قال مسؤولان من شركة اتصالات
(إم.تي.إن) في
السودان لوكالة رويترز، الأحد، إن الشركة أوقفت خدمات الإنترنت في
البلاد بناء على توجيهات من هيئة الاتصالات الحكومية، مع استمرار المعارك على الأرض، قبل أن تعيدها لاحقا بطلب من السلطات.
ولا تزال الاشتباكات التي اندلعت صباح
السبت، مستمرة لليوم الثاني، بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح
البرهان، وبين قوات
الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "
حميدتي"، وسط تبادل الاتهامات من الطرفين ببدء الهجوم.
تضارب الأنباء الميدانية
ويزعم كل طرف الأفضلية في القتال
الدائر بالأسلحة الثقيلة، والطائرات، فيما تتضارب الأنباء حول جهة السيطرة على المناطق الاستراتيجية لا سيما مطار مروي شمال الخرطوم.
وقال
الجيش السوداني، إنه يسيطر على مطار مروي ويتمهل في مهاجمة
قوات الدعم السريع خوفا على حياة الأسرى المصريين والسودانيين، فيما تؤكد قوات الدعم أنها تحكم سيطرتها على المطار نافية بذلك تصريحات الجيش.
على صعيد آخر، قالت مصادر محلية، إن الكهرباء انقطعت عن أجزاء واسعة من مدينة مروي بسبب الاشتباكات، وإن مخلفات قذائف سقطت في المنازل المحيطة بالمطار نتيجة القصف المتبادل.
ووصف الجيش قوات "الدعم
السريع" بـ"المتمردة"، متهما إياها بـ"نشر الأكاذيب باعتداء
قواتنا عليها للتغطية على سلوكها المتمرد".
وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية، فإنّ "إجمالي القتلى المدنيين بلغ 56" أكثر من نصفهم في الخرطوم وضواحيها، بينما لقي "عشرات" الجنود وعناصر القوات شبه العسكرية حتفهم. بالإضافة إلى ذلك، أصيب حوالى 600 شخص بجروح.
محاصرون
ووردت أنباء أن مجموعات من الأشخاص محاصرون قرب القصر الرئاسي ومقر الجيش.
وقال معلم لوكالة رويترز إن نحو 250 طالبا و25 معلما محاصرون في مدرسة تبعد أقل من كيلومتر واحد عن القصر الرئاسي وظلوا على هذه الحال منذ نهار السبت، دون طعام وأشار إلى أن نحو 50 طالبا لم تتمكن أسرهم من التواصل معهم لا يزالون هناك.
وقال طبيب إن طفلا تلقى رصاصة في الصدر بعد أن دخل فناء المدرسة لكنه لم يلق حتفه.
وقال الجيش في بيان، الأحد: "اقتربت ساعة النصر".
وأضاف البيان "نترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة ودعواتنا للمصابين، ونبشر شعبنا الصابر الأبي بأخبار سارة قريبا بإذن الله".
جنرالان يتصارعان على السلطة
بعد الإطاحة بنظام عمر البشير في السودان في 2019، احتدم الصراع على السلطة بين العسكر والمدنيين.
وبات جنرالان يتنازعان على السلطة: الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
كان الأول قائد القوات البرية في عهد البشير وصار قائدا للجيش، وأسّس الثاني قوات الدعم السريع معتمدا على المليشيات التي خاضت حربا دامية في إقليم دارفور.
أثناء انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 كانا حليفين. فقد ظهر البرهان على التلفزيون ليعلن إبعاد المدنيين عن السلطة ودعم دقلو.
ولكن شيئا فشيئا، بدأ الصراع بينهما يطفو على السطح.
أخيرا خرج حميدتي ليصف علنا الانقلاب بأنه "خطأ" أدى إلى "إعادة تنشيط الفلول"، في إشارة الى أنصار عمر البشير. وأكدّ البرهان من جهته أن تحركه كان "ضروريا لإشراك مزيد من القوى السياسية في إدارة الفترة الانتقالية".
من أطلق الرصاصة الأولى؟
يتبادل حميدتي والبرهان اللوم حول من بدأ القتال في السودان، حيث قال الأول إنه أجبر على القتال، فيما يقول الثاني إن قوات الدعم السريع "تمردت".
وتعهد حميدتي بمواصلة القتال، وتسليم البرهان للعدالة، وتسليم السلطة للشعب، فيما قالت القوات المسلحة إنها لن تحاور أو تفاوض حميدتي قبل حل "المليشيا" التي يقودها.
من جانبه، قال مندوب السودان بالجامعة العربية السفير الصادق عمر عبد الله، الأحد، إن "متمردي الدعم السريع هم من بدأ الهجوم وتكبدوا خسائر فادحة"، مرحبا بدور عربي للتهدئة وحل الأزمة.
جاء ذلك في كلمة لعبد الله وهو أيضا سفير السودان بمصر، خلال اجتماع طارئ بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، دعت له مصر والسعودية.
من سيحسم على الأرض؟
قال خبراء لـ"عربي21" إن توقع نتيجة المعارك الدائرة الآن في السودان بين قوات الجيش، وقوات الدعم السريع، أمر مستبعد في الأيام الأولى للقتال.
من جانبه، رأى المدير السابق للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، كاميرون هيدسون، أنه من المبكر تحديد مصير المعركة الدائرة الآن في السودان، مشيرا إلى أنها قد لا تنتهي قريبا.
وحول احتمالات تدخل واشنطن ودول الترويكا لعقد لقاءات مع طرفي المعركة، قال هيدسون لـ"عربي21": "يبدو أن واشنطن والترويكا لديهما نفوذ ضئيل للغاية بشأن ما يحدث.
على جانب آخر، قال الخبير البريطاني في الشؤون الأفريقية، مارتن بلوت إن السودان يعيش الآن لحظات حرجة، مؤكدا أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر، تدعم قوات الجيش بقيادة البرهان، فيما تدعم الإمارات وأريتريا وروسيا ومجموعات فاغنر المقاتلة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
وتابع بلوت في حديث لـ"عربي21": "بالتالي فيبدو أن هناك فرصة ضئيلة للتسوية بينهما، يبدو أن القتال سيطول، ولا أحد يمكنه التنبؤ بالاحتمالات".
وحول نتيجة المعركة قال: "إذا انتصر البرهان، فيمكن أن يعود الوضع في السودان إلى ما هو طبيعي، ومن المرجح أن تستمر المناقشات والمصالحة مع الجماعات المدنية، بالمقابل إذا انتصر حميدتي فإن كل الرهانات ستكون متوقفة".