ملفات وتقارير

الحرب في غزة تؤجج ذاكرة لاجئي مخيم جرش في الأردن (شاهد)

مخيم جرش - الاناضول
يعيش ما يقرب من 35 ألف لاجئ فلسطيني في مخيم "جرش" شمال الأردن، المعروف بالتسمية المحلية "مخيم غزة"، وسط مشاعر من الحزن والألم لقاطنيها بعد استمرار قصف ومحاصرة قطاع غزة. 

وكالة الأناضول زارت مخيم "جرش" بالتنسيق مع دائرة الشؤون الفلسطينية بالأردن والسلطات المختصة، واطلعت على واقع الألم الذي يعيشه السكان، إثر ما يتعرض له قطاع غزة من مجازر إسرائيلية يومية، فرضت عليهم استعادة المأساة الفلسطينية. 




عبارات تسبق الكلمات، لا يتوقفون عن الدعاء ليل نهار بألا يتكرر مشهد لا يفارقهم رغم مرور عقود طويلة عليه، فوجودهم داخل المخيم يعيد إلى أذهانهم ما تعرضوا له عامي 1948 و1967 حينما أرغموا على مغادرة أراضيهم تحت وطأة تلك الحروب.

كيف تأسس مخيم "جرش"؟

عام 1968 تأسس مخيم جرش للطوارئ لإيواء ما يقرب من 12 ألف لاجئ فلسطيني أجبروا على الخروج من قطاع غزة نتيجة حرب عام 1967 وفق ما قاله رئيس لجنة خدمات المخيم، خضر العبسي.
"الغالبية العظمى من عائلات المخيم لهم أقارب من الدرجة الأولى في قطاع غزة، يعيشون تحت القصف الإسرائيلي، والكثير منهم فقد قريبا له، ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة والمخيم يشهد بشكل يومي وقفات تضامن مع القطاع".

"العبسي" أضاف في لقاء مع الأناضول، أن مساحة المخيم تبلغ نحو كيلومتر مربعاً وعدد سكانه تجاوز الـ 35 ألف من المهجرين الذين سكنوا قطاع غزة بعد حرب عام 1948 إلا أنهم غادروا القطاع مجددا عام 1967، لتتجدد المعاناة مع التهجير.

وتابع: "الغالبية العظمى من عائلات المخيم لهم أقارب من الدرجة الأولى في قطاع غزة، يعيشون تحت القصف الإسرائيلي، والكثير منهم فقد قريبا له، ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة والمخيم يشهد بشكل يومي وقفات تضامن مع القطاع".

ويعتبر سكان المخيم من الفلسطينيين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية، ولا يحملون أرقاماً وطنية، يحملون صفة لاجئ، وأوضاعهم الاقتصادية صعبة، نتيجة تراجع الدعم المقدم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".



وأشار "العبسي" إلى أن "صعوبة الأوضاع وتشمل العمل والتعليم والصحة، لكن ما يخفف معاناتهم هو شمولهم بالعديد من المكارم الملكية المستمرة".

التصريحات الأردنية الرسمية المستمرة حول الرفض القاطع لدعوات الاحتلال الإسرائيلي لسكان قطاع غزة بالنزوح إلى جهته الجنوبية قرب مصر، لعلمها بأن الهدف هو محاولة إفراغ القطاع من أهله، واحتمالية تطبيق ذات الخيار على سكان الضفة الغربية، ما يعني بالتالي انتهاء فكرة حل الدولتين الذي ينادي به الأردن بالمحافل الدولية.

بينما لاقت بيانات جيش الاحتلال الاسرائيلي رفضا عربيا ودوليا واسعا، مقابل ضوء أمريكي أخضر للتنفيذ.

ويوجد في الأردن 13 مخيما للاجئين الفلسطينيين، بنيت في مراحل مختلفة، وتضم بداخلها نحو 2 مليون شخص.




"الموت ولا المذلة"

"وين العرب وين العالم عن اللي بيصير بغزة ؟".. بهذه الكلمات بدأت الحاجة أم محمد (74 عاماً) حديثها لتتبع جملتها بدموع سرعان ما فاضت على وجنتيها، "الله يحميهم".. دعت أم محمد لسكان قطاع غزة، وعادت بالبكاء مجدداً، ليتبين بأن ابنتها ذهبت إلى القطاع زائرة قبل بدء الحرب، تاركة أولادها السبعة الأيتام داخل المخيم، لتعيش هي الأخرى مصيراً مجهولاً. 

المسن سليمان عبد الفتاح (80 عاما)، كرر مقولة أم محمد: "الموت ولا المذلة"، مستنكرا بالقول: "هل سنهاجر 100 مرة"، في إشارة إلى احتمالية تهجير أبناء قطاع غزة مرة أخرى.
"هل سنهاجر 100 مرة"

واتهم المسن الفلسطيني الولايات المتحدة الأميركية، بأنها "السبب في كل ما يحدث، وهي رأس الافعى، ولولاها لما بقيت إسرائيل".

و برسالة تنمّ عن عمق المصاب والألم الذي يعيشونه نتيجة التهجير، قال عبد الفتاح موجها حديثه لأهل غزة: "موتوا في القطاع ولا تخرجوا".




لا أمان في قطاع غزة



محمد جعفر أبو أسامة البالغ من العمر 75 عاماً والذي يعتبره سكان مخيم جرش مختار المخيم قال أن العملية الآن بدأت تتضح أكثر فأكثر، والمعطيات تقول إن موضوع التهجير تجدد عند الاحتلال الإسرائيلي ولكن توقع بأن يكون باتجاه مصر وليس الأردن. 

وأردف: "في الوقت الحالي، لا يوجد متر مربع آمن في غزة، لذلك على أهالي القطاع أن يبقوا في منازلهم، وألا يغادروها، الثبات الثبات".

واعتبر أن "إسرائيل تتخذ من أبناء القطاع بنك أهداف لها، فلا يوجد لديها بنك أهداف سوى إزالة الفلسطينيين عن الأرض، المواطن منهم والمقاتل".

وأكد على رفض "التهجير شكلا ومضمونا، لأننا شبعنا هجرات، نريد بلادنا ووطننا، نحن متشبثون بأرضنا حتى الممات، وندعم موقف الأردن الرسمي برفض ذلك".
لتهجير شكلا ومضمونا، لأننا شبعنا هجرات، نريد بلادنا ووطننا، نحن متشبثون بأرضنا حتى الممات، وندعم موقف الأردن الرسمي برفض ذلك"


وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلية هجوماً بريا وبحريا وجوياً هو الأعنف على قطاع غزة منذ 24 يوماً قتل فيها أكثر من 8005 فلسطينيين، بينهم 3324 طفلا و2062 سيدة و460 مسن، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما قطعت قوات الاحتلال الاتصالات والانترنت عن القطاع ليومين مارست خلالهم حملة قصف على معظم أحياء القطاع لتعود وتزود القطاع بالانترنت والاتصالات يوم أمس.