ملفات وتقارير

أحكام "خلية الأمل" تنسف مزاعم السيسي بشأن الحقوق والحريات

محكمة مصرية قضت بحبس برلماني سابق ونشطاء آخرين بتهمة نشر أخبار كاذبة- جيتي

شكل الحكم القضائي الصادر من إحدى محاكم أمن الدولة في مصر بحق عدد من السياسيين والصحفيين والنقابيين صدمة في الأوساط الحقوقية والسياسية، خاصة أنها جاءت بعد تهيئة الأجواء إعلاميا بوجود انفراجة على المستويين السياسي والحقوقي.


وقضت محكمة أمن الدولة طوارئ، وهي محكمة استثنائية أنشئت بموجب حالة الطوارئ، بحبس البرلماني السابق زياد العليمي 5 سنوات مع الشغل، والصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس وهما ناشطان سياسيان يساريان، بالسجن أربع سنوات في القضية نفسها كما حكم على ناشطين آخرين هما محمد البهنسي وحسام عبد الناصر بالحبس ثلاث سنوات وغيابيًا للنقابية فاطمة رمضان.


وكانت النيابة العامة وجهت للمتهمين تهما من قبيل نشر أخبار ومعلومات كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد، وارتكاب جرائم الاشتراك مع جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها.


وأكد حقوقيون وسياسيون أن مثل هذه الأحكام تكشف حقيقة ما يروجه النظام المصري من مزاعم وادعاءات عن تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وفتح المناخ العام في مصر، وأنها لا تعد انتكاسة لهذين الملفين لأنهما غير موجودين أصلا على أرض الواقع.

 

اقرأ أيضا: أحكام بالسجن على نشطاء مصريين من "رموز" ثورة يناير

وكان رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، قد أطلق في أيلول/ سبتمبر الماضي ما يسمى بالإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واعتبرها نقطة مضيئة في تاريخ مصر، وخطوة جادة على سبيل النهوض بحقوق الإنسان بالبلاد، معلنا سنة 2022 "عام المجتمع المدني".


وتعتمد الإستراتيجية الجديدة على 4 محاور رئيسية، هي الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، التثقيف وبناء القدرات في حقوق الإنسان.


وفي نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، أعلن السيسي عدم تمديد حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد منذ سنوات والتي تتجدد باستمرار، وقال في تدوينة على فيسبوك حينها: "باتت مصر، بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة".


واعتبر رئيس محكمة سوهاج السابق، المستشار محمد سليمان، أن مثل هذه الأحكام تفند جميع الإجراءات التي أطلقها نظام السيسي فيما يخص الحقوق والحريات، وقال: "الخطوات الأخيرة هي شعارات بلا مضمون الغرض منها إيهام الغرب وأمريكا باحترام حقوق الإنسان، ولكن الواقع يظل مريراً عاجزا عن خداع كل من لديه قدر من التبصر".


وانتقد في تصريحات لـ"عربي21" الأحكام الصادرة بحق عدد من السياسيين والصحفيين بتهمة واحدة متكررة في كل القضايا، مؤكدا أنها "امتداد لكل الأحكام السابقة الصادرة بحق معارضي النظام، محاكمات سياسية تصدر عنها أحكام موجهة".


ورأى القاضي المصري أن "توقيت صدور الحكم بعد 10 سنوات على ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك، يشير بلا شك إلى أن النظام لا يزال يستهدف كل شيء يتعلق بثورة يناير، وكل شيء يحدث هو حرب على ثورة 25 يناير".

 

 

غضب حقوقي

 
وأصدرت ثماني منظمات حقوقية مصرية بيانا استنكرت فيه "الحكم الاستثنائي" غير القابل للطعن، بحق العليمي ورفاقه في القضية رقم 957 لسنة 2021 من قبل محكمة جنح أمن دولة طوارئ، ووصفت الحكم بأنه "يمثّل استمراراً للسياسات المعادية لحقوق الإنسان"، مطالبة السيسي بعدم التصديق عليه، والإفراج فوراً عن المتهمين، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهم.


من جهته، قال المسؤول عن شمال أفريقيا والشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "لم يكن من المفترض أن يتم في الأصل توقيف هؤلاء السياسيين والناشطين ورغم ذلك صدرت في حقهم أحكام بالسجن لانتقادهم بشكل مشروع السلطات المصرية".


وفي اليوم التالي، قضت محكمة النقض بشكل نهائي بتأييد قرار محكمة جنايات القاهرة الصادر بتأييد إدراج عبد المنعم أبو الفتوح وابنه أحمد، والقيادي الإخواني محمود عزت، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، على قوائم الإرهابيين لمدة 5 سنوات؛ لاتهامهم بالقضية التي تحمل الرقم 1 و2 لسنة 2020 إدراج إرهابيين.

 

 

 

 

 

الانفراجة..حبر على ورق

 
وبشأن دلالة هذه الأحكام، قال وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى سابقا، عز الدين الكومي، "هذا الحكم وغيره من الأحكام الجائرة التي يصدرها القضاء المسيس يؤكد أن الزفة التي صاحبت إلغاء حالة الطوارئ وتدشين إستراتيجية حقوق الإنسان في مصر مجرد أوهام أو حبر على ورق، وكانت رسالة دعائية موجهة لأمريكا والغرب إبان زيارة وفد الانقلاب إلى أمريكا للتبشير بتحسن أوضاع حقوق الإنسان في مصر".


وأكد لـ"عربي21": "أن النظم الديكتاتورية لا تعترف إلا بالقمع والقهر وانتهاكات حقوق الإنسان وتقدم مقايضات لذلك مع الدول الغربية من خلال شراء الأسلحة "البايرة" بالمليارات وتكديسها وعقد صفقات مشبوهة فضلا عن تقديم نفسه (أي السيسي) ككلب حراسة شواطئ جنوب المتوسط لمنع الهجرة غير الشرعية والقيام بتنفيذ متطلبات أمن الصهاينة بتفريغها من أهلها حماية للأمن الصهيوني إرضاء لأمريكا وفي المقابل تغض الدول الغربية وأمريكا الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر".


واستدرك الكومي: "لكن في نفس الوقت رسالة لكل من انخدع بأباطيل الإعلام ودعايات الشؤون المعنوية التي مهدت للانقلاب العسكري على التجربة الديمقراطية في مصر لكن للأسف الشديد تعاونوا مع العسكر ليخلصهم من حكم المرشد بزعمهم ظنا منهم بأن العسكر سيتركون لهم السلطة بعد القضاء على الإخوان، إن العسكر لا يقبل المدنيين بصرف النظر عن انتماءاتهم وخير دليل ما حدث في السودان وما البرهان وحميدتي منا ببعيد".