في الخامس من حزيران/ يونيو عام 2017. استيقظ العالم العربي والإسلامي على قرار صادر من حكومة كل من
السعودية والبحرين والإمارات، وانضمت إليها مصر، بقطع علاقتها الدبلوماسية مع
قطر، ومحاصرتها، برا وجوا.
جاء ذلك بعد نشر مواقع الكترونية أمريكية عينة من وثائق مسربة تظهر سعي الإمارات لاستهداف دولة قطر والكويت بدعم من منظمات موالية لإسرائيل. وبهذا الإجراء تدخل المنطقة في نفق مظلم بعد هذا الحصار الرباعي على قطر.
تلقت قطر الخبر باستهجان شديد لهذه الخطوة غير العاقلة، باحثة عن سبب هذا التصعيد، فتفاجأت باتهامات بدعم منظمات وأفراد تتهمها دول الحصار بالإرهاب.
أنكرت قطر هذه الاتهامات الزائفة، وأكدت أنها ليس لها أساس من الصحة، واتهمت دول الحصار بالتصعيد ضدها دون مبرر واضح.
صعدت دول الحصار مطالبها عرفت وقتها بالمطالب الـ13 ومنها:
- إلغاء القاعدة العسكرية التركية.
- خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران.
- غلق شبكة الجزيرة.
قوبلت هذه المطالب من الجانب القطري بالرفض، فمارست دول الحصار الضغط على قطر بقائمة وصفتها دول الحصار بأنها أفراد وتنظيمات إرهابية تضمنت القائمة ٥٩ شخصية، من بينها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي.
طالب وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني دول الحصار بمراجعة مواقفها تجاه دولة قطر. وقد صرح بأن قائمة مطالب دول الحصار وضعت لكي تُرفض، مؤكدا في الوقت نفسه استعداد بلاده للحوار دون المساس بسيادتها.
وفي هذا الصدد أعلنت شبكة الجزيرة أنها ترفض أي إملاءات خارجية تتعلق بهيكلتها أو عملها، وأكدت تمسكها بسياستها التحريرية المستقلة.
ثم قامت كل من حكومة الإمارات والسعودية بتهديد شعبيهما وتحذيرهما من التعاطف مع قطر شعبا وحكومة أو مناصرتها، وإن كان بتغريدة على منصات التواصل الاجتماعي وإلا كان العقاب بالغرامة المالية والسجن.
أيضا في السعودية كان الدعاء للأشقاء بالتوفيق والصلح بين الجيران من قبل الدكتور سلمان العودة، جريمة تستوجب الاعتقال والسجن وتلفيق التهم له هو وآخرين، ويقبعون في السجن حتى الآن.
وفي هذه الأثناء أدرك الشعب القطري بالخطورة على بلاده، فقبل التحدي ورفض جميع الإملاءات المفروضة من دول الحصار على بلاده، فامتلأت دولة قطر بلافتات التأييد والدعم للشيخ تميم بن حمد في جميع قراراته لمواجهة فرمانات دول الحصار، فكان هذا التأييد بمثابة البيعة، ودعم لحكومته للمضي قدماً وعدم الخضوع لإملاءات دول الحصار.
على الفور أسرعت الحكومة بعدة اتفاقيات، وبناء تحالفات، تخرج الدولة من أزمتها، نجحت قطر في عقد أكثر من اتفاقية، تسد أي عجز عندها في السوق، فلم يشعر المواطن القطري ولا الوافدين بأي عجز من بداية الأزمة.
في لقاء تلفزيوني شرح الشيخ تميم أبعاد الأزمة، مخاطباً شعبه بقبول التحدي والوقوف على جوانب النقص في المجالات التي تأثرت بالحصار والعمل على سد جوانب العجز فيها.
ومع التصعيد المستمر من دول الحصار وضعت السعودية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي و١١ فرداً آخرين على قوائم الإرهاب لديها.
ومع تسارع الأحداث صرح وزير الدولة لشئون الدفاع في قطر، خالد محمد بن عطية، عبر لقاء تلفزيون قطر أن المسألة ليست تدخلا في شئون قطر فحسب، بل كان تدخلا عسكريا أعد له مسبقاً. وجدد موقف بلاده من أن الحوار هو أقصر طريق لحل الخلافات.
كما سعت دولة الكويت مبكراً لحل الأزمة، وعقدت عدة لقاءات واتصالات حتى نجحت مساعي الكويت في لم الشمل، وإنهاء الحصار.
تلقى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد دعوة من ملك السعودية الملك سلمان لعقد القمة
الخليجية رقم ٤١ في الخامس من كانون الثاني/ يناير ٢٠٢١ في العُلا، وعشية انعقاد القمة تم فتح المجال البري والجوي بين البلدين.
لا شك أن إنهاء هذا الحصار وتحقيق
المصالحة، سيكون له أثره في المستقبل على الشعبين القطري والسعودي خاصة، وشعوب المنطقة بصفة عامة.
وبإتمام المصالحة تخرج قطر أشد وأصلب عودا مما كانت عليه قبل الحصار. نجحت دولة قطر سياسيا ودبلوماسيا في إدارة ملف الأزمة فحققت أهدافها، وانتصرت لإرادة شعبها.
فهل أدركت دول الحصار أن احترام سيادة وسياسة الدول وحريتها في اتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات تساعد على تحقيق مصالحها أمر حتمي، وأن فرض الإتاوات والإملاءات عفا عليه الزمن؟ وأن اتهاماتهم للكيانات المعتدلة بالإرهاب هو من وحي خيالاتهم، وهو محض افتراء إنما نابع عن هوى شخصي؟
لذلك وجب عليهم إطلاق سراح الأبرياء من العلماء وغيرهم فوراً، والكف عن ملاحقة الشرفاء.
وأخيرا قد انتصرت المبادئ على المصالح والمطامع، والدبلوماسية على الهمجية، فهل وعت دول الحصار الدرس؟