كتاب عربي 21

144 هيئة خدمية حكومية مصرية تحقق عجزا

1300x600
من بين 161 هيئة عامة خدمية تتبع الحكومة المصرية وتتنوع مسمياتها ما بين هيئة وجهاز وصندوق، حققت أربع هيئات فقط فائضا ماليا بموازنات تلك الهيئات في العام المالي الحالي 2020/2021، وحققت 13 هيئة توازنا بين المصروفات والإيرادات، بينما حققت 144 هيئة عجزا ماليا بلغ مجمله 114 مليار جنيه.

فقد بلغت استخدامات تلك الهيئات الخدمية والتي تقدم خدمات في مجال محدد ولا تسعى للربح 221 مليار جنيه، بينما بلغت تقديرات إيراداتها 107 مليارات جنيه، لتصل نسبة تغطية الإيرادات للاستخدامات 48 في المئة.

وتتعدد مجالات عمل تلك الهيئات ما بين المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية والإسكانية والبيئية والثقافية والشبابية والرياضية والخدمات العامة، وغالبيتها تمارس نشاطها على مستوى المحافظات، وبعضها يقتصر نشاطها على محافظة واحدة أو وزارة واحدة، وهي غالبا ما تحصل على رسوم من المتعاملين معها نظير الحصول على خدماتها.

وكان نصيب الهيئات الخدمية من استخدامات الموازنة العامة الحكومية في العام المالي الحالي 10 في المئة، وتدنى نصيبها من الدعم إلى 4 في المئة بقيمة 14 مليار جنيه تركز نصفها في خمس هيئات فقط. وبلغ نصيبها 13 في المئة من أجور العاملين بالحكومة، لكنها استحوذت على نسبة 47 في المئة من الاستثمارات في الموازنة الحكومية بقيمة 131 مليار جنيه.

ويرجع ذلك لوجود هيئات تقوم بمشروعات على المستوى القومي، مثل صندوق الإسكان الاجتماعي الذي بلغت استثماراته 21 مليار جنيه، وهيئة مياه الشرب والصرف الصحي بقيمة 19 مليار جنيه، وكل من هيئة الأبنية التعليمية وصندوق تطوير العشوائيات بقيمة 10 مليار جنيه للاستثمارات في كل منهما.

وكانت بيانات جهاز الإحصاء المصري قد أشارت إلى بلوغ عدد العاملين في الهيئات الخدمية 538 ألف شخص في حزيران/ يونيو عام 2017، لكنها توقفت عن نشر بيانات العمالة في الحكومة بعدها، في ضوء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أواخر 2016 والذي تضمن خفض العمالة في الحكومة، وعدم إدخال عمالة جديدة. وبخلاف اتفاق الصندوق فهناك خروج سنوي للبعض من الخدمة بسبب بلوغ سن المعاش والوفاة والاستقالة والفصل كعوامل طبيعية.

تكرار رفع أسعار خدمات الهيئات

وتتبع تلك الهيئات الخدمية العامة قانونا صدر عام 1963، وطوال تلك السنوات لم يتم تغيير ذلك القانون، كما لم تتم مناقشة البرلمان لكيفية تطوير أعمالها لتخفيف حدة البيروقراطية في ممارسة نشاطها، والذي عادة ما تحتكر ممارسته ويصبح المتلقي لخدماتها لا مفر لديه من التعامل معها، مهما انخفضت جودة تلك الخدمات أو زادت رسوم الحصول عليها.

فقد دأبت الحكومات المتعاقبة على انتهاج أسلوب شائع وهو رفع أسعار رسوم الخدمات كل فترة، في محاولة لتقليل مجمل العجز في موازناتها. ومن الهيئات الخدمية التي رفعت رسوم خدماتها مؤخرا: هيئة الثروة المعدنية، وهيئة الطرق والكباري، والهيئة القومية للإنفاق قبل تحولها لهيئة اقتصادية، وجهاز تنظيم إدارة المخلفات، وصندوق الإسكان الاجتماعي، وهيئة الإسعاف المصرية، وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية.

لكن العجز مستمر خاصة مع توسع الكثير منها في مد فروعها في المحافظات، بما في ذلك من تكلفة إضافية للمنشآت والأجور، إلى جانب ظهور هيئات خدمية جديدة كل فترة. ففي خلال العام المالي 2013/2014 كان العدد الإجمالي لتلك الهيئات 153 هيئة.

ورغم خروج بعض الهيئات الخدمية لتحولها إلى هيئات اقتصادية تسعى للربح، مثل هيئة إستاد ناصر وهيئة الأنفاق، أو دمج بعضها مثل هيئات تابعة للآثار، إلا أن العدد الإجمالي يستمر بالزيادة لظهور هيئات جديدة، مثلما حدث مع قانون التأمين الصحي الشامل الذي أضاف ثلاث هيئات خدمية جديدة.

