المجتمع:
أساس
الحياة الإنسان
الفرد، ومن أفراد تتكون الأسرة أو مجموعة أسر، فإن تفاعلوا بأمر مشترك كالعمل لأمر
متفق عليه له استمرارية سموا جماعة، فإن ربطت بينهم قوانين ونظم أو دولة كانوا
مجتمعا. ولاستمرارية المجتمع هذا فلا بد من عقد اجتماعي، ويتم اختيار نظام ما،
وتنبثق القوانين فتحتاج إلى سلطة تطبق هذه القوانين باتفاق المجتمع ولحمايته، وحفظ
كرامته واستقراره في الحياة وأمنه، وبذلك تكون
الدولة التي ينبغي أن يكون العامل
فيها أجيرا، والسيد هو الأمة أو الشعب، وكل يعرف واجبه.
مهام وتكليف:
هنالك خط رفيع ينبغي أن نفهمه، هو
واضح في الإسلام كمنهج ونظام، بيد أننا متعلقون بصيغ منظومة تنمية التخلف ومعايير
الجاهلية في تعريف الأشراف من الناس، فنرى فاعلية واضحة لأصحاب
السلطة سواء في
الحكومة أو أصحاب المال والأعمال. وسلوك الوظيفة العامة يعتمد على التربية البيتية
في التعامل وعلى إمكانية الفرد في أن يحدد دوره، ومع غياب فهم مفهوم الخدمة العامة
خارج مصطلحها، نجد انحدارا نحو الفساد متى ما سمح الوضع العام، وخيانة عملية مبررة
بعدم القدرة على مقاومة الفساد، لفقد الوظيفة أو التعرض لعمليات إزاحة للنظيف؛ قد
تكون بلا تخدير وبكل الوسائل التي تخطر أو لا تخطر على بال، والحجة صحيحة وفاعلة
في الواقع.
لكن لمنع هذا، لا بد
من تفعيل أصول الخدمة العامة وتربيتها وثقافتها، وتدريب القائم على السيطرة كيف
يتعامل مع الشعب بحفظ كرامتهم وأنه موجود لخدمتهم، وهم ليسوا مجرمين أو متهمين، بل
هو موجود من أجلهم. كذلك الشرطي، هو منفذ للقانون وليس هو القانون أو القاضي، كما
يفهم الموظف أنه مؤتمن على الوظيفة وليس موجودا ليعطي ميزة ما، بل كلما زادت
مسؤوليته كلما ثقلت مهمته في تحمل التابعين له وما تعني خدمته، ومن أجل هذا يرتفع
راتبه.
الفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.
واجب المدير
المتعامل مع المال إدارته بأفضل مخرجات، والمتعامل مع المواطن أن يجد أسلس الطرق
التي تساعد المواطن بحفظ كرامته، وليس اعتباره كأنه عبد يطيع الدولة، وليست الدولة
من ينبغي أن تكون خادمة له. ما نلاحظه من سوء
إدارة وفقدان التنظيم وجهد المواطن الكبير والصغير، وإحساسه بالمهانة والازدحام والفوضى
بسبب فقدان التنظيم، يجعل هنالك خطّا آخر للرشوة والفساد المالي، فالفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا
لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود
لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على
المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.
الدولة إذن تمثل
ترجمة العقد الاجتماعي والحافظ للقيم وكرامة الناس وعيش كريم، فالدولة هي المجتمع
الصحي الذي يسعى للمجموع وحقوق الفرد فيه مصانة وكرامته مقدسة.
أما السلطة، فهي القوة
التي تضبط بها القوانين المنبثقة عن العقد الاجتماعي والمعاني لهذه القوة، التي
لا تعني الإخضاع والإجبار، وإنما الأمان وتدريب القائمين على السلطة من الحكومة على
أفضل الطرق لسيادة المجتمع بالقانون والعدل، وهنا يطمئن الناس أن الخطأ نادر، وإن
حصل يعوض ويرمم، وهذا للأسف مفقود في مجتمعاتنا المتعددة في العالم المتخلف، حيث
يخشى المواطن على كرامته من إنسان في السلطة لا يفهم دوره أين يقع ولم يتدرب أو
يتعلم كيف يقوم بمهامه، ولم يعط الأسبقية في أمور ويؤخر في أمور أخرى.
النظام:
النظام نظامان،
نظام المجتمع وهو ما يعبر عن السياسة والدولة وإدارة الاقتصاد، وتعبر عنه رؤية
الأحزاب إن وجدت أو الحكومة بطريقة ما، كذلك واجب المواطن تجاه صيانة السلطة
وثباتها والدولة والنظام وكيفية تصويبه.
والنظام
الاجتماعي، وهو ما يعبر عن العلاقات البينية بين الناس والأسرة والعائلة والجيران،
والتعامل مع الدولة اندماجا بنظام المجتمع، وتنظيم العلاقات بما يكون عرفا أو قيما
يؤمن بها المجتمع.
التوازن مهم بين الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة السلبيات في المتطور من نظام.
لا يمكن إقامة
الدولة أو نجاح أي نظام بفرض رأي أو معتقد على المجتمع ككل، بل بإدارة الاختلاف وتماهيه
بألا تكون خصوصية المعتقدات أو طقوسها فاقعة، ليكون ذلك مقبولا وسمة ثقافية لا تشكل
خطرا على أية ناحية حياتية، من أجل هذا كان النظام الإسلامي يمنح خصوصية للمعتقدات
الأخرى لتسوية أمورها الخاصة، ما لم تتداخل مع الدولة عندها، فقوانين الدولة تحكم
الجميع، أما أن يفرض رأيا لمعتقد ويتم تجاهل الاختلاف، فإن العقد الاجتماعي يعتبر
منفرطا؛ وهذا خطر على كينونة الدولة، وامتحان لصلاحية النظام وشرعية السلطة
ومشروعية ما يؤهلها للقيادة باسم الشعب، بل هو
نهاية للعقد الاجتماعي الذي يشمل كل هذا. وعندها لا بد من إعادة التنظيم للعوامل
الثلاثة أو الجغرافيا، وعدم تلازم والتزام الشرعية بالمشروعية يقوضها أو يقوض الدولة
والسلطة والنظام.
التوازن بين
الثلاثي:
التوازن مهم بين
الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية
عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد
الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة
السلبيات في المتطور من نظام.
المؤكد أن
التناغم بين فاعليات العوامل الثلاثة يعزز نجاح الإنسان كمنظومة عاقلة.