صحافة دولية

WP: لماذا توحّد إدارة بايدن خصومها بسياستها الردعية؟

GettyImages- بايدن أمريكا

قالت صحيفة "واشنطن بوست"؛ إن إدارة بايدن تعاملت مع الأزمة الأوكرانية بذكاء وفعالية، وصاغت سياسة يمكن وصفها بـ "الردع بالإضافة إلى الدبلوماسية"، لكنها في الوقت ذاته جمعت خصومها ووحدتهم رغم خلافاتهم.

وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الإدارة الأمريكية وجهت تهديدات جديرة بالثقة بشأن تكاليف الغزو الروسي، وحشدت حلفاءها الأوروبيين في عرض للوحدة مثير للإعجاب. وبينما رفضت (بشكل صحيح) التعهد بمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، فقد عرضت مناقشة كل شيء آخر تقريبا، من الحد من التسلح إلى نشر الصواريخ.

لكن هذه الأزمة سلطت الضوء على فشل استراتيجي أكبر يمتد إلى ما بعد هذه الإدارة. إحدى القواعد المركزية للاستراتيجية هي تقسيم خصومك. لكن السياسة الخارجية الأمريكية تفعل العكس بشكل متزايد. في وقت سابق من هذا الشهر، في وثيقة من أكثر من 5000 كلمة، أكدت روسيا والصين  "صداقة بلا حدود". يبدو أن القوتين أقرب بعضهما إلى بعض من أي وقت مضى منذ 50 عاما.

فبالنسبة لروسيا وهي قوة آخذة في التدهور بشكل أساسي، فإن دعم الصين هو نعمة من السماء. والسبب الأكثر أهمية الذي قد يجعل حتى العقوبات الصارمة ضد روسيا غير مجدية، هو أن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يمكن أن تساعد.

وأعلنت روسيا مؤخرا عن صفقات جديدة لبيع المزيد من النفط والغاز للصين، ويمكن لبكين شراء المزيد من الطاقة والواردات الأخرى من البلاد. كما يمكن أن يسمح لموسكو باستخدام مختلف الآليات والمؤسسات الصينية للتهرب من القيود المالية الأمريكية.

قال سيرغي كاراغانوف، مستشار الكرملين، لنيكاي: "الصين هي وسادتنا الاستراتيجية". نحن نعلم أنه في أي موقف صعب، يمكننا الاعتماد عليها للحصول على الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي.

وقالت الصحيفة: "بالنسبة لأولئك الذين قد يجادلون في أن هذه مجرد حالة تجمع بين نظامين استبداديين، من الجدير بالذكر أنه لم يكن الأمر كذلك دائما. في عام 2014 عندما كان كلا البلدين مستبدين أيضا، رفضت الصين بشدة دعم الغزو الروسي لأوكرانيا. ولم تعترف بعد بضم شبه جزيرة القرم. وبالمثل، لم تدعم بكين تدخل روسيا في جورجيا، وأعربت عن دعمها لوحدة أراضي ذلك البلد واستقلاله".

ولفتت إلى أن كلا من الصين وروسيا خصمان للغرب، لكنهما مختلفان تماما بعضهما عن بعض، وإن الجمع بينهما علامة على انتصار الأيديولوجيا على الإستراتيجية في واشنطن هذه الأيام؛ فروسيا فلاديمير بوتين هي دولة مفسدة جيوسياسية. لقد غزت جارتين، جورجيا وأوكرانيا، واحتلت أراضي في هذين البلدين، وهو أمر غير مسبوق تقريبا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وبحسب التقارير، فقد استخدمت الحرب الإلكترونية لمهاجمة وإضعاف أكثر من عشرة ديمقراطيات، بما في ذلك الولايات المتحدة. ولقد دعمت حلفاء مثل بشار الأسد بالقوة الغاشمة. وقتلت معارضيها، حتى عندما كانوا يعيشون في دول مثل ألمانيا وإنجلترا. وباعتبارها دولة بترول، فإنها تستفيد بالفعل من عدم الاستقرار، الذي يمكن أن يرفع أسعار النفط والغاز.

والصين مختلفة. إنها قوة عالمية صاعدة تسعى إلى نفوذ أكبر بينما تكتسب قوة اقتصادية. لقد كانت عدوانية في سياساتها تجاه بعض الدول، ولكن بصفتها جهة فاعلة اقتصادية كبيرة، يمكنها الادعاء بمصداقية أنها تريد الاستقرار في العالم. كما أشار روبرت مانينغ في مجلة فورين بوليسي في عام 2020: "لا تحاول بكين استبدال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى ؛ إنها تحاول أن تؤ دوديرا مهيمنا فيها".

وقالت الصحيفة في الماضي، صوتت بكين لصالح دعم العقوبات ضد الأنظمة المارقة مثل ليبيا وإيران وكوريا الشمالية، على الرغم من أن روح التعاون هذه كانت تتضاءل، خاصة في الأشهر الأخيرة. ولقد استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل أقل بكثير من روسيا أو الولايات المتحدة. وتشكل الصين تحديا حاسما لأمريكا، لكن الكثير مما نحتاج إلى القيام به لمكافحة هذا التحدي يقع في مجال السياسة المحلية، وسن تدابير من شأنها إطلاق العنان للابتكار والقدرة التنافسية للولايات المتحدة.

كان أعظم رجل دولة في أوروبا في القرن التاسع عشر هو الألماني أوتو فون بسمارك، الذي كانت استراتيجيته المركزية دائما إقامة علاقات أفضل مع كل من خصومه مما كانت عليه فيما بينهم. ومنذ أن سحب الرئيس ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر الصين بعيدا عن الاتحاد السوفيتي في عام 1972، كانت الولايات المتحدة لعقود من الزمان أقرب إلى كل من روسيا والصين منهما إلى بعضهما.

لكن لم يعد الأمر كذلك. كان هناك حديث في واشنطن عن محاولة "عكس كيسنجر" - محاولة لفطم موسكو بعيدا عن بكين. وتحركت إدارة بايدن في هذا الاتجاه العام الماضي، لكن هذا كان سوء فهم ساذج لبوتين، الذي كان رد فعله هو بدء الأزمة الحالية. ربما لم يكن المطلوب هو عكس كيسنجر، ولكن ببساطة كيسنجر، وهو محاولة لعلاقة عمل أفضل مع الصين. هذا، على أي حال، هو ما دعا إليه هنري كيسنجر.

وقالت الصحيفة: "في بداية الحرب الباردة، عندما هيمنت الأيديولوجيا أيضا على الاستراتيجية، جمعت واشنطن كل الدول الشيوعية معا. ولقد استغرق الأمر من الولايات المتحدة 25 عاما (وحرب فيتنام)، لتعلم أنه يجب علينا معاملة موسكو وبكين بشكل مختلف.

 

ففي بداية الحرب على الإرهاب، أعلنت إدارة جورج بوش الإبن أن العراق وإيران وكوريا الشمالية تشكل محور الشر، وهو خطأ ما زلنا ندفع ثمنه، فدعونا نأمل ألا نضطر هذه المرة إلى تحمل مغامرة طويلة ومكلفة، قبل أن ندرك أخيرا أنه لا ينبغي لنا أن نساعد في توحيد أعدائنا".