جاء بيان مجلس حقوق بالأمم المتحدة المندد بأوضاع حقوق الإنسان بمصر متزامنا مع انتقادات أمريكية جديدة، ليعيد إلى الواجهة ملف انتهاكات حقوق الإنسان بمصر.
وتثار التساؤلات حول جدوى البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة وواشنطن، وإمكانية تفعيل هذه الضغوط على الأرض.
وفي هذا السياق، طالب عدد من الخبراء بضرورة تفعيل هذه البيانات إلى واقع، مؤكدين في تصريحات خاصة لـ"عربي٢١"، أن السيسي سيحاول الالتفاف على مثل هذه البيانات والتحايل عليها بشكل أو بآخر، باستهلاك الوقت أو اتخاذ إجراءات ما، من قبيل الإفراج عن معتقلين ثم إعادة اعتقالهم من جديد، أو إصدار أحكام قضائية سريعة حتى يتعلل بها .
ومؤخرا، صدر بيان شديد اللهجة من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ووقع عليه ٣١ دولة، أدانت أوضاع حقوق الإنسان بمصر، وأشار البيان إلى الحبس الاحتياطي وتدوير المخلي سبيلهم في قضايا جديدة .
كما أدان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية القيود على حرية التعبير وعمل المجتمع المدني بمصر قائلا؛ "إن هذه الممارسات تؤثر سلبا علي التنسيق بين القاهرة وواشنطن".
وفي المقابل، رفضت الخارجية المصرية هذه الانتقادات وأصدرت بيانا، تطالب فيه الدول الغربية بالتوقف عن "توجيه اتهامات تعبّر فقط عن توجُّه سياسي غير محمود يتضمن مغالطات دون أسانيد".
كسب الوقت واستهلاكه
وقال مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل؛ إن "ما يجرى من إصدار بيانات وأخرى مضادة، يأتي في سياق محاولة نظام السيسي كسب الوقت واستهلاكه، حتى تمر هذه الضغوط، كما يحاول من جانبه أن يرد على هذه البيانات ببيانات؛ كمحاولة لتوصيل رسالة لأتباعه بالداخل أنه يتصدى لأمريكا والغرب، وزعما منه أنه يفند ما جاء في بيانات الإدانة بشكل عام، سواء من جانب الأمم المتحدة أو أمريكا أو الاتحاد الأوروبي".
اقرأ أيضا: إدانة عالمية واسعة للانتهاكات الحقوقية والاعتقالات بمصر
وأضاف أبو خليل في حديثه لـ "عربي٢١ " قائلا: "هناك اتجاه خبيث وخطير بدأ نظام السيسي تنفيذه على مستويين، الأول؛ يتم من خلال محاكمة المقبوض عليهم حديثا أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، وصدرت أحكام بالفعل بحبس عدد من هؤلاء لمدة ثلاث سنوات، وهذا ما تم رصده مؤخرا. والثاني؛ الإفراج عن بعض السجناء الذين أمضوا فترة طويلة دون محاكمة، ثم يتم القبض عليهم مرة أخرى وتحويلهم للمحاكمة".
وتابع بأن كل ذلك يأتي في محاولة لتبرير حبس من يقبض عليهم، خاصة أن هناك غصبا ورفضا للحبس الاحتياطي.
توقيع عقوبات
أما الناشط والقيادي بجبهة الإنقاذ سابقا مجدي حمدان، فيرى أن تصرفات الإدارة المصرية، خاصة وزارة الخارجية تخلو من الدبلوماسية، واصفا ما يصدر عنها "بالكارثية، وأنها لا تنطوي على ردود قوية وبيانات ودلائل، بل بكلمات لا ترقى لمستوي الخارجية المصرية العريقة".
وأضاف لـ" عربي٢١" قائلا: "البيانات التي خرجت أو ستخرج، لن تزيد الأمور إلا تعقيدا وسخرية، مثلما حدث بالردود على بيان الاتحاد الأوروبي".
وأبدى حمدان خشيته أن يتم التعامل برعونة مع البيان الأخير الذي وقع عليه 31 دولة، فتكون المفاجأة بفرض بعض العقوبات نتيجة لمخالفة اتفاقيات الأمم المتحدة وجنيف.
وشدد على أن الأمر "جد خطير" مضيفا: "يجب على الدولة المصرية أن تخفف قبضتها وترسل برسائل حسن النية للمجتمع الدولي؛ لأن ملف حقوق الإنسان لا يقل أهمية بالنسبة له عن ملفات مثل تخصيب اليورانيوم وأسلحة الدمار"، حسب قوله.
رضوخ جزئي
من جانبه، رأى القيادي بحزب الحرية والعدالة أحمد رامي الحوفي، أن إدارة السيسي لو سعت لحرب البيانات فسوف ستخسر كثيرا؛ لأن هذا معناه استمرار الطرف الآخر في الضغط والاستجابة من طرف السيسي.
ورأى أن السيسي بالنهاية سيرضخ للضغوط الأممية والأمريكية بطريقة جزئية.
وأضاف رامي لـ "عربي٢١"، أنه "في إطار هذه الضغوط، سيتم فتح ملف الشاب الإيطالي جوليو ريجيني كنوع آخر من الضغوط،، ولكن كل هذا مرهون بحجمها وجديتها ومدى الاستمرار فيها، خاصة أنه سيحاول استهلاك الوقت والتهرب من أي التزامات إذا وقف الأمر عند حرب البيانات".
اقرأ أيضا: البرادعي: الإفراج عن سجناء الرأي خطوة بديهية إن أردنا الإصلاح
أما المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، فقد وصفت بيان مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأنه من البيانات القوية منذ ٢٠١٤، وصدور بيان مماثل ربما يعبر عن مدى الحرج الذي وضع فيه النظام المصري المنظمات الدولية والدول الغربية، بما يتمادى فيه من ممارسات وإجراءات لا تراعي القوانين أو المواثيق والعهود الدولية.
وطالبت في حديثها لـ" عربي٢١" بضرورة استثمار هذا البيان، واستمرار الضغط كحقوقيين وسياسيين وكل القوى المصرية من أجل خطوات أكثر قوة، لرفع الدعم الغربي عن النظام المصري وتوقف ما يتم تقديمه له من مساعدات وصفقات.
ووصفت البيانات الصادرة عن نظام السيسي، التي جاءت ردا على بيانات من الدول المنتقدة، بـ"اللامنطقية".
ماذا وراء الإفراج عن صحفيين مصريين.. وما علاقة بايدن؟
ناشطون: فكهاني السيسي مشهد مكرر من الستينيات (شاهد)
السيسي في السودان.. هذه دلالات الزيارة والنتائج المتوقعة