كشف الخبير
الاقتصادي عز الدين سعيدان أن
صندوق النقد الدولي رفض الملف الذي تقدمت به
تونس من أجل الحصول على
قرض، كانت الحكومة تعول عليه من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية.
وفي تصريح لـ"
عربي21"، قال سعيدان إن تونس توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد مفاوضات ومحادثات تقنية دامت 18 شهرا، فيما جرت العادة أن تأخذ هذه الإجراءات 3 أشهر فقط.
وفي وقت سابق، أجّل صندوق النقد اجتماع مجلس إدارته بشأن برنامج القرض التونسي، الذي كان مقررا في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بحسب وكالة رويترز، بعد إعلان اتفاق بينهما في وقت سابق.
وجاء هذا القرار من أجل منح السلطات التونسية مزيدا من الوقت للانتهاء من إصلاحاتها، حيث تعتزم تونس إعادة تقديم ملف برنامج الإصلاح مرة أخرى عند استئناف اجتماعات صندوق النقد في آذار/ مارس 2023.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي عن توصله إلى اتفاق مع تونس، سيتم من خلاله منح قرض للبلاد بحوالي 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات.
وعن ذلك، قال الخبير الاقتصادي أن ملف تونس وقع سحبه قبل اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي لعدة أسباب، من ضمنها أسباب شكلية تتعلق بعدم تقديم الحكومة للملف في الوقت المحدد، وعدم إمضاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد على الموافقة على برنامج الإصلاحات.
وأضاف: "أما السبب الأبرز فيتمثل في أن تونس لم تتمكن من تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل موازنة 2023 ولتمويل برنامج الإصلاحات الذي توصلت على أساسه الحكومة إلى اتفاق مع خبراء الصندوق".
وبحسب قانون موازنة 2023، تعمل الحكومة التونسية على تعبئة موارد اقتراض بقيمة 24.1 مليار دينار (7.71 مليار دولار) متأتية بنسبة 66.2 بالمئة من الاقتراض الخارجي دون تقديم أي توضيحات عن مصدر هذه القروض.
وشدد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان على أنه "من المعروف في طريقة تعامل صندوق النقد أنه ليس هناك تأجيل، ومن يؤجل عادة فهو يقدم موعدا جديدا أو على الأقل يعلن بصفة رسمية عن ذلك، وما حصل في ملف تونس هو رفض".
واستدرك بالقول إن "هذا المعطى لا يمنع تونس من أن تعود إلى صندوق النقد الدولي في وقت لاحق من أجل الحصول على قرض، لكن ستكون هناك ملف جديد وشروط أخرى وقيمة أقل بالنسبة للقرض".
وأضاف: "لا يجب أن ننسى ما الذي حصل مع لبنان الذي توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء منذ نيسان/ أبريل الماضي، لكن لم يقع إلى حد الآن التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد".
وتابع: "العودة إلى صندوق النقد الدولي ممكنة، لكن بشروط مختلفة لأن المعطيات تتغير، فمنذ إعلان اتفاق الخبراء مع تونس في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تغيرت عديد المعطيات بشأن عجز الميزان التجاري وعجز موازنة الدولة ونسبة التضخم واحتياطي العملة الصعبة".
وتسارع نمو تضخم أسعار المستهلك على أساس شهري في تونس إلى 10.1 بالمئة على أساس سنوي، خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صعودا من 9.8 بالمئة في تشرين الثاني/ نوفمبر السابق له، في وقت تعاني فيه تونس من استمرار نسق ارتفاع أسعار السلع في السوق المحلية.
وتوقع محافظ البنك المركزي مروان العباسي ارتفاع نسب التضخم إلى 11 بالمئة في 2023، مع استمرار ضغوط الأسعار العالمية على الأسواق المحلية.
وفي آخر تحديث نشره البنك المركزي الإثنين الماضي، تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة، ليبلغ 97 يوم توريد، أي ما يُمثل 22.343 مليون دينار (حوالي 7.33 مليون دولار)، مقابل 134 يوم توريد من نفس الفترة من السنة الماضية.
وزيادة عن ذلك، أشار الخبير الاقتصادي إلى خفض وكالة موديز للتصنيف الائتماني، للتصنيف الائتماني لتونس إلى CAA2 مع نظرة مستقبلية سلبية، مشيرا إلى أن ذلك يدخل ضمن المعطيات التي تتغير والتي قد تدفع صندوق النقد الدولي إلى تغيير موقفه من تونس، بحسب عز الدين سعيدان.
وأضاف أن "خفض التصنيف جاء بالأساس مع رفض ملف تونس من قبل صندوق النقد الدولي، وفي الوقت ذاته، هذا التصنيف الجديد سيجعل من الاتفاق النهائي مع النقد الدولي أصعب وأبعد من أي وقت مضى".
وتابع: "أصبحت تونس الآن في معادلة صعبة، حيث شدد تقرير وكالة موديز على أنه حتى في صورة التوصل إلى اتفاق نهائي مع النقد الدولي، فإن ذلك لن يكون كافيا لأنه في أفضل الأحوال ستتحصل تونس على 430 مليون دولار خلال 2023، فيما يفترض قانون الموازنة الحصول على قروض خارجية بقيمة 5 مليار دولار".
وختم بالقول إن "الوضع أصبح صعبا، سواء على المستوى الثنائي بين تونس والصندوق، أو بين تونس وبقية المؤسسات الدولية المانحة الذي يربط مساعدة تونس بتوصلها إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي".