أثار قرار الحكومة
العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، حظر تطبيق "تليغرام"، السبت، غضبا واسعا لدى حلفاء
إيران، وتحديدا المليشيات المسلحة، التي وصفت الإجراء بأنه ضد "إعلام المقاومة".
قرار السوداني تسبب في تعطيل عشرات المنصات التابعة للمليشيات الولائية في العراق، والتي بدورها شنت حملة إعلامية ضد وزيرة الاتصالات هيام الياسري، ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات علي المؤيد، القريبين من رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.
لكن وزارة الاتصالات العراقية أكدت الأحد، أن قرار حظر تطبيق "تليغرام" صدر من جهات عليا في الدولة، لمحددات تتعلق بـ"الأمن الوطني"، و"حفاظًا على البيانات الشخصية للمواطنين"، التي خرق التطبيق المذكور سلامة التعامل بها خلافًا للقانون.
"غلق مفتعل"
وتعليقا على أسباب غلق التطبيق، قال أستاذ الإعلام في العراق، الدكتور غالب الدعمي لـ"عربي21" إن "الفصائل ومن معها تعتقد نفسها هي الدولة، وليس الدولة بعنوانها الحالي التي يرأس حكومتها محمد شياع السوداني، رغم أن الأخير هو ابن قوى الإطار التنسيقي، والفصائل المسلحة من مكوناته".
وأعرب عن اعتقاده بأن "حظر تليغرام قد يكون أمرا متفقا عليه داخل الإطار التنسيقي، وله أهداف ورسائل عديدة، فضلا عن أنه ربما يكون محاولة لرسم صورة مفادها أن السوداني ليس مع الفصائل أو الإطار، حتى تقترب منه الجهات المعارضة لهم سواء المحلية منها أو الدولية".
ورأى الدعمي أن "قرار حظر تيلغرام هو محاولة للتغطية على قضية مدينة أم قصر في البصرة، والجدل الذي حصل حول الموضوع، الأسبوع الماضي، والاتهامات بخصوص إعطائها لدولة الكويت".
وتابع: "أما الحديث عن تسريب وثائق رسمية، فإن كل شبكات التواصل الاجتماعي لن تقوى على نقل أي معلومة من دون فاعل بشري، فهل أوقفت الحكومة هذا الفاعل عندما حظرت تليغرام؟ لذلك فإن ما فعلته ليس له مبرر".
وأكد الدعمي أن "الحكومة الحالية هي تابعة للإطار التنسيقي بإيجابياتها وسلبياتها، وبالتالي أستبعد أن تكون هذه القنوات التابعة لهم على تيلغرام قد تسببت في إحراج للحكومة، وبالتالي فقد جرى غلق التطبيق على هذا الأساس".
وفي المقابل، رأى الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، الدكتور إياد العنبر أن "موضوع دخول السوداني في مواجهة مع قوى تنتمي إلى الإطار التنسيقي بغلقه تيلغرام هو أمر مستبعد، وإنما أصل المشكلة يتعلق بتسريب المعلومات، وبدلا من محاولة معالجة الأمر فإنهم أقدموا على حجب التطبيق".
وأضاف العنبر لـ"عربي21" إن "الحجب لم يكن بطريقة الإغلاق، لأنه يمكن تجاوزه عبر إجراءات تقنية، لذلك فهي مسألة أمنية جرى تضخيمها، كون المتضررين اعتبروها مسألة استهداف وتكميم لهم".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "بعض المعترضين اعتبر غلق قنواتهم على تليغرام كونها تعتبر شبكة يجري من خلالها نقل المعلومات وتجييش الجيوش الإلكترونية وتحشيد الرأي العام وتسويق ما يرغبون فيه".
ولم يستبعد "الربط بين إغلاق تيلغرام وقضية أم قصر التي أثيرت قبل أيام، على اعتبار أن القوى السياسية بدأت تلجأ إلى إشغال الرأي العام عن قضايا مفصلية أساسية مثل مشاكل المياه والكهرباء".
وأردف: "ما يؤكد الربط بين قضية أم قصر والموضوع الأمني في غلق تيلغرام هو انزعاج الحكومة من تسريب وثائق خطرة ومهمة وسرية، ثم الحديث عن الاستدعاء القضائي الذي حصل للواء جمال الحلبوسي (الخبير البحري) بعد انتقاده قضية ترسيم الحدود مع الكويت".
"ضغط أمريكي"
على وقع القرار الحكومي بحظر "تليغرام"، عبرت شخصيات سياسية وأخرى تنتمي إلى مليشيات منضوية في الإطار التنسيقي الشيعي، عن رفضها لحجب ما أطلقوا عليه "تطبيق المقاومة"، فيما اتهمت منصاتها الولايات المتحدة بالوقوف وراء القصة والضغط على الحكومة العراقية لغلقه.
وقال زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عبر "تويتر"، الاثنين، إن "العراق بلد ديمقراطي يؤمن بحرية الإعلام والتعبير، ويعدّ ذلك حقا أساسيا، لكنه ليس مطلقا، لذلك".
وأضاف: "قرار حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي لدواع أمنية يجب أن يفرق بين المنصات الداعمة للدولة والحكومة وتلك التي تحرض على الكراهية والعنف والتعدي على خصوصية الآخرين".
من جهته، قال القيادي في مليشيا "عصائب أهل الحق" سند الحمداني، عبر "تويتر" الاثنين، إن التضييق على تيلغرام خطأ يحتاج لمراجعة، فهو ميدان مناصري الإطار والمقاومة، والسوداني، لأن الفيسبوك حجبهم ومنعهم"، في إشارة إلى حظر مواقع التواصل للمعاقبين أمريكيا ومدرجين ضمن قوائم الإرهاب فيها.
وتساءل الحمداني، قائلا: "هل هناك إرادة لحجب الفيسبوك الأمريكي وإيقاف عبثه؟".
وفي تغريدة ضمت أسماء كل القنوات التابعة للمليشيات الموالية لإيران على "تليغرام"، كتب زعيم مليشيا "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، قائلا: "كونوا "صابرين" ولا تقولوا "شعجب" فقد "ترى" "هنا الخبر" ويصبح "ذكريات" ولا تنسوا أنكم "اولاد الشايب" و"توثية الشيعة" المنتمين الى "محور المقاومة" الذي يشع "شهدا" للانتصارات".
وتابع: "لسانكم "الذواق" للأنباء سيردد "تغريدة الحشد" و"سيدة الخضراء" بملوحة "أبو مزيعل" ستبقى "حناطة" الأخطار، وساعدكم "الكاشف" للكرب سيبقى "الگورنيت" المنتصر بإذن الله. لكم ولكل من لم يُذكر.. إنما الزرع زرعكم فاصبروا وصابروا ورابطوا وانتظروا، إني معكم من المنتظرين".
واتهمت قناة "صابرين" على "تليغرام" التي وردت في تغريدة الولائي، الولايات المتحدة بالوقوف وراء قرار غلق التطبيق، وأطلقت على وزيرة الاتصالات ورئيس هيئة الإعلام، أنهم "أمة رومانوسكي"، في إشارة إلى السفيرة الأمريكية في بغداد".
ولم يقف الأمر عند الساسة العراقيين، بل إن إيران حتى أبدت موقفا ضد القرار، عبرت عنه منصة إيران بالعربية المقربة من الحكومة الإيرانية ورأت أن حجب "تليغرام" بالعراق جاء بناء على ضغوطات أمريكية.