قالت مصادر مطلعة على النقاشات بين
السعودية والولايات المتحدة الأمريكية،
إن الرياض طلبت من واشنطن ضمانات أمنية، ومساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني، مقابل علاقات دبلوماسية بين المملكة وإسرائيل.
وبحسب ما نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال"، فإن التوصل لتطبيع
علاقات بين الرياض وتل أبيب أصبح أولوية لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو
بايدن، ورئيس
وزراء الاحتلال، بنيامين
نتنياهو، وسط مواجهات مع إيران بشأن برنامجها النووي،
ومساعداتها العسكرية لروسيا في الحرب الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع قوله إن المفاوضات بين البلدين معقدة، وإن أي
اتفاق بهذا الشأن سيعيد تشكيل المشهد السياسي في
الشرق الأوسط.
وتعد المطالب السعودية من
العقبات أمام التوصل لاتفاق، حيث من المفترض أن يعارض مشروعون أمريكيون هذه
الطلبات، إلى جانب أن أي اتفاق في هذا الشأن ربما يواجه انتقادات في المنطقة العربية،
ويفاقم التوترات مع إيران.
وتقول الصحيفة نقلا عن مصادرها إن تأييد إنشاء علاقات مع الاحتلال تراجع
في السعودية والعالم العربي عموما، بسبب التصعيد
الإسرائيلي في الأراضي المحتلة،
والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
ونقلت عن السفير الأمريكي السابق
لدى إسرائيل، دانيال بي. شابيرو، قوله إن
التطبيع بين إسرائيل والسعودية بوساطة أمريكية
يصب في مصلحة الأطراف جميعها، لكنه ليس سهلا.
لكن عددا من المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة قالوا إن
الاتفاق أمر ممكن.
وقالت الصحيفة إن الرياض كثفت
في السنوات الأخيرة علاقاتها الأمنية مع تل أبيب بهدف مواجهة إيران، وترى المملكة
أيضا أن هنالك فرصا لصفقات اقتصادية مع سعيها لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، كما
سيكون انتصارا دبلوماسيا لبايدن الذي دخل في اشتباكات متكررة مع السعودية بشأن
حقوق الإنسان، وأسعار النفط، وحرب اليمن.
وإذا ما أقامت الرياض علاقات
دبلوماسية مع إسرائيل، فإن من شأن ذلك أن يشجع بقية العرب على احتضان الدولة
العبرية، وسيسرع جهود الولايات المتحدة لإقامة حلف عسكري إقليمي لمواجهة إيران.
لكن الصفقة السعودية الإسرائيلية
يمكن أن تقضي على الآمال بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، فعلى مدى عقود، قال
السعوديون علنا إن الدولة الفلسطينية شرط أساسي للاعتراف بإسرائيل.
في المقابل، يقول مسؤولون إسرائيليون إن
السعودية لم تعد تسعى إلى الحصول على تنازلات كبيرة بشأن القضية الفلسطينية كجزء
من المحادثات.
وتابعت الصحيفة بأن وفدين؛ أمريكيا وإسرائيليا، زارا الرياض أواخر العام الماضي، وقالا إن السعوديين لا يرون
أن القضية الفلسطينية ذات أهمية قصوى.
ويقول مسؤولون في إدارة بايدن وبعض المسؤولين السعوديين إن على إسرائيل أن
تفعل شيئًا بشأن تطلعات الفلسطينيين إلى الاستقلال، وقال مشاركون في المحادثات بين
البلدين إنه يمكن التوصل إلى اتفاق إذا وافقت إسرائيل على اتخاذ خطوة متواضعة، مثل إجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين.
وقال الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والمتخصص في
العلاقات السعودية الإسرائيلية، يوئيل جوزانسكي، إن الموضوع النووي يعد تحديا كبيرا لإسرائيل، وإن على إسرائيل التفكير فيما إذا
كان السلام يستحق مثل هذا الثمن.
وتريد السعودية أيضًا ضمانات قوية بأن واشنطن ستدافع عن
المملكة عند الحاجة، لكن الجهود السابقة التي بذلتها المملكة لتأمين مثل هذه
التأكيدات الأمريكية قوبلت بالرفض من قبل الرؤساء الديمقراطيين والجمهوريين في
الآونة الأخيرة.
وأحد الخيارات التي يتم نقاشها حالا، تسمية المملكة العربية السعودية
حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي، وهو وضع خاص منح لإسرائيل وقطر
والأردن ودول أخرى صديقة لواشنطن، وستسهل هذه الخطوة وصول الرياض إلى الأسلحة
الأمريكية.
وقد يواجه منح الرياض هذا المكانة الرفيعة انتكاسة في الكونغرس الأمريكي،
حيث يرى مشرعون مؤثرون من كلا الحزبين في واشنطن أن المملكة غير موثوقة.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع
عن الديمقراطيات مارك دوبويتز، الذي سافر إلى المملكة عدة مرات في الأشهر الأخيرة
لمناقشة هذه القضايا مع قادة السعودية، إن الرياض ملتزمة بالتطبيع مع إسرائيل، وإن
طلباتها وإن كانت صعبة، ليست إلا تعبيرا عن مخاوف أمنية سعودية، وليست وسيلة
لرفض التطبيع مع إسرائيل.
وتابعت الصحيفة بأن المملكة
تواجه أيضا مخاطر داخلية إذا أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حيث تقول استطلاعات
الرأي إن 5% فقط من المواطنين دعموا علانية تطبيع العلاقات في 2022 مقارنة بـ12% في عام 2016.
كما وجد استطلاع أجراه معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن هنالك دعما متزايدا لعلاقات تجارية ورياضية مع إسرائيل،
لكن الدعم يتلاشى بشأن الانضمام لاتفاقيات "أبراهام".
وختمت الصحيفة بأنه حتى دون علاقات رسمية بين البلدين، إلا أن الرياض وتل
أبيب عمقتا العلاقات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية مؤخرا.
وفي عام 2021، نقلت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" القضايا
الأمنية الإسرائيلية للقيادة الأمريكية المركزية، التي تضم السعودية، والكويت،
وقطر، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، وذلك مهد الطريق لمزيد من التعاون
بين إسرائيل وخصومها القدامى.
وأكدت أن مزيدا من الإسرائيليين يحصلون على تأشيرات دخول إلى المملكة، وفي
تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تحدث كبار رجال الأعمال الإسرائيليين في مؤتمر
اقتصادي هناك.