بورتريه

مارك رافالو.. "بطل خارق" وصوت سياسي لا يمل الحديث عن غزة

عربي21 عربي21
عربي21
فنان شامل، مثل وأنتج وأخرج وكتب للسينما وللمسرح، يعي تماما مسؤوليته كنجم وفنان يؤثر في جمهوره.

عرفه عشاق السينما عبر سلسلة طويلة من الأدوار المؤثرة كان من أشهرها دور العملاق "هالك" في شخصية "الرجل الأخضر" في سلسلة "مارفل" لأفلام الأبطال الخارقين، وعشرات الشخصيات التي جسدها ببراعة متناهية.

فنان شجاع لا يتردد في التعبير عن مواقفه السياسية رغم المخاطر التي قد تواجهه في ظل سيطرة اللوبي الإسرائيلي على صناعة السينما والترفيه في هوليوود.

ولد مارك رافالو في عام 1967 بمدينة كينوشا بولاية ويسكانسن لأب أصوله من إيطاليا وأم من أصل كندي فرنسي وإيطالي. ونشأ معظم سنوات مراهقته بمدينة فيرجينيا ثم انتقل مع عائلته إلى سان دييغو بكاليفورنيا ثم لوس أنجلوس.

عانى في مراهقته من عسر القراءة واضطراب نقص الانتباه وكان شخصية انطوائية، عندها أدرك رافالو قيمة الحياة وبدأ يبحث عن هدف وقد اختار أن يكون فنانا، فبعد التخرج من المدرسة الثانوية، درس الموسيقى، ودخل معهدا للتمثيل لصقل موهبته في الفن وبعد أن حصل على شهادة من مدرسة الدراما، أسس مسرح "أورفيوس".

ورغم أن عائلته لم تؤازره في رغبته في أن يصبح ممثلا، فقد ثابر وتدرب على التمثيل وكتابة السيناريو والمسرحيات.

لقاؤه مع الكاتب المسرحي كينيث لونرغان غير حياته، فقد مثل عدة أدوار في أعماله المسرحية، واستغل فرصة دور أسند إليه في عرض مسرحي كبير ليحصل بعدها على ترشيحات لعدة أدوار جيدة. وقد حاز أداؤه على إشادة من الجميع  وساعده على تأسيس موطئ قدم قوي في هوليوود.

وفرض نفسه بقوة على المخرجين والمنتجين وشارك في عدة أفلام ناجحة، من بينها: "كولاتيرال"، "إشراقة أبدية لعقل نظيف"، "تماما مثل الجنة"، "زودياك"، "جزيرة شاتر"، "الآن أنت تراني"، "أبدأ مرة أخرى"، "صائد الثعالب".. وغيرها من الأفلام الناجحة فنيا وتجاريا.

وفي خضم إسناد المخرجين بطولات له حدث منعطف كبير في حياته حين أصيب بورم في المخ ولم يخبر أحدا عن حقيقة مرضه حتى زوجته سونريس كويغني التي كانت في انتظار مولودهما الأول.

 بعد العملية الجراحية أصيب بشلل جزئي وبالصمم إلا أنه لم ييأس وحافظ على توازنه النفسي وواظب على العلاج وممارسة الرياضة، وبالتدريج عادت الأمور إلى نصابها وعاد للأضواء ودخل استوديوهات هوليوود ثانية.

ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عدة مرات، كان آخرها في حفل الأوسكار الأخير في فئة أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "أشياء فقيرة" وحصل على جائزة  "الإيمي برايم تايم" لأفضل ممثل رئيسي عدة مرات.

وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان "صندانس" السينمائي عن دوره بفيلم "آندي اللذيذ"، وجائزة العالم المسرحي لأفضل فيلم "قتال"، وجائزة "غولدن غلوب" لأفضل ممثل في فيلم تلفزيوني، وجائزة نقابة ممثلي الشاشة لأفضل ممثل في فيلم تلفزيوني. كما أنه رشح لجائزة أفضل ممثل مساعد بمهرجان "البافتا" وغيرها.

يبدو رافالو إلى جانب النجمة السينمائية سوزان ساراندون الأكثر جراءة ووضوحا في مواقفه من الفلسطينيين، وهو ارتباط وثيق، يقول: "ارتباطي بالشعب الفلسطيني جاء من الفلسطينيين أنفسهم ومن خلال سماع قصصهم، ومشاهدة الحرب غير المتكافئة التي يتعرض لها الفلسطينيون، والعنف الذي يتعرضون له، ومن يدفع الثمن هم المواطنون، ولا يوجد سبب لعدم إخضاع حليف لأمريكا إلى نفس المعايير المنطبقة على أي دولة أخرى".

