صحافة دولية

WP‏: لماذا يستعين نتنياهو بـ"الحرب العالمية" لتبرير فظائع ‏غزة؟

لا تكترث إسرائيل للضحايا المدنيين في قطاع غزة - جيتي
قال آدم تيلور، المراسل في صحيفة "واشنطن بوست" إن ‏إسرائيل تعتمد على خطاب الحرب العالمية الثانية لتبرير ‏الحرب في غزة.

وأوضح أن قادة إسرائيل، بدأوا وقد دخلت ‏الحرب مرحلتها الثانية، بالعودة للتاريخ بحثا عن مبرر. ‏وعندما تعرض بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي ‏لضغط من الصحافيين، أشار إلى القصف البريطاني ‏قبل 80 عاما والذي قتل أطفالا في عام  1944، قائلا: "عندما ضربت ‏مقاتلة من سلاح الجو مقرات الغستابو في كوبنهاغن، ‏وكانت بالتأكيد هدفا شرعيا، ولكن الطيارين البريطانيين ‏أخطأوا الهدف، وبدلا من ضرب مقرات الغستابو ضربوا ‏مستشفى للأطفال. وأعتقد أن 84 طفلا ماتوا حرقا".

 ‏وأضاف: "هذه ليست جريمة حرب، وليس أمرا تتحمل ‏بريطانيا الملامة على عمله، فقد كان هدفا مشروعا في ‏الحرب بتداعيات مأساوية رافقت تلك الأفعال المشروعة".

‏ويرى تيلور أن التبريرات التاريخية تحوم حول هذا النزاع ‏منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، عندما هاجمت حماس وبطريقة ‏غير متوقعة إسرائيل.



ولم يذكر المسؤولون الإسرائيليون ‏تاريخ النزاعات الإسرائيلية- الفلسطينية أو عام 2001 ضد ‏الولايات المتحدة الذي أدى لـ "الحرب على الإرهاب" فقط، ‏ولكن أكبر الحوادث التاريخية تدميرا في كل النزاعات: ‏الحرب العالمية الثانية. ففي نفس المؤتمر الصحافي قاوم ‏نتنياهو الدعوات لوقف إطلاق النار من خلال عودة لضرب ‏اليابانيين لبيل هاربر، عام 1941، ونقلت صحيفة "نيويورك ‏تايمز" هذا الأسبوع نفس الاستعارات التاريخية من ‏المسؤولين الإسرائيليين وكيف "استعانت الولايات المتحدة ‏وحلفاؤها بالقصف المدمر على ألمانيا واليابان أثناء الحرب ‏العالمية الثانية، بما في ذلك إلقاء القنبلة الذرية على كل من ‏هيروشيما وناغازاكي من أجل هزيمة هذين البلدين".

‏وارتدى سفير إسرائيل في الأمم المتحدة غليعاد إردان وطاقم ‏السفارة نجوما صفراء. وهو رمز من تلك الفترة، حيث ‏أجبرت ألمانيا النازية اليهود في ألمانيا ودول أخرى على ارتداء ‏نجوم مماثلة قبل الحرب العالمية الثانية والهولوكوست، ‏والذي قتل فيه 6 ملايين يهودي. ‏

ويقول تيلور، إن البحث في التاريخ من أجل تبرير نزاع ‏حاضر فيه مخاطر. فلم يقل نتنياهو الحقيقة عندما قال إن الطيران البريطاني قصف خطأ مستشفى أطفال ‏بدلا من مقرات الغستابو، والحقيقة هي أعقد من كلامه. ‏فأحداث 21 آذار/مارس عام 1954  عندما قصفت بريطانيا ‏مدرسة فرنسية في كوبنغهاغن وقتلت 87 طفلا وكذا 18 ‏بالغا، لم يتم نسيانها.

وفي عام 2011 بثت نتفليكس فليما ‏عن الحادث بعنوان "القصف"، وأثار المزيد من الغضب ‏والفزع. ولا يزال هناك جدال حتى اليوم حول ضرورة ‏قصف مقرات الغستابو في منطقة مأهولة بالمدنيين وحتمية ‏هزيمة النازية في نقطة ما. ورفض سلاح الجو البريطاني ‏في البداية طلبا بضرب موقع للشرطة السرية، بناء على ‏طلب من المقاومة الدنماركية التي كانت تريد تحرير ‏الأسرى وتدمير الوثائق، وكان الرفض لأن الموقع موجود ‏بمنطقة مدنية.



 وأذعن الجيش البريطاني في  النهاية ولكن ‏عندما تحطمت طائرة سلاح الجو الملكي من نوع موسكيتو ‏قرب مدرسة مما أشعل النار فيه، فسر طيارون آخرون، ‏فقدوا التركيز ويفتقدون التكنولوجيا الحديثة بأنه هدفهم.

ولم ‏ترسم المدرسة الكاثوليكية الفرنسية جان دارك الصليب على ‏سطحها، وهو تقليد مارسته المستشفيات لكي تتجنب الغارات ‏الجوية.

 واستطاعت طائرات أخرى لسلاح الجو الملكي ‏ضرب مقرات الغستابو مما سمح لـ 18  مقاتلا من المقاومة ‏بالفرار مع أن عددا آخر منهم قتل. لكن القتل في المدرسة كان ‏الثمن الباهظ الذي دفع، حيث استمر الغضب ولسنين، حسب ‏الروايات الدنماركية وعدم دفع التعويضات للعائلات إلا في ‏عام 1960.

وبعد سنين أخبر أحد الطيارين الناجين أن ‏الغارة كانت ناجحة من ناحية الأهداف، لكنها خربت بسبب ‏الأطفال الذين قتلوا بالمدرسة. وقاد استخدام الحرب العالمية ‏الثانية والهولوكوست في سياق الحرب بغزة لانتقادات. وقال ‏داني دايان، مدير متحف ياد فاشيم إن النجوم الصفراء هي ‏تعبير عن العجز للشعب اليهودي وأنهم  تحت رحمة ‏الآخرين "أما اليوم فلدينا بلد مستقل وجيش قوي".

وكانت ‏أفعال الحلفاء في الحرب العالمية الثانية مثارا لاتهامات ‏ارتكاب جرائم حرب، ولم تترك تصريحات نتيناهو واستعادته لقصف المدرسة، أي مجال  للنقاش، فقد ‏اقترح أن حادثة كوبنهاغن قد تقود إلى آثار كارثية، واقترح ‏أيضا أن الحرب ضد حماس قد تنتهي بقتل المدنيين لو ظلوا ‏في شمال غزة.



ولكن هناك ‏عوامل معقدة يجب أخذها بعين الاعتبار مع مبدأ التناسب ‏والذي يحظر على الجيش اتخاذ أفعال قد تؤدي إلى خسارة ‏عرضية للمدنيين ومفرطة مقارنة مع ما يتوقعه الجيش. ‏وقالت السلطات الفلسطينية إن الغارات الجوية على مخيم ‏جباليا يوم الثلاثاء أدت إلى مقتل وجرح المئات، ولم تنف ‏إسرائيل، حيث قالت إنها كانت تستهدف قياديا في حماس.

وقال المتحدث باسم الجيش ‏الإسرائيلي في تصريحات لسي أن أن "هذه مأساة الحرب" ‏في ترديد لما قاله نتنياهو عن قتلى المدرسة في عام 1945.‏‎ ‎