تخلو مئات آلاف البيوت
الفلسطينية في شمال قطاع
غزة من سكانها للشهر الرابع على التوالي، بعدما أجبرهم
الاحتلال على النزوح منها مع بدء حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها.
وخرج معظم السكان وتركوا أملاكهم وأمتعتهم خلفهم؛ بفعل القصف الإسرائيلي العنيف الذي يستهدف المدنيين بشكل ممنهج ومتعمد.
تقول أم عبد الرحمن (63 عاما)؛ إنها كانت تريد معرفة أخبار منزلها الذي خرجت منه مرغمة في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد اشتداد القصف وتدمير العديد من البنايات من حولها.
وتضيف في حديثها لـ"عربي21"، أنها بقيت على يقين أن بيتها بخير أو لم يتدمر بشكل كبير، مؤكدة: "حصنت بيتي بالأدعية والأذكار، وأنا على يقين أن الله سيحفظه".
وتوضح: "الحمد لله، كافأني الله على هذا اليقين بمكالمة حدثت بين أبو أحمد وهو أحد الجيران وابني، وأكد الجار فيها سلامة بيوتنا إلى حدّ كبير، وأنه عاد إلى بيته وعمل على تأمين البيوت المجاورة".
من جهته، يقول هاني (48 عاما)؛ إنه تواصل مع ذات الجار أبو أحمد، الذي أكد أنه عاد إلى بيته في منطقة المقوسي بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية، ويعمل على تأمين بيته وبيوت الجيران وحراستها.
ويضيف هاني لـ "عربي21": "طلبت من الجار إغلاق أبواب بيتي والنوافذ بما توفر من بقايا الأبواب والأثاث، خشية السرقة أو التلف نتيجة المطر والظروف الجوية".
وتابع: "رد علي أنه فعل ذلك مسبقا حتى دون طلب أحد؛ حرصا على ممتلكات الجيران".
ويكشف هاني أن بيته كان مقرا لجنود الاحتلال بحسب شهادات بعض الجيران، وبحسب ما أخبروه عن وجود بقايا لبعض أدواتهم التي تركوها خلفهم.
ويضيف أن "البيت هو كل ما نملك حتى قبل الحرب كانت الظروف الاقتصادية صعبة ويوجد غلاء، طبعا مش زي الوقت الحالي في الحرب".
بينما يقول الجار أبو أحمد نفسه لـ"عربي21"؛ إنه قرر البقاء في مدينة غزة مع إجبار الاحتلال السكان على الإخلاء، إلا أنه أرسل زوجته وأولاده إلى المناطق الجنوبية للاطمئنان عليهم نوعا ما.
وأضاف أبو أحمد: "صحيح أهل غزة طول عمرهم كرام، لكن الوضع الحالي صعب والكل مش لاقي ياكل حرفيا، بعض الناس تدخل البيوت وتأخذ ما تستطيع حمله، أو ما تجده من طعام ومونة".
وذكر أن العديد من أقارب جيرانه جاؤوا إلى البيوت المجاورة له لنفس العرض، و "من كنت أعرفه ووجهه مألوف لي، كنت أسمح له بالدخول وأرافقه"، موضحا: "الواحد هلقيت بلا مؤاخذة لا عنده شغل ولا مشغلة، كل يومنا بنقضيه ندور على أكل، وأنا نفر واحد بدبر أموري بأي حاجة، وباقي الوقت بقعد حوالين الدور لحفظها من أي ضرر أو سرقة".
وأكد: "هؤلاء ليسوا جيران فقط، إنما إخوة أعرفهم وأعرف عائلاتهم منذ طفولتي، والحفاظ على بيوتهم واجب علينا وعلى الجميع.. هذه البيوت لها صحاب بستنوا اللحظة بس علشان يرجعوا لها".
ولليوم الـ140 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.
ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 29 ألف شهيد، وعدد الجرحى إلى أكثر من 70 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.