عادت أزمة تكدس شاحنات المساعدات الإنسانية على
معبر رفح المصري إلى الواجهة مع انهيار الهدنة في قطاع
غزة واستئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية، على نطاق أوسع وأكثر دموية في جميع أنحاء قطاع غزة المحاصر وسقوط مئات الشهداء والجرحى.
ورغم مطالبة الفصائل
الفلسطينية والمنظمات الإنسانية الدولية مصر، في أكثر من مناسبة، باستمرار فتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات وخروج المصابين، فقد دأبت
السلطات المصرية على نفي مسؤوليتها عن إغلاق المعبر وحملت
الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية.
وعلى الرغم من أن معبر رفح هو المعبر الحدودي الوحيد إلى قطاع غزة الذي لا تسيطر عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلية، إلا أن السلطات المصرية تقول إن الاحتلال هو من يرفض دخول المساعدات إلى القطاع، وإن المعبر مفتوح من الجانب المصري ولم يغلق.
تسليم مصر بمسؤولية سلطات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح يثير تساؤلات حول قانونية وشرعية هذه المسؤولية الجديدة التي لم تكن موجودة قبل الحرب على غزة، ولكن العدوان الإسرائيلي فرضها كأمر واقع وأذعنت لها مصر في تفريط واضح لسيادتها على إدارة المعبر.
ومنذ انهيار الهدنة صباح الجمعة فقد أبلغ الاحتلال جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني منعه دخول شاحنات المساعدات من الجانب المصري إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري "بدءا من الجمعة وحتى إشعار آخر"، وهو ما أكده مصدر مسؤول في الهلال الأحمر المصري لـ"عربي21".
مصر تتنصل من مسؤولياتها
وعلى الرغم من الوضع الإنساني المتأزم في القطاع وتكدس قوافل المساعدات على الجانب المصري، تؤكد الخارجية المصرية باستمرار أنه "على جميع الأطراف أن تدرك بما لا يضع مجالاً للشك أن مصر لم ولن تدخر جهداً من أجل ضمان سرعة نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وأن العراقيل الإسرائيلية هي التي تعيق نفاذ المساعدات".
وإلى جانب التشدد الكبير من جانب سلطات الاحتلال في دخول المساعدات، سواء بطء إجراءات التفتيش ورفض دخول العديد من المساعدات لاعتبارات سياسية وإدعاءات أمنية مختلفة، فإن السلطات المصرية تأخذ بعين الاعتبار التصعيد العسكري المتكرر على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وفي وقت لاحق أوضح المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن معبر رفح الحدودي مع مصر، عمل يوم السبت بشكل طبيعي، فيما نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، وصول القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، إلى الجانب المصري من معبر رفح.
"مساعدات بالقطارة"
لكنّ مصدرا في الهلال الأحمر المصري أكد لـ"عربي21" "توقف دخول المساعدات – قبل استئناف دخولها لاحقا بشكل جزئي- نتيجة وجود قصف إسرائيلي بالقرب من معبر رفح على الجانب الفلسطيني"، ولكنه أشار إلى أن "العمل على تجهيز الشاحنات لا يتوقف".
واستؤنف دخول المساعدات، السبت، إلى قطاع غزة، حيث دخلت 55 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني، ولكنها تظل أقل بكثير من حجم الاحتياجات الفعلية.
وانتهت الهدنة المؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، صباح الجمعة، والتي أنجزت بوساطة قطرية مصرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
أزمة مصر في التعامل مع معبر رفح
في تقديره لأزمة دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح المصري إلى قطاع غزة، يقول الوكيل بوزارة الصحة المصرية سابقا، مصطفى جاويش، أن "على مصر التعامل مع معبر رفح على أنه معبر مصري فلسطيني وليس معبر مصري إسرائيلي وبالتالي استمرار دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع على مدار الساعة للتخفيف من واقع الكارثة الإنسانية".
وقال، في حديثه لـ"عربي21": "وضع دخول المساعدات وخاصة الطبية، وعدد المصابين الذين تستقبلهم مصر منذ بدء العدوان على قطاع غزة منذ نحو شهرين أقل بكثير من موقع مصر التاريخي والإنساني والجغرافي، ومصر قادرة على استيعاب جميع الجرحى من الجانب الفلسطيني وتوزيعهم على مستشفيات مصر المترامية الأطراف".
وذهب جاويش إلى القول بأن "الموقف الرسمي لا يعبر عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، ويجب عدم التحجج بأن إسرائيل هي من تتعنت في إدخال المساعدات إلى قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "الدبلوماسية لا يمكن تقديمها على الكارثة والفاجعة الإنسانية وما يجري من عمليات إبادة، ودخول المساعدات أو السماح بإدخالها هو أقل الإيمان، وكان يجب أن تدفع مصر بمستشفيات ميدانية مصرية إلى قطاع غزة للتعامل مع الحالات الكثيرة والحرجة".
مصر تفتح أبوابها لقطاع غزة
على الجانب المصري، أكد المصدر المسؤول بالهلال الأحمر المصري، أن "مصر لا تمنع دخول أي شاحنات مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، لكن الجانب الإسرائيلي هو من يتعنت في إدخالها، ونحن بصدد إدخال شاحنات عبر المعبر بمجرد الموافقة".
المصدر أوضح لـ"عربي21" أن "هناك سيارات إسعاف مصرية دخلت إلى الجانب الفلسطيني من أجل إجلاء بعض الجرحى الفلسطينيين".
وأشار المصدر إلى "دخول مستشفى إماراتي ميداني إلى قطاع غزة، يوم السبت، للمساعدة في علاج الجرحى والمصابين الفلسطينيين"، وهو ما أكدته مصادر إعلامية مصرية محلية في وقت لاحق.