أثار قرار وزارة النقل المصرية إسناد عدد كبير من مشروعات الوزارة إلى شركات عالمية متخصصة، مخاوف كبيرة من رفع أسعار الخدمة أو خصخصتها بشكل غير مباشر، بدعوى دفع تكاليف تلك الشركات الأجنبية أو الشركات الخاصة المحلية.
وأعلن وزير النقل المصري، الفريق كامل الوزير، والذي شغل منصب رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، عن استقدام شركات أجنبية في مرفق السكك الحديدية الذي يشهد حوادث مروعة بدعوى تقديم أعلى مستوى من الخدمات ونقل الخبرات الحديثة إلى الجانب المصري.
وكشف الوزير في بيان، أن الوزارة تعتزم إسناد أعمال التشغيل والإدارة لعدد من القطارات الجديدة بالسكة الحديد إلى شركات عالمية متخصصة في الإدارة، مشيرا إلى أنه يجرى حاليا تحويل قطاع نقل البضائع بهيئة السكة الحديد إلى شركه مملوكة للدولة بالشراكة مع القطاع الخاص لرفع مستويات الجودة.
وفي ما يتعلق بمشروعات النقل الجديدة، فقد تعاقدت الوزارة بالفعل مع شركات أجنبية لتشغيلها وإداراتها لمدة 15 عاما، كما في الخط الثالث لمترو الأنفاق، والقطار الكهربائي (السلام/ العاصمة الإدارية الجديدة/ العاشر من رمضان)، كما تعتزم إسناد خطي مونوريل العاصمة الإدارية والسادس من أكتوبر والقطار الكهربائي السريع العين السخنة/ مرسى مطروح والأتوبيس الترددي BRT على الطريق الدائري لشركات أجنبية.
وشهدت مصر ثلاثة حوادث مروعة في مرفق السكك الحديدية خلال شهر، في الصعيد والدلتا راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى رغم مزاعم الحكومة المصرية إنفاق عشرات المليارات من الجنيهات لتطوير المرفق المتهالك منذ عقود وزيادة أسعار التذاكر مرات عدة.
ومنذ تولي الوزير منصبه عام 2019 الذي جيء به على رأس الوزارة لوقف نزيف الحوادث بعد أن ارتطم قطار بحاجز في محطة القاهرة الرئيسية وانفجر وأحرق الركاب، وقدمه رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على أنه أحد أكفأ ضباط الجيش، لم تتوقف حوادث القطارات إن لم تكن زادت.
فساد وإهمال
وسلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على تكرار كوارث القطارات في مصر بشكل شبه يومي، وقالت في تقرير ترجمته "عربي21" إن وزير النقل، الجنرال السابق، أعلن عن تغييرات في المناصب المهمة بسلطة سكك الحديد عقب الحادث الأخير الذي وقع في مدينة طوخ شمال القاهرة، ولم يعزل نفسه قائلا إنه سيكون خائنا لو استقال من عمله".
وشددت على أن سنوات من غياب الاستثمار تعني أن البنية التحتية آخذة بالتآكل. ويقارب عمر القطارات على الـ30 عاما ولم يتلق العاملون عليها تدريبات جيدة، ويطلب منهم العمل لساعات طويلة. ويظل استخدام المخدرات مشكلة، وبخاصة مادة ترامادول، الرخيصة.
وفي آذار/ مارس أعلن البنك الدولي عن قرض بقيمة 440 مليون دولار لإصلاح شبكات السكك الحديدية والتي قد تساعد لو استخدمت بشكل حكيم. لكن السكك الوطنية لديها عادة في منح العقود المشبوهة للشركات المرتبطة بالجيش.
تحسين الخدمة من جيوب المواطنين
قال عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري سابقا، المهندس محمد فرج، إن "قرار وزارة النقل الأخير يؤكد ما ذهبنا إليه مرارا من أن السبب الأول في وقوع الحوادث في مصر هو الإهمال والتقصير وغياب التدريب وإلا فما الميزة في الشركات الأجنبية أو الخاصة غير الانضباط والدقة والكفاءة والتدريب المستمر الذي أكدنا عليه مرارا".
ولم يستبعد في حديثه لـ"عربي21" استغلال الحوادث لاستقدام الشركات الأجنبية والخاصة ورفع أسعار الخدمة، قائلا: "أي تطوير يكون من جيب المواطن، ولا يوجد اهتمام بحياة الناس في الصعيد والدلتا، كان الأولى متابعة المنظومة الجديدة ومراقبتها".
وأشار فرج إلى أنه "رغم وضع خطة طموحة لتطوير المرفق سواء على مستوى العربات أو الجرارات أو المزلقانات أو إشارات التحكم والأبراج واعتماد المنظومة الإلكترونية بدلا من الميكانيكية، فإنها تسير بشكل بطيء ولا تخضع لمراقبة ومتابعة، ويجب أن يكون هناك إسراع في عملية الإحلال والتطوير خاصة القضبان الحديدية حتى لا تخرج القطارات عن مساراتها والنظم والإشارات والأبراج الحديثة".
القطارات.. نعوش المصريين
وعلق أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي بمعهد كامبريدج للدراسات الدولية بسويسرا، حسام الشاذلي، قائلا: "هناك تخبط في الإدارة بشكل عام في مصر".
وأضاف: "هناك حالة تخبط لدى نظام وحكومة السيسي في إدارة الأزمات وظهر ذلك واضحا في التعليم عن البعد، ووباء كورونا، وأزمة سد النهضة، وعلى رأس القائمة مرفق السكك الحديد والذي باتت قطاراته نعوشا تحمل ملايين المصريين إلى مصير مجهول".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن "تسليم المرافق في مصر للأجانب لإدارتها يؤكد فشل الحكومة في قدرتها على النهوض بالقطاع وإداراته من جهة، ويورط الشعب في قروض وديون جديدة، ويجعل البلاد خاضعة لشروط تلك المؤسسات المالية الضخمة في ما يتعلق بإدارة الدولة وبحياة المصريين".
وحذر من مغبة "تسليم مفاتيح المرافق والمشاريع إلى شركات أجنبية وخاصة تتحكم في مستقبلها وعوائدها على المدى الطويل، إضافة إلى تحميل المواطنين تكلفة الإدارة والتشغيل والصيانة وبالتالي رفع أسعار الخدمات وليس ببعيد خصخصتها، في حين أن حاشية السيسي هي المسؤولة قانونيا عن كوارث قطاع النقل وغيرها".
خبير: صعود تاريخي بديون مصر إثر التوسع بسياسة الاقتراض
ضربة سعودية لشركات سياحة مصرية بعد حظر "موسم العمرة"
امتعاض بعد طلب مصر تعويضا بـ900 مليون بسبب جنوح "إيفر غيفن"