بعد
إعلان جيش الاحتلال قبل أسابيع أنه سيبدأ باستخدام الطائرات بدون طيار في عملياته العدوانية
في
الضفة الغربية، فقد كشفت أحداث الليلة الماضية في نابلس عن استخدامها الفعلي، وهي
التي تعتبر وسيلة أكثر فتكًا للسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أن استخدمها
لسنوات طويلة في قطاع غزة.
اليوم،
وقد وصلت المسيّرات
الإسرائيلية رسميًا إلى الضفة الغربية، بعد أن أعطى رئيس أركان
جيش الاحتلال أفيف الضوء الأخضر لاستخدامها، يمكن القول إن المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية
في الضفة الغربية دخلت طورا جديدا منذ انتهاء عملية السور الواقي في 2003، بما يشير
إلى تحول الضفة إلى منطقة مكتظة بالسلاح والمسلحين، وأنها باتت مستعصية على جيش الاحتلال، ما دفعه إلى الاستقواء بهذه الابتكارات الفتاكة.
صوفيا
غودفريند خبيرة المراقبة الرقمية نقلت عن أوساط عسكرية أن "اللجوء لهذه الحرب
الآلية توفر حلولاً سريعة لدائرة العنف، التي باتت مزمنة، واشتد أوارها بمرور الوقت،
حتى تحول عام 2022 بالفعل إلى أكثر الأعوام دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية، منذ سبع
سنوات، ما دفع جيش الاحتلال إلى استخدام هذه المسيّرات في محاولة فاشلة لحلّ هذه "الأزمة
الأمنية" الظاهرة النابعة في الواقع من عقود من الاحتلال، وانعدام الآفاق الاقتصادية،
والقيادة السياسية المهتزة".
وأضافت
في مقال نشره موقع "
محادثة محلية"، ترجمته "
عربي21" أن "جيش
الاحتلال يريد استخدام هذه الطائرات بدون طيار للقيام بمراقبة مخيمات اللاجئين ومهاجمة
المسلحين، وتأمين نقاط التفتيش العسكرية، عبر الكاميرات البيومترية لتتبع الفلسطينيين
في جميع أنحاء الضفة الغربية، وبهذا المعنى فإن الطائرات بدون طيار تجعل القتل الإسرائيلي
للفلسطينيين يبدو أقل قذارة، وأكثر كفاءة، رغم أن هذا خيال لا أساس له في الواقع، لأن
17 عامًا من الضربات الجوية المميتة في غزة تثبت ذلك".
وأشارت
إلى أن "المنظومة العسكرية الاحتلالية اليوم تزعم أن الأسلحة الإلكترونية التي
تشمل كاميرات أفضل، وخوارزميات متطورة، وصواريخ أكثر دقة، قد تكون بديلاً عن استراتيجية
قتالية ميدانية، تغذي حلقة مفرغة لا نهاية لها من القتال، مع العلم أن دولة الاحتلال
ذات باع طويل في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وبدأت باستخدامها منذ 1968 لمراقبة
الحدود المصرية، وفي بداية حرب لبنان الأولى 1982، توفر لديها خط إنتاج منها، طارت
جنبًا إلى جنب مع الطائرات المقاتلة، وتحديد الأهداف وتوجيه الصواريخ".
وهذه الطائرات بدون طيار يستخدمها الاحتلال لرشّ المتظاهرين في المسجد الأقصى بالغاز
المسيل للدموع، ومن خلالها يقوم جنوده بالضفة الغربية بتفريق الحشود عند نقاط التفتيش، ما يجعل المتظاهرين يشعرون بالدوار والغثيان، وضباط المخابرات يطيرون فيها فوق مدينة
غزة لتحديد أهداف التفجيرات، ويعيش الفلسطينيون لسنوات في ظل حرب الطائرات بدون طيار،
وباتوا يسمونها "زنانة"، في إشارة إلى "الأزيز"، أي الضجيج المتواصل
فوق السطح، مثل سرب من النحل.
وقد
شهدت السنوات الأخيرة تفاخر الاحتلال بالزعم أن المسيّرات توفر له "جيشًا بلا
جنود"، وهذا وهم، لأنها تحوّل المزيد من الجنود إلى المراقبة والاغتيالات، وتقوم
فرق من المحللين بفحص المعلومات من الأقمار الصناعية والكاميرات الأمنية والطائرات
بدون طيار والتصوير الجوي وبيانات موقع الهاتف الخلوي والاستخبارات الميدانية، ويرسلون
النتائج والبيانات لإنشاء خوارزميات ستوجه الطائرات بدون طيار إلى مكان الهجوم، وهو ما
تقوم به من هجمات في غزة وسوريا ولبنان، رغم أن إسرائيل من خلال مسيّراتها تخوض حروبا
بلا انتصارات.