حقوق وحريات

الأونروا لـ"عربي21": تحركات واتصالات مكثفة لإنهاء أزمة تعليق التمويل

الأونروا قد تضطر لوقف عملياتها مطلع نيسان/ إبريل المقبل في حال أصرّت الدول المانحة على الاستمرار في تعليق دعمها المالي- جيتي
كشف الناطق الرسمي باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كاظم أبو خلف، أن "هناك تحركات حثيثة جارية واتصالات مكثفة على أعلى المستويات من أجل محاولة إنهاء أزمة قيام بعض الدول مؤخرا بتجميد الدعم الممنوح للوكالة الأممية".

وقال، في حديث خاص مع "عربي21": "نحن نتواصل مع عواصم الدول التي قرّرت تعليق دعمها لنا، ونحاول أن ندفعهم للعدول عن هذا القرار، كما نحاول أيضا مع الدول العربية المعروفة بسخائها وكرمها، والتي لطالما وقفت بجانب الشعب الفلسطيني، وبجانب اللاجئين الفلسطينيين، أن تقف إلى جوارنا في تلك الأزمة العاصفة".

وتابع أبو خلف: "نحن في وكالة الغوث لدينا تحركاتنا المتواصلة من خلال علاقاتنا وقنوات اتصالنا مع الدول المانحة، ولدينا علاقة طيبة مع الدول الصديقة؛ فالدبلوماسية الفلسطينية تتحرك، والدبلوماسية الأردنية تتحرك، بالإضافة إلى بعض الدبلوماسية العربية".

وأضاف: "هناك تحركات أيضا من قِبل الدول التي قررت ألا تعلق دعمها مثل: بلجيكا، وإسبانيا، والنرويج، لحث الدول الأخرى التي علّقت مساعداتها لنا على التراجع عن قرارهم هذا. ولا نزال نسعى لإقناع الدول المانحة للعدول عن هذا الأمر، ونأمل خيرا خلال الفترة المقبلة".

وأردف: "هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى التقدم في هذا المضمار، ولكن لا يزال لدينا المزيد من الجهد لنبذله حتى تُكلل جهودنا بالنجاح، وهي نقطة غاية في الأهمية، ويجب أن تكون بأقصى درجات الوضوح والشفافية".

سيناريو مرعب

بينما استدرك أبو خلف، قائلا: "إذا فشلت -لا قدر الله- جهودنا وجهود الدول الصديقة والمُضيفة، وإذا أصرّت الدول المانحة على الاستمرار في تعليق الدعم المالي فقد نضطر مع بداية نيسان/ إبريل إلى أن ننظر في السيناريو المرعب والمظلم المُتمثل في وقف عملياتنا بكل أسف، ليس فقط في قطاع غزة، وإنما في كافة مناطق عملياتنا".

ولفت إلى أنه من المعروف أن "وكالة الغوث من الوكالات التي تعاني من العجز المالي؛ لأنها تقدم مباشرة كل ما يصلها من تبرعات على شكل خدمات للمستفيدين من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتنا؛ فليس لدينا رصيد مالي نسحب منه، بل ننفق التبرعات أولا بأول، وبالتالي إذا استمر القرار على ما هو عليه الآن فقد نضطر لإيقاف جميع عملياتنا وأنشطتنا في كافة مناطق عملنا الخمس".

وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.

وأكد الناطق الرسمي باسم "الأونروا"، أن "مكتب التحقيقات الداخلية التابع للأمم المتحدة فتح تحقيقا بشأن الادعاءات الإسرائيلية، في حين لم يثبت أي شيء إلى الآن، وبالتالي كان من الأجدر والأجدى أن ينتظر الجميع انتهاء تلك التحقيقات، ومن ثم يجري الحديث عن إعادة هيكلة الأونروا أو تصحيح مسارها أو ما إلى ذلك".

شاهد على قضية اللجوء

وتابع: "الأمر بالنسبة للجانب الإسرائيلي قد يمثل فرصة سانحة للخلاص من وكالة الغوث، وهي محاولات لم تكن أبدا وليدة أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أو حتى نتيجة الادعاءات بأن أحد الزملاء قد يكون قد شارك في أعمال 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ فالمسألة تعود لسنوات إلى الوراء، فهناك في الجانب الفلسطيني مَن يرى في وكالة الغوث شاهدا ورمزا على قضية اللجوء برمتها".