ويوضح أكثر: "أرى أن هناك خطأ وعندما تحدثت عن ذلك وصفت بأنني معاد للسامية، وهو وصف كان يصعب علي سماعه، وحقيقة أن هناك الكثير من الناس سيأخذهم التطرف إلى هذا الحد عند الحديث عن هذا النوع من عدم المساواة، وهذا النوع من القمع والفصل العنصري، وهنا في الولايات المتحدة نعاني من الشيء نفسه.. هناك أمريكا الملونة وأمريكا البيضاء".

وأوضح رافالو في تصريحات تلفزيونية سابقة، عند سؤاله عن سبب دعم القضية الفلسطينية، قائلا: "فوق أي سبب أنا أحب العدالة، وهذا أمر ذو معنى بالنسبة لي، وفي أي مكان في العالم يعاني من الظلم أعتقد أنني بصفتي فنانا فإني أشعر بالمسؤولية للحديث عن هذا الظلم".

ومن مواقفه الشهيرة مقطع فيديو عبر موقع "أكس" يوثّق هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على منزل عائلة فلسطينية في حيفا، وعلق عليه قائلا: "جنود ورجال شرطة إسرائيليون يحاولون اقتحام منزل عائلة فلسطينية في حيفا. هذا هو الإرهاب الذي يواجهه الفلسطينيون الآن في ظل دولة إسرائيل".

وأشار إلى أن فرض العقوبات كان سببا في تحرير جنوب أفريقيا.

وكان موقفه متقدما جدا وشجاعا عندما أدان بشدة، دعوات وزير المالية الإسرائيلي الفاشي والمتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى القضاء على بلدة حوارة الفلسطينية شمال الضفة الغربية المحتلة.

وقال في صفحته الرسمية على "اكس": "لقد حان الوقت لمعاقبة حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة الجديدة وحرمانها من التأشيرات (إلى الولايات المتحدة) لدعواتهم إلى الإبادة الجماعية".

واختتم رافالو حديثه: "لهذا تسميها منظمة العفو الدولية فصلا عنصريا ولماذا هي دولة فصل عنصري؟".

وظهر بشكل لافت بعد الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فوقع مع 55 نجما على رسالة موجهة للرئيس الأمريكي جو بايدن، تطالبه بالتدخل لوقف القصف الإسرائيلي على غزة، والسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى الشعب الفلسطيني، كما أنه نشر تدوينة عبر حسابه على "أكس"، طالب فيها متابعيه بجمع توقيعات لإيقاف الحرب على فلسطين، معلقا بـ"أوقفوا إراقة دماء الأطفال الآن".

وقال رافالو في إحدى الحفلات الفنية بالولايات المتحدة: "نريد من زعماء العالم، وخاصة الرئيس بايدن، أن يطالبوا بوقف إطلاق النار في غزة، وإعطاء فرصة للسلام".

وأضاف قائلا: "نحن الفنانين ندعو إلى إحلال وقف دائم لإطلاق النار، لأنه بات من الواضح أن القصف لن يجدي نفعا لأحد".

ورد بقوة على رئيس  وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي جرد الفلسطينيين من إنسانيتهم قائلا: "إن الفلسطينيين في غزة والأراضي المحتلة بشر، وليسوا أشياء، أو طرقا، أو مباني".. ولا أن يعتبروهم "أضرارا جانبية" للحرب.

وقال إن: "الفلسطينيين بشر ولدوا هناك، ويعيشون هناك، وهم الآن عالقون بسبب الحرب، ولا يمكن التعامل معهم على أنهم أشياء".

لا يترك مارك رافالو أية مناسبة فنية إلا ويستغلها للدفاع عن حقوق الإنسان وعن الإنسان الفلسطيني، فقد اندفع بقوة وحماس بينما كان يسرع على السجادة الحمراء بمسرح "دولبي" في لوس أنجلوس، وخاطب الجمهور المحتشد والصحفيين: "لقد بدأت. لقد تأخرنا. لقد تأخرنا. أدى الاحتجاج الفلسطيني إلى إغلاق حفل توزيع جوائز الأوسكار الليلة. الإنسانية تنتصر".

ولم يتوقف للحظة عن الحديث عن غزة رغم أن كثيرين ملوا أو خافوا، وأثار تصريحه الأخير ردود فعل واسعة متضامنة بعد أن كتب عبر "إكس": "إن الخيار المطروح أمام الفلسطينيين في رفح حاليا هو الموت إما في الصحراء أو في منازلهم".

ولفت إلى أن الفلسطينيين الموجودين في رفح تم إرسالهم إلى "معسكرات اعتقال" يتعرضون فيها للإهمال والظلم.

مارك رافالو الذي حصل على  نجمة في ممشى المشاهير في هوليوود، تقديرا  لمسيرته الفنية الطويلة صوت سياسي يواصل التحدث عن غزة، ويواصل أيضا عمله الإبداعي ويعرف رسالته كفنان شهير بأنه حين يتحدث فهو يحدث تأثيرا كبيرا في ظل وجود ملايين المعجبين والمعجبات والمتابعين لفنه ولمواقفه السياسية.