سياسة تركية

مرشحو الرئاسة بتركيا يتسابقون لاستقطاب الشباب على منصات التواصل.. بماذا يتأثر الجيل؟

تجرى الانتخابات في تركيا في 14 أيار/ مايو وسط تنافس حاد- الأناضول
تثار التساؤلات حول السلوك الانتخابي للناخبين الجدد "فئة الشباب"، وسط اتباع الأحزاب والمرشحين للرئاسة وسائل تواصل حديثة للوصول إليهم، أبرزها "تيك توك" و"إنستغرام".

ووفقا للجنة العليا للانتخابات، فإن عدد من يحق لهم التصويت بلغ 64 مليونا و113 ألفا و941 ناخبا، لكن أربعة ملايين و904 آلاف و672 ناخبا، سيشاركون في الانتخابات لأول مرة.

وإذا انتقلت الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية، سينضم نحو 47 ألف شخص ممن يبلغون 18 عاما، إلى سجل الناخبين للمشاركة فيها.

فئة الشباب مهيمنة في الانتخابات
وتشير التقديرات إلى هيمنة الفئة العمرية (28- 29) وتشكل نحو 25 بالمئة من مجموع الناخبين، وتتجاوز الـ15 مليون ناخب، وإذا أضفنا الفئة العمرية ما بين (30- 39) والتي تشكل 24 بالمئة، فإن الناخب التركي الذي يقل عمره عن 40 عاما، يشكل 50 بالمئة من الناخبين.

ويتسابق المرشحون للرئاسة في تركيا، على عقد لقاءات مع الشبان، وسط وعود متباينة، ومساع لاستقطاب "الجيل الجديد" الذي جاء إلى الحياة وحزب العدالة والتنمية يقود البلاد.

وانضم صناع القرار في تركيا لا سيما مرشحو الرئاسة، والوزراء والمرشحون للبرلمان، إلى عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة "تيك توك"، والهدف من ذلك هو الوصول إلى جيل الشباب الذي ابتعد عن تلقي الأخبار من الصحف والتلفزيون أو ما تسمى "وسائل الإعلام التقليدية".

ووفقا لتقرير الأخبار الرقمية الصادر عن معهد "رويترز" في كانون الأول/ ديسمبر 2022، والذي شمل 93 ألف شخص في 46 دولة، بما في ذلك تركيا، فإن الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 عاما، يحصلون على الأخبار من خلال منصات التواصل الاجتماعي، ويستخدم فقط 23 بالمئة منهم تطبيقات الأخبار أو المواقع الالكترونية.

الدراسة, التي شملت أيضا بيانات خاصة في تركيا، تبين أن وسائل التواصل الاجتماعي تجاوزت التلفزيون كمصدر للأخبار للمرة الأولى، وتشير إلى أن الشبان بدأوا بالابتعاد عن "فيسبوك" وتحولوا إلى "إنستغرام" و"يوتيوب" و"تيك توك".



ونقلت "بي بي سي" بنسختها التركية، عن خبراء وصحفيين، أن الساسة في تركيا وجهوا حملاتهم الانتخابية من الشارع إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتم استبدال اللافتات والمركبات الانتخابية مع الموسيقى والتجمعات، بمقاطع الفيديو والرسائل المكتوبة الودية والمسلية.

وخطابات المرشح الرئاسي لـ"تحالف الأمة" كمال كيليتشدار أوغلو التي تبث من مطبخ منزله، والرقص الشعبي لمرشح الرئاسة من حزب البلد محرم إنجه، ومقاطع الفيديو القصيرة لزعيم حزب التغيير التركي مصطفى ساريغول، الذي لديه ما يقارب 1 مليون متابع على "تيك توك" ينتقد فيها القضايا التي على جدول الأعمال، تعد أمثلة قليلة على ذلك.

ويذكر الخبراء، أن وسائل التواصل الاجتماعي، تعد منصات أكثر ديمقراطية، وتوفر للناس فرصة للنقاش والتضامن خلال الفترة الحالية، وهناك اعتقاد بأن "تيك توك" يمكن أن يكون أداة حاسمة في الانتخابات.

ناخبون لأول مرة غالبيتهم من جنوب شرق الأناضول
الأكاديمية التركية توغشا إرتشيتين، تقول إنه لا يمكن الحديث عن هيكل متجانس عند الحديث عن الناخبين الشباب، ورغم النقاط المشتركة مثل البطالة واليأس من المستقبل، لكن هناك مجموعات أخرى متجانسة إقليميا ومختلفة في مواضيع مثل الهوية والتعليم باللغة الأم.

معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا (TÜSES)، كشف في تقرير، أن معظم الشبان الذين سيصوتون لأول مرة هم من منطقة جنوب شرق الأناضول.

والمحافظات التي ستشهد أعلى نسبة من الناخبين الشبان، هي شرناق وهكاري وسيرت وأغري، أما أقلها فهي موغلا وأوردو، وباليسكير وإزمير وبورصة.

ويشير التقرير إلى أن مليونا و166 ألف ناخب شاب في إسطنبول، و285 ألفا في إزمير، و176 ألفا في أنقرة، سيدلون بأصواتهم لأول مرة.

ولفتت الأكاديمية التركية إلى حقيقة أن هناك شريحة كبيرة في تركيا، كما هو الحال في معظم أنحاء العالم، تفضل عدم متابعة الأخبار بعد جائحة كوفيد، مشيرة إلى أن هذا يرجع إلى عدم الثقة في الأدوات الإعلامية في تركيا.

