كادت
ليلة الإثنين أن تنتهي في أربيل دون أي استهداف للقواعد الأمريكية قرب مطار المدينة
الدولي من قبل "المقاومة العراقية"، حتى هزّت أصوات قوية أرجاء المحافظة
العراقية التي تقع في إقليم كردستان العراق، وبدا أنه هجوم
غير مسبوق.
وبعد سماع
أصوات الرصاص، وانطلاق القوات الأمنية إلى نقاط الاستهداف في ضواحي أربيل، تأكد
استهداف مبنى، ووقوع ضحايا بشرية بداخله. وفي الوقت الذي استمرت فيه الهجمات على
أربيل حوالي ساعة، شوهدت في تلك الأثناء صواريخ في سماء محافظة البصرة العراقية في
الجنوب حيث كانت في طريقها إلى أربيل.
سرعان ما
بدأت خيوط المسألة تنكشف بأن الهجوم قد وقع من خارج الأراضي العراقية، حتى جاء
النبأ اليقين من خلال منشور نشره الحرس الثوري الإيراني بذلك التوقيت قائلا:
"إنا من المجرمين منتقمون"، ولم يمض وقت طويل حتى أعلن تبنيه عن الهجمات
الصاروخية بشكل رسمي، في حين استهدف الحرس أهدافا بإدلب السورية أيضا.
المبنى
المستهدف، يعود لأحد أثرياء أربيل، وهو رجل الأعمال الكردي العراقي، بيشرو دزيي،
صاحب أضخم مشروع سكني في أربيل "إمباير"، ومدير شركة فالكون.
وقتل إلى
جانب دزيي، زميله التاجر المسيحي العراقي، حامل الجنسية البريطانية "كرم
ميخائيل"، وابنة بيشرو البالغة 11 شهرا، وإحدى العاملات في المنزل من الجنسية
الفلبينية، إضافة إلى إصابة 16 شخصا آخرين، بينهم زوجته وابنه العشريني.
"بيشرو
دزيي" بنظر أربيل وطهران
يعتبر
بيشرو دزيي (61 عاما)، أحد رجال الأعمال المعروفين في إقليم كردستان، لما له من
دور في المشاريع الإعمارية والتجارة بتلك المنطقة، فهو صاحب المشروع السكني
التجاري الأضخم في أربيل "إمباير وورلد"، وهو مقرب من العائلة الحاكمة في الإقليم.
ويمتلك دزيي
"مجموعة فالكون"، التي تنشط في مجال قطاع الأمن بالإضافة إلى البناء
والنفط والغاز الطبيعي والتكنولوجيا والزراعة ومستحضرات التجميل، فيما تقدر ثروته بـ
2.6 مليار دولار.
لكن لدى
إيران رأي آخر، فقد اتهم الحرس الثوري الإيراني أن منزله هو أحد مقار "التجسس"
لصالح الموساد الإسرائيلي.
وتعرض منزله الواقع
في منطقة "الملا عمر" على طريق أربيل – شقلاوة، لـ 5 صواريخ باليستية، وقد دمّر بالكامل.
اظهار أخبار متعلقة
وأعلن في
بيانه الأول عن "تدمير مقرات تجسس وتجمع الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران
في أجزاء من المنطقة بالصواريخ الباليستية".
تقول
وكالة "نور نيوز"، المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إن دزيي
يعتبر مسؤول تصدير النفط من كردستان العراق إلى تل أبيب، فيما تتهمه جهات إيرانية
أخرى بأنه "غطاء للموساد الصهيوني ومسؤول حمايتهم ودعمهم".
شركة
فالكون للأمن والحراسة الحالية، وهي امتداد للشركة الأمنية التي بدأ بها في بغداد
عام 2003، حيث كان يشرف عليها دزيي، تقول مواقع إيرانية إن مقرها الرسمي في مصر
وهي تعمل مع شركات لتحديد المواقع والأهداف من خلال أرقام السيارات والإمكانيات
التكنولوجية الكاملة.
