سياسة دولية

بعد تهاوي ميناء بايدن أمام أمواج غزة العاتية.. ما مستقبل تشغيله؟

منذ تشغيل الرصيف البحري، جرفت الأمواج 4 أجزاء منه إلى المنطقة بين عسقلان وأسدود، وتم سحبها مرة أخرى وإعادتها إلى الرصيف في ساحل غزة- القيادة المركزية الأمريكية
تسبب الإعلان عن توقف الرصيف البحري الذي أقامته الولايات المتحدة في قطاع غزة لإدخال المساعدات الإنسانية، بحرج لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالنظر إلى تكلفته الباهظة، وكونه لم يصمد حتى لأسبوعين، وسط تساؤلات عن مستقبل تشغيله، وسط الإخفاقات المتكررة.

وعند إنشائها الرصيف البحري "المؤقت" في قطاع غزة، قالت الولايات المتحدة إنها تهدف لتكثيف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية مع اشتداد الحاجة إليها في ظل استمرار الحرب والحصار الإسرائيليين لنحو 8 أشهر متتالية.

ولكن، بعد تكبد مئات الملايين من الدولارات وآلاف ساعات العمل من القيادة المركزية "سنتكوم"، ها هو الرصيف الذي ابتدعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتجه إلى ميناء أسدود وسط دولة الاحتلال، بعد سلسلة إخفاقات محرجة حالت دون تأديته دوره شرق البحر الأبيض المتوسط، بسبب أمواج غزة العاتية التي لم يصمد أمامها الميناء المؤقت.


وتعرض رصيف "ترايدنت"، الذي بلغت تكلفة إنشائه 320 مليون دولار، لأمواج عاتية في 25 آيار/ مايو الجاري، فتحررت 4 سفن دعم مهمتها تحقيق الاستقرار فيه، قبل أن تجنح السبت الماضي، على طول السواحل الشمالية لغزة ودولة الاحتلال. وفق البنتاغون.


وبعد جنوحها، تم انتشال واحدة فقط، فيما تعتمد الولايات المتحدة على سلطات الاحتلال للمساعدة في جهود سحب السفن الثلاث الأخرى.

ما مستقبل تشغيل الرصيف؟
أكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أن عمليات الرصيف ستُستأنف بعد إصلاح الرصيف وإعادة تثبيته بعد نحو أسبوع.

لكن ذلك تغير بحلول الثلاثاء الماضي، عندما بدأ تداول صور "الرصيف المؤقت" المدمّر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهر غارقا في البحر.

وقال "البنتاغون"، إن جزءًا من هيكل الرصيف انفصل عن الجزء الراسي، وسيتعين نقل الهيكل كاملا لإجراء إصلاحات من المقدر أن تستغرق أكثر من أسبوع، دون تقديم تصوّر لتكلفة الإصلاحات ولا جدول زمني محدد.


وبينما يؤكد "البنتاغون"، أن تعليق نشاط الرصيف مؤقت، لكن مسؤولين عسكريين أمريكيين شككوا في حديثهم لصحيفة "وول ستريت جورنال" في هذا الأمر، وقالوا إن الرصيف قد لا يكون مناسبا لظروف البحر والرياح في المنطقة.



بدورها، قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إن المشروع شابه منذ البداية العديد من التحديات، من بينها التهديدات الأمنية الناجمة عن هجمات مسلحة محتملة، وصولا إلى نقص الوقود اللازم للشاحنات بسبب الحصار الإسرائيلي.

وتراقب المحافل الإسرائيلية عن كثب، سلسلة من الأعطال والتحديات البحرية التي تحيط بمشروع الرصيف البحري والتي قد تقف عائقا أمام التطلعات الأمريكية بنقل 150 شاحنة مساعدات يوميا للقطاع.

ورغم أن الأمريكيين يدّعون أن نقل البضائع لم يتضرّر، لكن الأحداث توضح مدى تعقيد وصعوبة الخطة.

تال شنايدر، وهي المراسلة السياسية لموقع "زمن إسرائيل" العبري، كشفت أن "الأمريكيين يواجهون حتى الآن صعوبة في تشغيل الرصيف العائم بسبب سلسلة من الإخفاقات، ومن المشكوك في أن تكون الخطوة العسكرية ناجحة".

وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "القيادة الوسطى للجيش الأمريكي كشفت أنه اعتبارًا من 24 آيار/ مايو، سيدخل 1000 طن إلى غزة عبر هذا الرصيف، ويبدو أن ثلثيها تم توزيعها بالفعل عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يو أس إيد، وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، لكن، سلسلة من الأخطاء والتحديات البحرية أدّت لتأخير المشروع".


وتابعت: "لذلك من غير الواضح حاليًا ما إذا كان الأمريكيون يقتربون من الهدف اليومي، لأنه حتى الآن، تم الإعلان عن كمية البضائع الواردة حسب الوزن، والجزء الأكثر تعقيدًا هو توزيع البضائع في جميع أنحاء قطاع غزة". 

إخفاق لبايدن
كارثة تفكك الرصيف مثلت إخفاقا كبيرا لبايدن بينما يسعى لدرء الانتقادات الداخلية ومن المنظمات الإغاثية والحقوقية الدولية، كونه يدعم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، ويتواطأ في "المجاعة الشاملة" الناتجة عن الحصار المشدد، وفق تصنيف الأمم المتحدة.

وفي محاولة سابقة لتوصيل المساعدات، نفذت الولايات المتحدة إنزالات جوية للمساعدات فوق غزة، وهو ما وصفه خبراء بأنه جهد ينطوي على تكاليف أكبر بكثير من تكاليف النقل برًّا، وبكميات أقل بكثير.

ولم تقر إدارة بايدن، بأن هذه الحلول، غير المجدية، لم تكن ضرورية على الإطلاق، لولا إصرار الاحتلال على رفض زيادة عبور المساعدات الدولية إلى مستويات تلبّي احتياجات المدنيين وتعالج سوء التغذية في غزة، إذ لا تزال مستوياتها أقل حتى مما قبل الحرب خلال الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 17 عامًا على القطاع.

ولليوم الـ237 على التوالي يتواصل العدوان على قطاع غزة، تزامنا مع اقتحام بري لمدينة رفح جنوبا، وجباليا شمالا، رغم التحذيرات الدولية، وتردي الوضع الإنساني لمئات آلاف النازحين.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 36 ألفا و224 شهيدا، وإصابة 81 ألفا و777 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.