في مثل هذا اليوم من عام 1947 أُبتليت الشام بولادة النبتة الخبيثة
التي غدت شجرة خبيثة بعد سنوات، إنه ميلاد
حزب البعث الذي سريعاً ما انقلب على
الحياة الديمقراطية السورية، وانقلب على ثالوث شعاراته الذي رفعه مضللاً بذلك
الشعب السوري، ومحازبيه، فكانت الضحية الأولى لانقلاباته، الحياة الديمقراطية،
والتعددية السياسية التي ميّزت الحياة السياسية السورية في مرحلة ما بعد
الاستقلال، وبانقلاب الحزب على الحياة السياسية وتعدديتها السياسية، تم إقصاء
النخب السنية العريقة التي كانت تحكم خلال تلك الفترة، مما مكّن الجيش الذي تأسس
على عين الاحتلال الفرنسي، يوم مكنت فرنسا الأقليات وتحديداً الأقلية النصيرية من
الجيش ومفاصله، وذلك قبل أن يُغير اسمها الاحتلال الفرنسي إلى العلويين، بنصيحة من
العالم الفرنسي ماسينيون.
كان انقلاب البعث في البداية على الوحدة مع مصر، ثم انقلابه على
الحياة السياسية السورية، فانقلابه على القادة القوميين المؤسسين لحزب البعث،
أمثال ميشيل عفلق الذي وجد نفسه لاجئاً في العراق، وصلاح الدين البيطار الذي وجد
نفسه لاجئاً أيضاً في فرنسا ليُغتال على أيدي عصابات أسد لاحقاً، وكذلك أكرم
الحوراني الذي لجأ إلى العراق، وتوفي في منفاه في الأردن، فكان له الوزر الأول
والأخير في تمكين الأقليات من الجيش تحت ذريعة مقاومة الامبريالية وتمكين الفلاحين
والقوى العاملة من السلطة، وقد تفطن كبار قادة البعث إلى ما ارتكبوه مبكراً، ولكن
بعد فوات الأوان، فكتب الأمين العام القومي لحزب البعث منيف الرزاز كتابه المبكر
التجربة المرة فاضحاً حافظ الأسد وعصابته في استخدام الحزب كحصان طروادة لمصالح
النصيريين في حكم
سوريا، وكتب لاحقاً صلاح الدين البيطار رسالته المشهورة من منفاه
في باريس عذراً شعب سوريا العظيم وهو يعتذر عما فعله الحزب بحق سوريا والسوريين،
ليتم تصفيته لاحقاً من قبل عملاء المخابرات السورية، وهو ما تكرر مع زوجة القائد
عصام العطار، وغيره من السياسيين السوريين، وحتى اللبنانيين والفلسطينيين.
ما جناه حزب البعث على الحياة السياسية السورية، حصده السوريون في الثمانينيات قتلا وتشريداً، وتجريفاً للحياة السياسية والثقافية والتجارية السورية، ومعه تم تصفية عشرات الآلاف من خيرة أبناء الشعب السوري، في مجازر شبه يومية بسجن تدمر، والذي قيل إنها بلغت أكثر من 30 ألف قتيل، وتوجها النظام المجرم بمجزرة حماة عام 1982 والتي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف قتيل مدني.
كان آل الأسد يدركون تماماً خطورة الرئة اللبنانية على الأنظمة
المستبدة في سوريا، فهي كانت مقراً يتنفس من خلاله أحرار سوريا، حين حدوث أي
انقلاب عسكري فيها، ولذلك فقد توجه الأسد مبكراً إليها ضمن الخطوط الخضراء
والحمراء التي رسمها لهم أسيادهم في واشنطن وتل أبيب، ومثل هذا لم يعد سراً فقد تم
الكشف عنه بكل صراحة في مذكرات سياسيين أمريكيين واسرائيليين ولبنانيين، فدخل جيش
الأسد في عام 1976 إلى لبنان ليضرب المقاومة الوطنية اللبنانية، ويغتال كمال
جنبلاط، ثم يمكن الأقلية الشيعية، عبر دعم موسى الصدر، ونبيه بري، وأخيراً حزب
الله على حساب القوى الوطنية الناصرية والفلسطينية، وساهم النظام السوري خلال هذه
الفترة بمجازر رهيبة ضد الفلسطيينيين، فكان منها مجزرة تل الزعتر، والكرنتينا،
والبداوي، وصبرا وشاتيلا وغيرها، ووصل الأمر إلى مساعدة الصهاينة في محاصرة ياسر
عرفات وقواته عام 1982 في طرابلس ولبنان، فقال عرفات قولته المشهورة وهو محاصر: (
إن شارون إسرائيل يحاصرنا من البحر، وشارون العرب مشيراً إلى الأسد يحاصرنا من
البر)
ما جناه حزب البعث على الحياة السياسية السورية، حصده السوريون في
الثمانينيات قتلا وتشريداً، وتجريفاً للحياة السياسية والثقافية والتجارية
السورية، ومعه تم تصفية عشرات الآلاف من خيرة أبناء الشعب السوري، في مجازر شبه
يومية بسجن تدمر، والذي قيل إنها بلغت أكثر من 30 ألف قتيل، وتوجها النظام المجرم
بمجزرة حماة عام 1982 والتي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف قتيل مدني.
اليوم يحصد السوريون أيضاً ثمار الشجرة الخبيثة، شجرة البعث، بالحرب
الشاملة التي أعلنها النظام المجرم على الشعب السوري، مستدعياً قوة إقليمية كإيران،
وقوة دولية أجرم منها كروسيا من أجل وأد طموحات السوريين في الحرية والانعتاق من
العبودية، واستخدم كل ما لديه من أسلحة بما فيها المحرمة دوليا، ولكن لا تزال
المعركة مستمرة، معركة الحرية والتخلص من الاستبداد والاحتلال، فالشعب السوري مصمم
على نيل حقوقه، ولو كلفه تشريد أكثر من نصفه..