أبو خلف لفت إلى أن "وكالة الغوث في الوعي الفلسطيني تعود إلى جذور القضية، وقد يكون هذا هو السبب ذاته الذي يدفع الجانب الإسرائيلي للخلاص من وكالة الغوث ومحاولة النيل منها بلا كلل أو ملل؛ فالمسألة هي اختيار التوقيت، وهو وقت ظهور تلك الادعاءات".

واستطرد قائلا: "الأونروا وصلت إلى مرحلة لم تعد فيها مجرد وكالة إغاثة وتقديم مساعدات، وإنما هي شاهد حقيقي على مأساة مروعة تذكر العالم بأن هناك شيئا اسمه القضية الفلسطينية وقضية اللجوء، ولعل هذا هو السبب الحقيقي لتلك الحملة الشرسة التي نواجهها خلال الفترة الراهنة من قِبل إسرائيل التي ربما رأت أنها الفرصة السانحة من أجل إنهاء وتدمير وكالة الغوث، ولهذا تكثف من حملتها تلك".

وشدّد الناطق الرسمي باسم "الأونروا"، على أن "وكالة الغوث تُعدّ شريان حياة في غزة، ولا يمكن الاستغناء عنها للاجئين الفلسطينيين في لبنان أو في سوريا والأردن وفي الضفة الغربية".

ضربة قاضية

وزاد: "الغريب والعجيب في الأمر أنه بمجرد صدور الادعاءات سارعت –مع الأسف الشديد- بعض الدول، ومنها كبار الدول المانحة بإصدار قرار تعليق دعمها لوكالة الغوث، وكان هذا بمثابة الضربة القاضية لنا؛ لأن مجموع الدعم المالي الذي تقدمه تلك الدول بلغ عام 2023 أكثر من 800 مليون دولار، وهو ما يعادل ثلثي الميزانية تقريبا، ونرى في قرارها تعجلا لا مبرر له، وينقصه الكثير من التروي والتمهل والتعقل، لأن الحديث حتى الآن يدور حول ادعاءات، وإن كنّا بالفعل قد بدأنا التحقيق فيها".

واستطرد أبو خلف، قائلا: "على ذكر التحقيق، لا زلنا نطلب من الجانب الإسرائيلي أن يتعاون مع هذا التحقيق، لأنه هو المدعي، وعليه أن يقدم الأدلة، وتعاون الجانب الإسرائيلي هو عنصر أساسي في هذه المسألة، وهو ما لا نلمسه إلى الآن".

وتابع: "بشهادة مَن يعرفنا جيدا، نحن المؤسسة الأممية الأكبر العاملة في قطاع غزة، وجرى إنشاء وكالتنا بقرار من الأمم المتحدة، وكان من المفترض أن يكون وجودنا مؤقتا إلا أن وجودنا أصبح مستمرا إلى الآن لأنه لم يتم التوصل إلى حل شامل ومُرض للطرفين بخصوص قضية اللجوء الفلسطيني، ولا توجد مؤسسة في غزة -أو حتى في غيرها- لديها من المقدرة اللوجستية والكادر العامل بها ما يمكنها لتحل بديلا عن وكالة الغوث".

وواصل حديثه بالقول: "وكالة الغوث أداة هامة للغاية في أيدي المجتمع الدولي، والحاجة لخدماتنا لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة أن لدينا 704 مدارس يدرس فيها كل عام نحو نصف مليون طالب فلسطيني جديد، ولدينا مئات المراكز الصحية التي تقدم ملايين الاستشارات الطبية في مناطق عملياتنا الخمس، ولدينا مئات الآلاف من الناس الذين يستفيدون من مساعداتنا النقدية، فضلا عن العديد من خدماتنا الأخرى التي تعتمد على التبرعات التطوعية من قِبل دول العالم، رغم ما يعترينا الآن من حالة الشعور بالخيبة والمرارة في أعقاب الادعاءات والمزاعم الإسرائيلية".   

وكانت 16 دولة علّقت تمويلها للأونروا بعد اتهام إسرائيل 12 من موظفي الوكالة -البالغ عددهم 13 ألفا في قطاع غزة- بالمشاركة في هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب تلك المزاعم الإسرائيلية.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع