قضايا وآراء

إيقاف ومنع

1300x600
لا حديث الآن في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر سوى وقف شركة الإنتاج الكبيرة لمخرج؛ لأنه أخفق بشكل غير مسبوق في إخراج مسلسل تليفزيوني. كانت فضيحة بكل المقاييس، وكانت وبالاً على المشتركين بالمسلسل أدبياً وفنياً.

كان التمثيل أقرب إلى المبالغة الكرتونية التي أضرت بالعمل، كما أن السيناريو جاء مهلهلاً مفتعلاً. أما طريقة السرد فجاءت أقرب إلى السرد الساذج المباشر؛ الذي يحاكي المسلسلات الأمريكية الرديئة المستوى. صاحَبَ كل هذا الاتهام الكبير الذي ألَمَّ بالمخرج مسألة في غاية التردي، وهي أنه اعتمد توظيف المسلسل وكل من فيه لخدمة زوجته الممثلة.

باختصار كان العمل فضيحة بكل المقاييس؛ ولكن جاء رد الفعل محيراً فقد استقبل المعظم هذا القرار بشكل من الأريحية وكثير من الشماتة والغل المكبوت تجاه هذا المخرج.

مع اختلافنا على قيمة أعمال ذلك المخرج؛ ولكن ما قدمه من الأعمال - على أي حال - كان قد نالها ما نالها من النجاح المدوي، والثناء على موهبته الفذة. ولكن هذه السقطة في هذا العمل نفّرت منه الجميع، بل وشمت فيه من شمت. وصلت الشماتة بالبعض لحد المطالبة بانتزاعه نزعاً من الوسط الفني؛ كأنه لم يكن.

بنظرة متأنية وموضوعية لما حدث للمخرج وزوجته من مطالبة بالإقصاء والتهميش والتحجيم برغم خطئه، نراه غير منطقي وموضوعي وينزع إلى روح التشفي والغل والحقد، ويكرس المفاهيم السالبة لأخلاقيات وضمير المهنة.

لعل الملاحظ والمثير للدهشة أيضاً أن الأصوات المستنكرة ضدّ المخرج لم تبد ساكنا أمام ما يحدث في العالم من مصائب حقيقية، سواءً على المستوى الدولي أو الإقليمي أو المحلي. أصبح الشغل الشاغل وموضوع الساعة قضية هذا المخرج وما صاحبه من اتهامات؛ أعتقد أنها مبالغ بها وما حاق بمسلسله من فشل ذريع.

بالطبع نحن لا نناقش واقعة المخرج، ولكن ما يهمنا ويدهشنا هو المتلقي المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي والرأي العام؛ الذي أصبح الآن وعيه جاهز سلفا ًلإصدار العقاب، من خلال الاستنكار وتكوين لوبي جماعي يؤدي في نهاية الأمر لإصدار قرار عقابي، كما حدث في مسلسل حورس وقرار إيقاف المخرج. ولكن الوعي الجمعي لا يتحرك أمام ما يستحق ويتحرك في ما لا يستحق.