أشارت القوائم
المالية للبنك المركزي المصري للعام المالي 2021-2022 المنتهي آخر حزيران/ يونيو الماضي،
إلى تحقيق خسائر بلغت 123.5 مليار جنيه، كفرق بين الإيرادات البالغة 110.3 مليار
جنيه والمصروفات البالغة 233.8 مليار جنيه، لتصل نسبة الإيرادات إلى المصروفات 47 في
المائة، وهي أدنى نسبة خلال السنوات المالية العشر الأخيرة.
وبتلك النتائج
واصل البنك المركزي المصري خسائره للعام المالي الخامس على التوالي، وبقيمة غير
مسبوقة للخسارة، ليصل إجمالي خسائر السنوات الخمس إلى 257 مليار جنيه، الأمر الذي
أدى إلى تآكل حقوق الملكية بشكل كبير، مما دفع إلى النص بقانون البنوك الجديد رقم
194 لسنة 2020 بالمادة 4 منه، على قيام وزارة المالية بتغطية حقوق الملكية السالبة
للبنك المركزي.
وهو ما قامت به
بالفعل بتقديم 163.2 مليار جنيه في العام المالي الأخير، بعد قيامها بتقديم 43.5
مليار جنيه في العام المالي السابق لنفس الغرض، رغم العجز الكلي المزمن في الموازنة
المصرية المتوقع بلوغه 588 مليار جنيه في العام المالي الحالي (2022-2023).
كما تسببت تلك
الخسائر في انقطاع ضرائب الأرباح التي كان البنك المركزي يدفعها قبل خمس سنوات
مالية حين كان يحقق فائضا، علاوة على إعفاء البنك المركزي من ضريبة الدمغة، ليقتصر
ما يقدمه المركزي من ضرائب على ضريبة سندات الخزانة التي يستقطعها من المنبع،
ويوردها لوزارة المالية، والتي بلغت 18 مليار جنيه.
بلغت حقوق الملكية في البنك المركزي المصري والتي تشمل رأس المال والاحتياطيات في العام المالي الأخير 20 مليون جنيه، ونكرر الرقم حتى لا يظن القارئ أن هناك خطأ لتدني القيمة (عشرون مليون جنيه)، أي حوالي مليون دولار بالسعر الرسمي
يزداد العجب لدى الكثيرين عن أسباب خسارة البنك المركزي، رغم حصوله على نسبة من ودائع البنوك العاملة بالبلاد، في إطار نسبة الاحتياطي القانوني الإلزامي بدون فائدة، والتي بلغ رصيدها في العام المالي الأخير، 355 مليار جنيه تمثل نسبة 12 في المائة من الالتزامات على البنك المركزي
أمر يتسق مع الجو البوليسي الذي تعيشه البلاد، فرغم أن تلك القوائم المالية للمركزي ذات الخسائر منشوره على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي، إلا أن الصحف الإقتصادية المحلية لم تتحدث عن تلك الخسائر، بعد تسبب محافظ البنك المركزي السابق في حبس صحفي كبير في إحدى الصحف الاقتصادية، لمدة 11 شهرا لمجرد نشر الموقع الإلكتروني للجريدة خبرا عن الاحتياطي في البنك المركزي
الأمر الغريب
أيضا هو ضعف الإفصاح والشفافية في بيانات المركز المالي للبنك المركزي، خلافا
لتعهده بذلك خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي عام 2016، فليس هناك أي توضيح
لسبب الخسائر خلال السنوات الخمس أو خروج لوسائل الإعلام للتوضيح، أو تفصيل للارتفاع
الكبير في قيمة قروضه وودائعه المساندة للبنوك التي بلغت 292.5 مليار جنيه، والتي
تصل آجالها إلى عام 2038 أي بعد 16 عاما، بذكر البنوك المستفيدة من تلك القروض
والودائع خاصة الجزء الخالي من الفوائد منها والبالغ 162.5 مليار جنيه.
وهو أمر يتسق مع
الجو البوليسي الذي تعيشه البلاد، فرغم أن تلك القوائم المالية للمركزي ذات
الخسائر منشوره على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي، إلا أن الصحف الإقتصادية
المحلية لم تتحدث عن تلك الخسائر، بعد تسبب محافظ البنك المركزي السابق في حبس صحفي
كبير في إحدى الصحف الاقتصادية، لمدة 11 شهرا لمجرد نشر الموقع الإلكتروني للجريدة
خبرا عن الاحتياطي في البنك المركزي لم يلق قبولا من المحافظ، ورغم حذف الخبر من
الموقع الإلكتروني بعد ثلث ساعة من نشره بعد اتصال مكتب المحافظ بالجريدة.
أثر الخسائر على استقلالية
قرارات المركزي
ويظل السؤال عن
أثر تلك الخسائر المتتالية لخمس سنوات على قرارات واستقلالية قرارات البنك المركزي،
ومن تلك الآثار التوسع في إصدار النقد والذي بلغت زيادته في العام المالي الأخير حوالي
116 مليار جنيه، كما بلغت أرصدة زيادته بسنوات الخسائر الخمس المالية 384 مليار
جنيه، مقابل 256 مليار جنيه لخسائر السنوات الخمس.
ومن الطبيعي أن
يؤثر التوسع في إصدار النقد في رفع معدلات التضخم، التي تستهدف السياسة النقدية للمركزي
خفضه في نطاق مستهدف مُعلن، كما يكلف البنك المركزي عندما يدفع فائدة للبنوك خلال
المزادات الأسبوعية لودائعها بالمركزي، الأمر الذي دفعه إلى رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي
الذي تضعه البنوك لدى المركزي بلا فائدة، إلى 18 في المائة من ودائعها بالعملة
المحلية، حتى يجتذب قدرا أكبر من الأموال بلا تكلفة، خاصة وأن اضطراب أحوال السوق المصرية
منذ شهر آذار/ مارس الماضي وحتى الآن، من نقص للدولار وعودة السوق السوداء مرة
أخرى، وبطء إجراءات الإفراج عن السلع المستوردة كوسيلة لخفض الواردات وتقليل الضغط
على الدولار، قد أدى لنقص مستلزمات الإنتاج لدى المصانع مما أثر على معدلات
التشغيل بها، وهو أمر سينعكس حتما على التزام تلك المصانع والشركات بسداد ما عليها
من قروض للبنوك.
البنك المركزي المسؤول عن وضع السياسة النقدية وتنفيذها، أصبح يضع مصالح وزارة المالية في مكانة أعلى وهو يتخذ قراراته، حيث أن رفع الفائدة بنسبة واحد في المائة يزيد من تكلفة فوائد الدين في الموازنة بنحو 28 مليار جنيه، وهي الفوائد التي بلغت 690 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي
twitter.com/mamdouh_alwaly
تطوع أم تطويع؟.. مفاهيم ملتبسة (22)
خروج الأموال الساخنة وارتفاع قروض مصر بالربع الثاني من العام
النمو ومعدلاته الكاذبة.. مفاهيم ملتبسة (21)