اقتصاد عربي

تراجع صافي الأصول الأجنبية بمصر لأدنى مستوى.. ماذا يعني؟

التراجع يعد الأدنى في تاريخ البنوك المصرية بما فيها البنك المركزي- جيتي

تواجه البنوك المصرية أزمة غير مسبوقة، بهبوط صافي الأصول الأجنبية (النقد الأجنبي) إلى سالب 305.1 مليار جنيه في أيار/ مايو الماضي، للشهر الثامن على التوالي، بحسب ما أظهرت بيانات البنك المركزي المصري.

وتراجعت حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية لشهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل بقيمة إجمالية بلغت 7.2 مليار دولار، كما أظهرت البيانات أن صافي الأصول الأجنبية انخفض في مايو/ أيار 3.5 مليار دولار.

وانخفضت حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية إلى 180.5 مليار جنيه مصري (9.62 مليار دولار) بنهاية نيسان/ أبريل من 315.9 مليار بنهاية شباط/ فبراير، وبلغت الحيازات الأجنبية 187.2 مليار بنهاية آذار /مارس، ما يعني استمرار الأجانب في التخلص من أذون الخزانة المصرية.

وصافي الأصول الأجنبية، بيان يصدر بشكل دوري من البنك المركزي، عن صافي حجم ما تملكه البنوك المصرية من أصول بالعملة الأجنبية بين ودائع وأوراق مالية وخلافه، مخصوما منه التزاماتها كأقساط وفوائد الديون الخارجية بالنقد الأجنبي.

وبحسب خبراء ومحللين اقتصاد، فإن تسجيل صافي الأصول الأجنبية بالسالب، وفقا للمركزي المصري، يعني أن الالتزامات الخارجية على الحكومة المصرية من النقد الأجنبي تتعدى ما لديها من العملات الأجنبية.

 

اقرأ أيضا: ما خطورة تحول قيمة صافي أصول مصر الأجنبية إلى السالب؟

وحول مدى خطورة هذا المستوى من الانخفاض في صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي المصري، يعد الأدنى في تاريخ البنوك المصرية بما فيها البنك المركزي إن لم يكن الأدنى على الإطلاق حسبما نقل "مدى مصر" (محلي) عن مسؤول سابق في البنك المركزي فضل عدم ذكر اسمه.

خسائر للبنوك


ويقول الخبير المصرفي والاقتصادي المصري في واشنطن، شريف عثمان، إن "صافي الأصول الأجنبية يعني مراكز البنوك من النقد الأجنبي، وتراجعها في أي بنك بالسالب يعني أن هناك مراكز مالية مفتوحة لم يتم غلقها بأن قامت مثلا بالبيع للعميل دولار ولم تتمكن (البنوك) من شرائه من مكان آخر مرة أخرى، وهذا هو الحاصل في الأشهر الأخيرة حيث قامت البنوك بالبيع وغير قادرين على الشراء".

وأكد لـ"عربي21": "أن استمرار تراجع صافي الأصول يعني عدم قدرة الجنيه المصري على الصمود أمام الدولار لأن البنوك ترغب في إغلاق مراكزها المفتوحة فبالتالي يزيد الطلب على الدولار ويرتفع سعره أمام الجنيه لأن المعروض من الدولار قليل، وهو ما نراه بشكل يومي حيث ينخفض الجنيه قرش أو قرشين أو ثلاثة لتخفيف الصدمة على الأسواق والمستثمرين والمستهلكين".

النقطة المهمة في الأمر، يقول الخبير المصرفي، أنه عندما تكون هناك مراكز مالية مفتوحة لدى البنوك تظهر في صورة صافي أصول أجنبية في القطاع المصرفي بالسالب والدولار يرتفع فإنها تتكبد خسائر مالية كبيرة لأن لديها مراكز مكشوفة وقامت بالبيع بسعر يقل بكثير عن السعر الجديد الذين يرغبون في شرائه.

تراجع وشيك للجنيه

وحول علاقة تراجع قيمة الجنيه المصري باستمرار انخفاض صافي الأصول الأجنبية، يقول المحاضر في كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية، الدكتور هاني جنينة، إنه أحد يعد أحد أسباب تراجع الجنيه مقابل الدولار منذ آذار/ مارس الماضي.

ولم يستبعد جنينة، في تصريحات صحفية، توقف البنك المركزي عن ضخ الدولار في السوق لمساندة الجنيه. وهو الإجراء المتبع من المركزي المصري منذ سنوات فيما بات يعرف في عالم الاقتصاد "بالتعويم المدار".

فيما حذر الخبير الاقتصادي المصري الأمريكي في الولايات المتحدة، محمود وهبة، من مغبة هذا الهبوط على أموال وودائع المصريين في البنوك في ظل استمرار تخارج الأجانب من أذونة الخزانة وزيادة الالتزامات الخارجية على مصر.

 

اقرأ أيضا: بعد رفع الفائدة وخفض الجنيه المصري.. خبراء يتوقعون "الأسوأ"

وأضاف لـ"عربي21" أن غالبية الأموال الساخنة هربت والباقي في طريقها للهروب بسبب الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي تمر بها البلاد، وقلق المستثمرين من عدم وفاء الدولة بالتزاماتها، وحجم الأموال التي هربت أكثر مما هو موجود لدى المصارف المصرية وتم السداد من ودائع المصريين بالبنوك".

وتوقع الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري، أن يواجه "الجنيه المصري المزيد من الضغوط خلال الشهور القليلة المقبلة والمزيد من الانخفاض مع استمرار تراجع الواردات الدولارية ونقص السيولة من النقد الأجنبي".
 

 

 



 

 


السندات الدولارية المصرية تهوي

في غضون ذلك، تعرضت السندات السيادية الدولارية للحكومة المصرية لصدمة جديدة بعد ارتفاع مؤشر الدولار في الأسابيع القليلة الماضية؛ نتيجة ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات.

وشهدت السندات السيادية الدولارية المصرية انخفاضا جديدا نهاية الأسبوع الماضي، وتراجعت السندات ذات الآجال الأطول بما يصل إلى 1.3 سنت في الدولار لتسجل مستوى قياسياً جديداً، وفقًا لبيانات تريد ويب.

وكشف وزير المالية المصري، محمد معيط، منذ أيام، أن الأموال الساخنة غادرت على مدار أربع سنوات بمقدار 55 مليار دولار بعد خروج 15 مليار دولار أثناء أزمة الأسواق الناشئة في 2018.