وتتفاوت تلك الهيئات الخدمية من حيث حجم الاستخدامات ما بين هيئات ضخمة يتصدرها صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري مع حوالي 30 مليار جنيه، وهيئة الطرق والكباري بحوالي 23 مليار جنيه، والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بحوالي 20 مليار جنيه، وهيئة الأبنية التعليمية حوالي 11 مليار جنيه، وصندوق تطوير المناطق العشوائية بعشرة مليارات جنيه.

4 هيئات تحقق فوائض

وعلى الجانب الآخر توجد هيئات خدمية متدنية في قيمة الاستخدامات، والتي تصل إلى 1.7 مليون جنيه لصندوق الاستشارات والدراسات والبحوث الفنية والتكنولوجية، و3.2 مليون جنيه لصندوق الاستشارات الإنتاجية والخدمية برئاسة الجمهورية، و6.4 مليون جنيه للمعهد القومي للجودة، و7.2 مليون جنيه للمعهد القومي للنقل، و8 مليون جنيه لصندوق تحسين الأقطان المصرية.

وحسب الأداء المالي المتوقع في العام المالي الحالي تحقق أربع هيئات فائضا ماليا، وهي هيئة السلامة البحرية بقيمة 2.2 مليار جنيه، وهيئة الثروة المعدنية 2.2 مليار جنيه، وهيئة الطرق والكباري بـ204 مليون جنيه، وصندوق تحسين الأقطان الصرية 13 مليون جنيه.

ويُتوقع تحقيق توازن مالي في 13 هيئة خدمية، منها صندوق دعم وتطوير الطيران المدني وصندوق تمويل مباني وزارة الخارجية في الخارج، ومستشفى جامعة عين شمس، وصندوق تطوير نظام الأحوال المدنية، وهيئة الرقابة المالية وهي الجهة المشرفة على شركات الوساطة والتمويل غير المصرفي، وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية.

كما يُتوقع في ضوء خبرة السنوات الماضية تحقيق 144 هيئة عجزا ماليا، تتصدرها الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بقيمة 15.4 مليار جنيه للعجز، وصندوق تطوير المناطق العشوائية بقيمة 10 مليار جنيه، وهيئة الأبنية التعليمية 9.3 مليار جنيه، وكل من الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية وجامعة القاهرة ثلاثة مليارات جنيه لكل منهما.

ويفضل البعض معيار نسبة تغطية الإيرادات للمصروفات في تلك الهيئات الخدمية، والذي تصل نسبته إلى صفر في المئة بثلاث هيئات هي: هيئة تنمية الصعيد، والمجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين، وهيئة تعليم جنوب السودان.

كما تتدنى نسبة تغطية الإيرادات للمصروفات لنسبة واحد في الألف بالمجلس القومي للإعاقة، وصندوق مكتبات مصر العامة والمركز القومي للامتحانات، ونسبة 2 في الألف بكل من المجلس القومي للسكان، والمجلس القومي للمرأة وجهاز التنسيق الحضاري والمركز القومي للبحوث التربوية، ونسبة 3 في الألف بكل من هيئة الاستعلامات والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، و8 في الألف بجامعة الأقصر، ونسبة 1 في المئة بكل من مركز تنمية الصادرات والهيئة القومية للاستشعار عن بُعد.

إلا أن القيمة الحقيقية لموارد كثير من الهيئات الخدمية تختلف عما يرد ببيانات وزارة المالية، حيث تتضمن كثير من تلك الهيئات ما يسمى بالصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص والتي تدر عليها إيرادات إضافية، لكنها لا تعطي منها لوزارة المالية سوى نسبة 35 في المئة وتحتفظ بالباقي، والذي يحسّن من أجور ومكافآت العاملين فيها أو تدبير احتياجاتها من السلع والخدمات التي تكفل لها أداء عملها، مثل الأدوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات، ونحو ذلك بما يتناسب مع النشاط الذي تمارسه الهيئة.

ولقد تضمنت الموازنة الحكومية من إيرادات تلك الصناديق والحسابات الخاصة حوالي 56 مليار جنيه، وهي مبالغ تمثل نسبة 35 في المئة من إيرادات تلك الصناديق والحسابات الخاصة، مع الأخذ في الاعتبار رفض بعض الجهات السيادية الإفصاح لوزارة المالية عما لديها من صناديق وحسابات خاصة، وبالتالي لا تدفع منها شيئا لوزارة المالية وتحتفظ بها كاملة، والتي تمثل مكافآت العاملين فيها النصيب الأكبر من إنفاقها.

twitter.com/mamdouh_alwaly