لم يكن اسم
البرهان حاضرا في مقدمة المشهد السياسي
السوداني
في السابق، فقد عرف بأنه عسكري مُنضبط، تدرج في مختلف المراتب العسكرية منذ أن خدم
في
الجيش السوداني ضابطا في سلاح المشاة، حتى أصبح قائدا للقوات البرية.
لكن الظرف السياسي دفع به بقوة إلى مقدمة
المشهد الذي سيتعقد لاحقا ليصل أخيرا إلى قتال شرس بينه وبين نائبه في مجلس
السيادة محمد حمدان دقلو المشهور بحميدتي.
تولي البرهان في نيسان/
إبريل 2019 رئاسة المجلس العسكري
الانتقالي خلفا لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، الذي استقال من منصبه بعد يوم واحد
فقط من توليه رئاسة المجلس وعزله للرئيس السابق عمر البشير.
وقبل ذلك وبالتحديد في شباط/ فبراير 2019، أعلن البشير عن تعديلات
في قيادات الجيش، شملت ترقية البرهان من رتبة فريق ركن إلى فريق أول، وتوليه منصب المفتش
العام للقوات المسلحة.
ترجع جذور البرهان
إلى ولاية نهر النيل الواقعة إلى الشمال من العاصمة الخرطوم، ولد في عام 1960 في قرية
قندتو في أسرة دينية تتبع الطريقة الختمية، وهي إحدى الطرق الصوفية الكبرى في السودان،
وكان لها دورها في الحياة السياسية السودانية ممثلة بالحزب الاتحادي الديمقراطي، المنافس
التقليدي لحزب الأمة.
وتخرج البرهان في الدفعة 31 من الكلية الحربية،
وعمل ضابطا في قوات المشاة، وغيرها من وحدات الجيش. وشارك في حرب دارفور، وكذلك المعارك
التي سبقت انفصال جنوب السودان عن شماله.
وانتُدب البرهان في مصر والأردن لعدد من
الدورات التدريبية. وكان يتنقل مؤخرا ما بين اليمن والإمارات العربية المتحدة.
كما أنه تولى العديد من المناصب، من بينها الملحق العسكري في الصين، وقائد قوات حرس الحدود، ورئيس أركان عمليات القوات البرية، ثم رئيس
أركان القوات البرية.
وذكرت بعض المواقع الإخبارية السودانية
أن البشير عرض عليه منصب والي إحدى الولايات، لكنه رفض تولي منصب سياسي.
والبرهان لديه ثلاثة أبناء، ولدان وبنت،
درس أكبرهم في جامعة الخرطوم.
يصفه عدد من زملائه بأنه شخص يتسم بالاعتدال، وظل عسكريا ملتزما بعيدا عن الانتماء إلى أي تنظيم سياسي. أمضى البرهان فترة من حياته المهنية كملحق عسكري لدى بكين.
شغلَ البرهان عدة مناصب طيلة مسيرته المهنيّة؛ حيثُ إنه بدأ جنديا برفقة قوات حرس الحدود، ثمّ صار قائدًا لهذا الحرس فيما بعد قبل أن يصيرَ
نائبًا لرئيس أركان عمليات القوات البرية، ثم رئيس أركان القوات في الجيش السوداني، وذلكَ قبل أن يشغلَ منصبَ المفتش العام للجيش لفترةٍ من الزمن.
وبحلول 26 شباط/ فبراير
من عام 2019 وإبان الاحتجاجات العارمة التي عمّت البلاد والتي طالبت بإسقاط نظام عمر
البشير؛ رَقّى الأخير عبد الفتاح البرهان من رتبة فريق ركن إلى رتبة فريق أول.
وتقول تقارير إن البرهان أشرف على مشاركة
القوات السودانية في حرب اليمن، ضمن التحالف بقيادة السعودية بالتنسيق مع قوات الدعم
السريع، بقيادة
حميدتي.
وضمن دهاليز السياسة التي يبدو أن البرهان اعتقد أنه سيفلح فيها، التقى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شباط/ فبراير 2020 في خطوة لقيت معارضة شعبية وحزبية شديدة.
وفي 23 تشرين الأول/ أكتوبر أُعلن عن الاتفاق السوداني الإسرائيلي الذي سيعمل على تسوية العلاقات بين الطرفين وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما. ونظر إلى الاتفاق على أنه خطوة هدف البرهان منها تثبيت أركان حكمه في مواجهة شركائه المدنيين الذين انقلب عليهم لاحقا.
ويبدو أن الحياة السياسية لم تعكس ذات الانضباط الذي قيل إن البرهان كان يتحلى به إبان خدمته العسكرية، فقد ماطل في الفترة الانتقالية التي كان من المفروض أن تسلم الحكم للمدنيين، بل لقد انقلب على شركائه المدنيين في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، كما أنه أعلن حالة الطوارئ في البلاد، وتعليق العمل بمواد من الوثيقة الدستورية.
جاء ذلك بعد ساعات من اعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين المدنيين في السودان من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.