وفي إشارة إلى تحول فئة الشباب إلى رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ صاحب الخطاب المعادي للاجئين، أو محرم إنجه زعيم حزب البلد الذي عبر عن غضبه بعد زلزال 6 شباط/ فبراير الماضي، أوضحت الأكاديمية أن هذه الأحزاب أو المرشحين مع قرب الانتخابات والخطابات الأكثر واقعية قد يفقدون هذه الأصوات.

ويبلغ عدد متابعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على "تويتر" أكثر من 20 مليونا، وعلى "انستغرام" 10.9 ملايين، و"تيك توك" نحو 460 ألف متابع.



ويبلغ عدد متابعي مرشح "تحالف الأمة" كمال كليتشدار أوغلو على "تويتر" 9.9 ملايين، وعلى "انستغرام" مليون و700 ألف، و"تيك توك" نحو 528 ألف متابع.

أما محرم إنجه، فيبلغ عدد متابعيه على "تويتر" 6.9 ملايين، وعلى انستغرام 1.8 مليون، وعلى "تيك توك" أقل من 50 ألفا، فيما يبلغ عدد متابعي مرشح "تحالف أتا" سنان أوغان على "تويتر" 1.4 مليون، وعلى "انستغرام"، 316 ألفا، وعلى "تيك توك" نحو 41 ألف متابع.

كل هاتف شخصي يعتبر مكان تجمع
ويتزايد يوما بعد يوم عدد السياسيين الذين يرغبون في إسماع أصواتهم لجيل الشباب، الذين يمكن وصف وسائل التواصل الاجتماعي على أنها لهم لغتهم الأم.

وتشير الأكاديمية توغشا إرتشيتين، إلى أن الرئيس أردوغان يتقدم على الجميع في استخدام منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأصبحت الهواتف الذكية الآن مكانًا مخصصا للاجتماعات. وقبل فترة وجيزة من الانتخابات، توجه كليتشدار أوغلو إلى "تيك توك"، كما قامت زوجته سيلفي بتسجيل حساب جديد على "تويتر"، كما يستخدم الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش القابع في السجن منذ سبع سنوات، وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب بطريقته. أما المرشح محرم إنجه فهو اسم متداول بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة مع "فيديو الرقصة" الخاصة به.

وتذكر الأكاديمية التركية، أن الحزب الذي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد ويتصاعد تدريجيا، هو حزب العمال التركي ورئيسه إركان باش.

"تيك توك" حي ضخم كبير
وتجري مناقشة ما إذا كانت محاولات السياسيين الذين يلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لجذب انتباه الشباب قد نجحت. ويعتقد الصحفي أوندر أباي الذي يتابع "تيك توك" منذ فترة طويلة، أن استراتيجية السياسيين في استخدام المنصات غير فعالة للغاية.

ورأى الصحفي التركي، بحسب "بي بي سي" التركية، أن لكل منصة نهجها وخطابها ونبرتها الخاصة بها، وأنه يجب تطوير استراتيجية منفصلة لكل منها، وليس من الصواب للقادة السياسيين إعداد حزمة تواصل واحدة ومشاركتها بنفس الطريقة في جميع وسائل الإعلام.

وأشار إلى أن "تيك توك" هو حي ضخم، الجميع فيه على قدم المساواة رقميا، ويتم استخدام المنصة بشكل أساسي من الأشخاص العاديين والجماهير منخفضة الدخل، لذا فهي وسيط سياسي فعال للغاية الديمقراطية فيها مرتفعة.

وبينما تشهد منصة "تويتر" بيئة من العدوانية والمعارضة، فإن "تيك توك" مساحة يناقش الأشخاص فيها بعضهم البعض، ويتم التواصل فيها على توافق في الآراء بعد نقاشات، كما يرى الصحفي أباي.



تأثير الوالدين على تفضيلات الأبناء
وفقا للأكاديمي في جامعة "بيلغي إسطنبول" إيمره أردوغان، فإن هناك حركة انتقال للأصوات من الوالدين إلى الأبناء بنسبة 75 بالمئة، موضحا أن بعض الشباب الذين يذهبون إلى صناديق الاقتراع في هذه الانتخابات يمكنهم التصويت مثل آبائهم.

ومع ذلك، يشير أردوغان إلى أن جيل الشباب المسمى "الجيل Z" والمولود في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قريب من مفهوم المواطنة العالمية، ويهتم بالحراك الاجتماعي والحرية، وقد يظهر اختلافات من حيث التصويت.

ورغم أن مواكبة الأحداث التاريخية أمر مهم في قرارات الناخبين، يعتقد أردوغان أن وجهات النظر العالمية لجيل الشباب الذي عاش فترة كورونا ستتشكل وفقا لذلك.

وتظهر الدراسات واستطلاعات رأي سابقة، أن الفئة العمرية المعروفة بـ"جيل Z"، تستشير آراء أحد أفراد الأسرة والمعروفة بـ"الفئة المرجعية" ويقوم جيل الشباب بعملية التصويت بما يتماشى مع سلوك هذه الفئة المرجعية (50- 69) والتي لديها تأثير أقوى بكثير من وسائل التواصل الاجتماعي.

ووفقا لدراسة، فإن 69.8 بالمئة من الناخبين يتحدثون مع أفراد عائلاتهم بشأن الحزب الذي سيصوتون له، ويتخذون قرارهم وفقا لتفضيلاتهم.