وذكرت
وكالة أنباء "فارس"، أن منزل دزيي هو "مقر الموساد في أربيل الذي
يقع على بعد 15 کیلو مترا خارج المدينة".
وأشارت
إلى أنه "تم بناؤه وكأنه منزل سياحي (فيلا) للتمويه في حين لم يتم بناء منازل
قريبة منه"، لافتة إلى أنه "يعتبر ثالث مقر محصن للموساد في المنطقة وهو
مبني على شكل طبقتين من الخرسانة ويضم جهاز رادار وأجهزة التنصت".
اظهار أخبار متعلقة
وكريم ميخائيل،
هو تاجر عراقي من الموصل، وحاصل على الجنسية البريطانية، وهو صاحب شركة "الريان"
في العراق، ويملك أسهما في شركة سامسونغ للإلكترونيات، ويقيم في الإمارات.
وقال
مقربون منه في بغداد، إنه كان يتواجد في منزل دزيي لغرض إبرام عقد مشترك لإمداد
مشروع سكني يعمل عليه الأخير بمنظومة
تبريد.
اظهار أخبار متعلقة
وبعد أن وصل الأعرجي على رأس وفد أمني رفيع، استطلع
المبنى المدمر، ثم نشر على حسابه في "إكس"، أنه "اطلعنا ميدانياً وبرفقة أعضاء اللجنة التحقيقية، على منزل
رجل الأعمال المستهدف ليلة أمس في أربيل، وتبين أن الادعاءات التي تتحدث عن
استهداف مقر للموساد لا أساس لها من الصحة".
مذكرة احتجاج واستدعاء
إثر ذلك،
استدعت وزارة الخارجية العراقية القائم بالأعمال الإيراني في بغداد أبو الفضل
عزيزي وسلّمته مذكرة احتجاج.
وبحسب
وزارة الخارجية، فقد أعربت فيها جمهورية العراق عن إدانتها واستنكارها الشديدين
للاعتداء الذي تعرضت له مناطق في أربيل وأدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين وتسبب
بأضرار بالممتلكات العامة والخاصة.
وأكدت
الوزارة أن "هذا الاعتداء انتهاك صارخ لسيادة جمهورية العراق ويتعارض بشدة مع
مبادئ حسن الجوار والقانون الدولي ويهدد أمن المنطقة"، حسب بيان صادر عن
الوزارة.
إلى ذلك استدعت
وزارة الخارجية العراقية، سفيرها لدى طهران نصير عبد المحسن، لغرض التشاور على
خلفية ما وصفته بـ "الاعتداءات" الإيرانية الأخيرة على أربيل.
ومن اللافت أن العراق، الذي يعد إيران
حليفه الرئيسي في المنطقة، لجأ إلى لغة تصعيدية أكثر من أي وقت مضى، في تعليقه على
الحدث، خصوصا أن الحكومة المتشكلة حاليا منبثقة من أطراف شيعية موالية لإيران.
وشددت وزارة الخارجية العراقية على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه
"العدوان" بضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن.
وجاءت الضربة الإيرانية على أربيل والتي شملت 10 صواريخ على الأقل، بعد أقل من يوم على انتشار
أنباء وصول 1500 جندي أمريكي إلى العراق، وفقا للإعلام الأمريكي، في حين نفت خلية
الإعلام الأمني العراقية صحة تلك الأنباء.
وفي عام 2022، استهدف الحرس الثوري الإيراني مبنى عائدا لمدير شركة كار كروب، باز رؤوف كريم، قالت إنه قاعدة للموساد الإسرائيلي في أربيل، التي لا تنفك عنها هذه التهمة منذ
سقوط النظام السابق في العراق.
كيف ستتأثر علاقة واشنطن وبغداد بعد عزم العراق إجلاء "التحالف"؟
كيف تغير شكل النفوذ الروسي والإيراني بالجنوب السوري في 2023؟.. قلق أردني
غزو جنوب لبنان بين "الممكن" و"المكلف".. هل ستقع الحرب؟