نشرت
صحيفة "
نيويورك تايمز" مقالا للمعلق توماس فريدمان، حمل عنوان "هجوم
حماس أسوأ يوم في تاريخ إسرائيل"، معتبرا أن عملية "طوفان الأقصى" قد
تحرف المزيد من السلاح الأمريكي المخصص لأوكرانيا إلى
الاحتلال، وستجعل مقترح
التطبيع السعودي مستحيلا.
وأضاف
الكاتب: "لو تبين أن إيران شجعت حماس على قتل التقارب السعودي-الإسرائيلي
فسيزيد التوتر بين إسرائيل وإيران وحزب الله وكيل طهران في لبنان، وكذا بين إيران
والسعودية".
ونقل
الكاتب عن المعلق في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم بيرنباع، قوله إن
"طوفان الأقصى" كارثة على إسرائيل وأسوأ من حرب يوم الغفران، في إشارة
إلى حرب أكتوبر قبل 50 عاما.
وأوضح
أن عملية المقاومة فيها إهانة لجيش الاحتلال، ذلك أن إسرائيل تعرضت في
يوم الغفران لهجوم من أكبر دولة عربية وهي مصر. وهذه المرة تعرضت إسرائيل للغزو من
22 موقعا خارج قطاع
غزة بما في ذلك بلدات لا تبعد سوى 15 ميلا داخل دولة الاحتلال.
وأشار
إلى أن المقاومة الفلسطينية لم تغز فقط إسرائيل، بل إنها أخذت أسرى إلى
غزة، عبر حدود أنفق الاحتلال مليار دولار على بنائها، ومن المفترض أنها عصية على
الخرق. وهذه ضربة قوية لقوة الردع الإسرائيلية.
أما
الأمر الثاني، فقد لاحظ بيرنباع أن إسرائيل تفاخرت دائما بقوة استخباراتها التي
اخترقت حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية وحصلت على تحذيرات
مبكرة.
وأشار
كاتب المقال إلى أن حماس أجرت مناورة عسكرية على عملية كتلك التي
نفذتها يوم السبت وقرب الحدود وتحت نظر جيش الاحتلال، لكن قادة الجيش فسروا
المناورة بأنها محاولة للتلاعب بالجيش الإسرائيلي وجعل قادته في حالة عصبية وليست
مقدمة لهجوم.
ولفت
فريدمان إلى أن المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أن حماس كانت بحاجة ماسة للتمويل من
قطر والتي تعطيها أكثر من مليار دولار منذ 2012 وتصاريح عمل للغزيين في داخل
إسرائيل، وهو ما طلبت مقابله قطر وإسرائيل حدودا هادئة.
وقال
بيرنباع: "التفسير الاستخباراتي هو أن التدريبات هي لأمر لن يتجرأوا أبدا على
عمله" و"كان تقييما متغطرسا"، وعوضا عن ذلك فقد شنت حماس هجوما معقدا
وعالي التقنية من البر والبحر.
والآن
وصلنا إلى الجانب الفظيع لإسرائيل، فلم تتمكن حماس من الدخول إلى البلدات
الإسرائيلية والقواعد العسكرية، بل واختطفت عددا من الإسرائيليين وأخذتهم إلى غزة.
وستكون مشكلة كبيرة لإسرائيل، فقد قايض نتنياهو في 2011 أكثر من ألف معتقل فلسطيني
بمن فيهم 280 بأحكام مؤبدة مقابل الإفراج عن المجند غيلعاد شاليط.
وربما
طلب من نتنياهو إفراغ السجون من المعتقلين لو كان بين المختطفين أطفال ونساء بحسب ما يقول بيرنباع.
وتوعد
نتنياهو يوم السبت بتوجيه ضربة لحماس لا تنساها، ولكن ماذا سيفعل لو استخدمت حماس
المختطفين الإسرائيليين كدرع بشري؟ فلن يكون قادرا على المناورة. ويعرف قادة الجيش
ورئيس الوزراء الذي يترأس الحكومة الأمنية أنه يجب إجراء تحقيق حول نجاح في حماس
اختراق الحدود وغزو إسرائيل.
