صحافة دولية

صحيفة فرنسية: سعي جزائري محموم لجذب شركات أجنبية للاستثمار بقطاع الطاقة

يصطدم الاستثمار الأجنبي في الطاقة بالجزائر بعراقيل البيروقراطية العالية - جيتي
قالت صحيفة فرنسية إن الجزائر تسعى بشكل محموم لاستقطاب شركات أجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة لديها، بعد الإحجام العالمي عن ذلك بسبب البيروقراطية العالية في البلاد.

وقالت صحيفة "أوريون 21"، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إنتاج النفط في الجزائر يعاني ركودًا حيث تتجنب الشركات الأجنبية الاستثمار هناك بسبب البيروقراطية التي تواجهها. وتسعى الحكومة بكل الوسائل لإعادة شركات مثل "إكسون موبيل" و"شل" و"بي بي" و"إنجي" و"توتال إنيرجي" وغيرها.

وفي آب/أغسطس 2023، في العاصمة الجزائر، عُيّن مدير جديد على رأس الوكالة الوطنية لتسعير المحروقات، التي تتولى مهمة منح العقود للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في البلاد، ومراقبة خطط تنمية الودائع، والتصديق على بيع حقوق التعدين التي تمتلكها، وهي التي تدير صناعة النفط الوطنية.



وتأكيدًا على أهمية هذه اللحظة، أجرى وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب – المشرف على القطاع – والذي أمضى في منصبه أكثر من 4 سنوات، عدة زيارات لمراكز النفط الكبرى من مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، إلى سنغافورة، بحثًا عن المستثمرين دون نجاح كبير حتى الآن وكانت له أهداف واضحة وملحة تمثلت في:

جلب الأموال

هذه ليست المحاولة الأولى من نوعها لكن التعاون الخارجي لم يكن مأمولًا من قبل صناعة المحروقات الجزائرية، ومع ذلك تم تحفيزه في سنة 2022 بفضل ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي مؤقتًا بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يكون عام 2023 أقل عائدًا، فقد انخفضت أسعار النفط الخام بنحو 20 بالمئة، وانهارت أسعار الغاز، ولم تكن التخفيضات التي أجرتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في مستوى تطلعات الجزائر (- 11 بالمئة على مدى عام واحد).



وأضافت الصحيفة أن المدير العام الجديد للوكالة، مراد بلجهام، كان مهندسًا في "سوناطراك"، حيث أدار العلاقات الصعبة لهذه الشركة الوطنية مع نظيراتها الأجنبية المرتبطة بمشاريع مشتركة في الجزائر، وهو يعرف جيدًا العراقيل والبيروقراطية والضوابط والنزاعات التي واجهتها تلك الشركات. ويعتزم بلجهام إعادة تموضع الوكالة حتى تتمكن من تعزيز الشراكة بين سوناطراك وشركائها.

خيبة الأمل في السوق الجزائري

وحسب الصحيفة، فإن الكثير من الوعود لن تكون كافية لإبعاد الشكوك التي تتملك المستثمرين الأجانب الراغبين في استكشاف باطن الأرض الجزائرية. فعلى مر السنين، كان العديد من الشركاء من بين الأسماء الكبيرة في نخبة النفط العالمية يبتعدون عن السوق الجزائري. ومن بين "الشركاء" السبعة والسبعين الذين كانت سوناطراك تتعامل معهم في ذروة نجاحها، لم يبقَ منهم إلا أقل من عشرة.

وبسبب نقص الاستثمارات الخارجية الكبيرة خلال فترة الانتعاش (1986-2006)، ظل الإنتاج راكدًا لما يقارب عشرين سنة دون مستوى 200 مليون طن من النفط، مما يجعل الجزائر مصدرًا ثانويًا للطاقة إلى جانب عمالقة مثل المملكة العربية السعودية وروسيا والعراق.

السوق المحلية

بالإضافة إلى النقص في العرض، فإن الطلب المحلي على الوقود والغاز كبير جدًا وما يقارب نصف الإنتاج المسوق يتم استهلاكه محليًا، ليس في المصانع فقط، وإنما أيضًا من قبل المستهلكين الأشخاص بسبب وقود السيارات والآلات والتدفئة.. ويتوقع بعض الخبراء أنه في سنة 2030، لن يكون لدى سوناطراك أي شيء تصدّره للخارج، مع توقّع وصول الاستهلاك المحلي إلى 100 بالمئة من الإنتاج، حيث يبلغ حاليًا 70 بالمئة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الفجوة بين الأسعار الدولية والأسعار المدعومة داخل البلاد مدمرة للاقتصاد الوطني الذي حُرم بذلك من مداخيل العملة الصعبة وعانى الجزائريون من تدهور دائم في مستوى المعيشة على مدار عشر سنوات. وهذا ما دفع بالرجل الثاني سابقًا في سوناطراك علي حشاد للتحذير من أنه سيكون هناك نقص بـ 40 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي قبل سنة 2030.

ووصف وزير الطاقة الأسبق، عبد المجيد عطار، في ملخص عن الجزائر الغنية بالنفط قائلًا: "من الواضح أن السلطات العامة تنسى أن الهيدروكربونات توفر أكثر من 95 بالمئة من العملات الأجنبية الضرورية لعمل الاقتصاد. فبدلًا من زيادة أسعار الوقود والكهرباء لزيادة الحصة القابلة للتصدير من المحروقات، قام مسؤولوها بحلول وهمية: الإجراء الأول تمثل في تشجيع "الصادرات غير الهيدروكربونية"، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم الوضع".



أمّا الإجراء الآخر فهو تقنين الواردات: حيث تم حظر استيراد ما يقارب 1000 مادة بما في ذلك السيارات الجديدة والأدوية والموز. ويؤدي ذلك إلى نقص كبير في العرض بسبب المضاربة وسيطرة السوق الموازية.

نكسة البريكس

منذ الزيارة الرسمية للرئيس الجزائري إلى الصين في تموز/ يوليو الماضي، تردد احتمال عضوية الجزائر في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، لكن في نهاية المطاف، لم توجه الدعوة لا للرئيس ولا لنائبه لحضور قمة جوهانسبرغ الخامسة عشرة للمجموعة، وتم الاكتفاء بتوجيه دعوة لوزير المالية مع عدم تمكين الجزائر من الانضمام.

وأوردت الصحيفة أن ملاحقة الوكالة الوطنية لتسعير المحروقات ومديرها الجديد، بلجهام، لمستثمري النفط الدوليين حتى وإن كانت أكثر كفاءة من سابقيها، وحتى لو حققت المزيد من النجاح، فإن الجزء الأصعب من تعافي القطاع سوف يظل قائمًا وهو التقليل من الاستهلاك المحلي من الوقود والغاز وتثبيته عند الحد الأدنى من خلال زيادة رسوم الطاقة العامة.