن تختار الحصول على وضع مستقل لنفسها"، مشيرا إلى أن "الانتخابات سوف يليها الإعلان عن الحكم الذاتي ومن ثم إنشاء دولة إرهابية".
رفض أمريكي
طالبت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لـ"قسد"، الإدارة الذاتية بالتراجع عن إجراء الانتخابات المحلية في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.
وقال نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتي، إن "أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما يدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254"، مشيرا إلى أن بلاده "لا تعتقد أن الظروف الملائمة لمثل هذه الانتخابات متوافرة في شمال شرقي سوريا في الوقت الحاضر".
وأضاف في بيان، أن "واشنطن حثت الجهات الفاعلة، بما في ذلك الإدارة الذاتية على عدم المضي قدماً في الانتخابات في الوقت الحالي".
وفي السياق، نقل موقع "تلفزيون سوريا" عن مصدر وصفه بالـ"مسؤول" في الإدارة الذاتية، قوله إن "الانتخابات البلدية التي كان من المزمع إجراؤها يوم 11 من حزيران الجاري، أجلت إلى تاريخ غير محدد، بسبب ضغوطات مارستها الولايات المتحدة".
وأضاف أن المبعوث الجديد للخارجية الأمريكية في شمال شرقي سوريا، سكوت بولز، "مارس ضغوطا كبيرة على الإدارة الذاتية لتأجيل الانتخابات خلال لقاءات مكثفة أجراها الأسبوع الماضي مع قادة المنطقة".
ولفت إلى أن المبعوث الأمريكي "حذر مسؤولي الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية من جدية التهديدات التركية وإن واشنطن لن تكون قادرة على إيقاف أي تصعيد تركي جديد قد يشمل موجة قصف واسعة لمواقع استراتيجية كمحطات النفط والطاقة أو عملية برية محدودة في المستقبل القريب"، حسب موقع "تلفزيون سوريا".
وكان الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، شدد الشهر الماضي خلال مشاركته في مناورات "إفس 2024" العسكرية، على عزم بلاده "منع التنظيم الانفصالي (بي كي كي) من إنشاء دويلة إرهاب" على حدودها الجنوبية شمالي العراق وسوريا.
وقال أردوغان: "لا نكن العداء وليس لدينا أحكام مسبقة ضد أي بلد ولا نطمع في أرض أحد أو في حقوقه السيادية، واتخذنا مؤخرا العديد من الخطوات المهمة لزيادة عدد أصدقائنا وسنواصل بمشيئة الله طريقنا عبر انفتاحات جديدة".
وشدد على أنه "عندما يتعلق الأمر بوحدة أراضي بلادنا وأمن شعبنا فإننا لا نستمع لأحد ولا نخضع لأي تهديدات"، مشيرا إلى أن أنقرة "تتابع عن كثب ممارسات تنظيم بي كي كي ضد سلامة الأراضي التركية والسورية".
تجدر الإشارة إلى أن تركيا نفذت خلال السنوات الماضية العديد من العمليات العسكرية على الأراضي السورية، ضد تنظيم الدولة ووحدات الحماية الكردية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يتخذ من جبال قنديل بالعراق مركزا له.