وفي
الوقت الحالي، يجب عليهم شن الحرب واتخاذ قرارات مؤلمة حول المقايضة بين الردع
والانتقام وإخراج الرهائن من غزة وربما شن غزو شامل، وبمعرفة أن تحقيقا ينتظرهم في
نهاية الطريق.
وأشار
فريدمان إلى موقفه الدائم من نتنياهو الذي اتهمه بتمزيق المجتمع الإسرائيلي، نظرا
لإصراره على التعديلات القضائية، رافضا التحذيرات من مخاطر ما يسعى إليه.
ولفت
إلى ما قاله المدير العام لوزارة الدفاع دان هاريل أمام تظاهرة احتجاجية: "لم
أر أمننا القومي في حالة أسوأ مما هو عليه اليوم". ومثلما كان نتنياهو سيئا
على إسرائيل، فإن حماس كانت لعنة على الفلسطينيين منذ سيطرتها على غزة عام 2007،
ومليارات الدولارات التي منحتها قطر خلال السنوات كان يمكن استخدامها في بناء
مجتمع منتج في غزة.
واتهم
الكاتب حماس بشن حرب نيابة عن إيران التي تمدها بالمال والأسلحة ولمنع التطبيع بين
السعودية وإسرائيل.
ويزعم
الكاتب أن صفقة كهذه ستفيد السلطة الوطنية المعتدلة في الضفة الغربية من خلال تدفق
المساعدات المالية السعودية والحد من توسع المستوطنات والحفاظ على حل الدولتين، كل
هذا كان سيمنح قادة السلطة شرعية من الجماهير وتقويض شرعية حماس.
وربما
كانت اتفاقية التطبيع بمثابة هزة أرضية في الشرق الأوسط، إلا أن هجوم حماس جمد
العملية. وقال إن هجوم حماس، سيؤدي إلى هزة أرضية أخرى، في أوكرانيا، فالفوضى في
الكونغرس بعد الإطاحة برئيس مجلس النواب والأصوات المتصاعدة من الجمهوريين، ولو
كانت أقلية أدت إلى توقف الدعم الأمريكي، لأوكرانيا.
ولو
قررت إسرائيل غزو غزة والمضي في حرب طويلة، فعلى أوكرانيا المنافسة مع إسرائيل في
صواريخ باتريوت والمقذوفات المدفعية من 155 ملليمتر والأسلحة الأخرى التي تحتاجها
أوكرانيا وكذا إسرائيل.
وتساءل
فريدمان، عن مخرجات الوضع الحالي، مشيرا إلى أنه من الباكر جدا الحديث عن النتائج،
لكنه يعتمد على صديق آخر وهو فيكتور فريدمان، من كلية جيرزيل، قال فيه: "هذا وضع فظيع، ولكن هناك فرصة
مثل حرب يوم كيبور (الغفران) التي انتهت بسلام مع مصر، فالانتصار الحقيقي هو ما يحدث بعد،
وربما دخلت إسرائيل غزة وخلقت وضعا لتسوية مع الفلسطينيين".
وفي
ظل ما حدث اليوم فإن "الفلسطينيين يمكنهم الادعاء أنهم انتصروا مهما حدث
بعد" والنقطة هي أنه يجب التفكير أبعد من
استخدام القوة ومزيد منها.
ويعتقد
الكاتب أن حماس ليست شريكا للسلام، فقد حصلت على سنوات طويلة لكي تعدل من مواقفها
تجاه إسرائيل وتدميرها، ولم تظهر إلا مافيا إسلامية مهتمة فقط بالحفاظ على السيطرة
في غزة، وجاهزة لكي تنفذ أوامر إيران بدلا من جعل هدفها مستقبل الفلسطينيين في غزة
أو الضفة الغربية.
وبالمقابل، فإنه يمكن أن تكون السلطة الوطنية شريكا في السلام، ولو غزت إسرائيل غزة وحاولت تدمير
حماس، فيجب أن يقرن هذا بمبادرة سياسية وخطوات تقوي السلطة الوطنية في الطريق
لتسوية.