قال مايكل سينغ المدير
الإداري
لمعهد واشنطن؛ إن تجنب بكين إدانة حركة حماس في عملية طوفان الأقصى،
وانتقاد العدوان على
غزة، يعكس
ميلا جديدا لدى الحكومة إلى استغلال النزاعات البعيدة، كفرص لتقويض الولايات
المتحدة وتسجيل النقاط
في "الجنوب العالمي.
وأشار في مقال له في
الموقع، إلى أن وسائل
الإعلام
الصينية، عرضت الحرب باعتبارها عدوانا إسرائيليا، على الرغم من خضوعها
لرقابة شديدة، إلا أن تقاريرها المبكرة كانت مليئة بالتعليقات المعادية للسامية والمعادية
لإسرائيل، التي تزعم أن حماس كانت تدافع عن حل الدولتين.
وقال؛ إن وزير الخارجية
وانغ يي أكد أن تصرفات إسرائيل "تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس"، وطالبها
بالتوقف عن فرض "عقاب جماعي" على الفلسطينيين، رافضا مع ذلك إدانة
"حماس".
ولفت إلى أنه مع استمرار الصين في الميل نحو
الفلسطينيين سياسيا، على سبيل المثال، على الرغم من انتقاد إسرائيل لبنائها "الجدار العازل" في الضفة الغربية،
وإدانة غارتها على أسطول غزة عام 2010، والتصويت لصالح تحقيق الأمم المتحدة في
جرائم الحرب بعد نزاع غزة عام 2014، إلا أن بكين لم تتخذ سوى القليل من المبادرات
الفعلية بشأن هذه الأمور، مفضلة الاندماج مع الحشد الدولي.
وحتى عندما أصدر الرئيس شي خطته ذات "النقاط
الأربع" بشأن السلام الإسرائيلي الفلسطيني في عام 2017، بدا أنها مصممة
لتسليط الضوء على طموحات الصين كقوة عظمى أكثر من معالجة النزاع بشكل جوهري.
وشدد على أنه يمكن تحديد الأولويات الحقيقية للصين بسهولة
أكبر من خلال متابعة الأموال؛ ففي عام 2014 استثمرت الصين 4 مليارات دولار في
إسرائيل، ولكنها قدمت للفلسطينيين مساعدات بقيمة مليون دولار فقط. وفي العقد الذي
مضى منذ ذلك الحين، تضاعفت التجارة بين الصين وإسرائيل من 11 مليار دولار إلى أكثر
من 23 مليار دولار.
ويبدو أن التركيز المتزايد على المنافسة مع الولايات
المتحدة، يؤثر أيضا على استراتيجية الصين في التعامل مع النزاع الإسرائيلي
الفلسطيني. فخلال جولة القتال في غزة في أيار/مايو 2021، ابتعدت بكين عن نهجها
القائم منذ فترة طويلة والمتمثل بعدم التحيز، مستغلة منصبها كرئيس دوري لمجلس
الأمن الدولي؛ من أجل انتقاد الولايات المتحدة على خلفية دعمها لإسرائيل وتجاهلها
الافتراضي لمعاناة الفلسطينيين.
وقال سينغ؛ إنه إذا كانت المنافسة بين الولايات المتحدة
والصين عبارة عن مسابقة شعبية تجري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فستكون
استراتيجية بكين رابحة، ولكن تحولها نحو سياسات القوى العظمى التقليدية الصارمة،
يسلط الضوء في الواقع على معضلات سياستها الخارجية.
ولفت إلى أنه "لا يزال النفوذ الدبلوماسي الفعلي
لبكين في الشرق الأوسط محدودا، وعلى الرغم من التشكيك الصريح في المنطقة تجاه
سياسة الولايات المتحدة، فقد تمكنت واشنطن منذ فترة طويلة من العمل كوسيط نزيه في
أزمات الشرق الأوسط بما أنها تستوفي شرطين أساسيين، هما: تمتعها بعلاقات وثيقة مع معظم الأطراف الرئيسية في المنطقة،
واستعدادها لتكبد التكاليف من أجل إحداث التغيير، والمحافظة على النتائج التي يتم
تحقيقها هناك".
وقال؛ إن أيا من ذلك "لا ينطبق على الصين، التي فشلت
في اكتساب نفوذ دبلوماسي كبير على أي دولة في الشرق الأوسط، أو إبداء أي استعداد لبذل الدماء والأموال سعيا لتحقيق أهدافها هناك، وينطبق الأمر ذاته على أزمة اليوم،
فعلى الرغم من الخطاب الساخن لبكين بشأن غزة، إلا أنها لم تظهر بنفسها أي قدرة على أداء دور دبلوماسي ذي معنى".
ورأى سينغ أنه لم
تشكل الصين بعد لاعبا دبلوماسيا جادا في الشرق الأوسط، على عكس الولايات المتحدة،
التي تعدّها الدول العربية عنصرا لا غنى عنه لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حتى لو كانت تختلف مع السياسة الأمريكية بشأن هذه القضية. وفي الأزمة الحالية.
وشدد على أنه من
غير المرجح أن تكتسب الصين دورا دبلوماسيا مهما في التأثير على النزاع أو عواقبه، ما لم يقدم المسؤولون الأمريكيون لبكين مقعدا على الطاولة، وهو أمر لا ينبغي عليهم
أخذه في الاعتبار، إلا إذا كانت الصين مستعدة لكسب هذا المقعد من خلال اتباعها
سياسات بناءة. ومع ذلك، لا ينبغي لواشنطن أن تقدم مثل هذا العرض بناء فقط على
الأمل العقيم بأنه سيخفف من التوترات الثنائية الأوسع نطاقا.