صحافة دولية

WP: اغتيال العالم الإيراني رفع من المخاطر بوجه بايدن

خبير أمريكي قال إن توقيت الاغتيالات يشير إلى المجموعة حول نتنياهو- تويتر

قالت صحيفة "واشنطن بوست " إن هناك إجماعا بين الخبراء على أن اغتيال العالم النووي الإيراني البارز، محسن فخري زاده يوم الجمعة، وفق تأكيد مسؤول أمني أمريكي خلال اجتماع، تقف وراءه إسرائيل، وإن كان هذا صحيحا فإنه يضاف إلى سجل من العمليات الإسرائيلية السرية المزعومة داخل إيران بما في ذلك اغتيالات سابقة ومحاولات تخريب البرنامج النووي مؤخرا.

وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن السلطات الإيرانية، تنظر إلى مقتل فخري زاده على أنه "عمل إرهابي وتوعدت بالرد في الوقت المناسب، والذي يمكن أن يكون من خلال وكلائها في أماكن أخرى من الشرق الأوسط".

ووصف بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي الاغتيال بأنه "عمل إجرامي" وحثت جميع الأطراف في المنطقة على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لـ"تجنب التصعيد الذي لا يخدم مصالح أي أحد". وبقيت إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذرين في صمتهم خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وكتبت الصحيفة: "لقد كان فخري زاده يعتبر بشكل عام العقل خلف برنامج إيران النووي، بما في ذلك جهود إيران السرية لتطوير قنبلة ذرية في العقد الأول من الألفية الثالثة. وكان مسؤولو الاستخبارات قد اعتبروا أستاذ الفيزياء الجامعي والذي يعتقد أنه يبلغ 60 عاما بأنه من يرأس خطة آماد، برنامج البحث السري لصناعة الأسلحة النووية والذي كان يسعى لتصنيع ست قنابل نووية قبل أن يأمر الزعماء الإيرانيون بوقف البرنامج عام 2003".

وأن تكون إسرائيل ترغب في استهداف مثل هذا المسؤول ليس غريبا، وكذلك توقيت الضربة - كما يشير المنتقدون لمقاربة كل من ترامب ونتنياهو تجاه إيران. وتأمل الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن بأن تعيد إطار الصفقة النووية مع إيران والتي انتهكها ترامب عندما فرض عقوبات واسعة ضد إيران، والتي بدورها دفعت النظام الإيراني إلى العودة لأنشطة البرنامج النووي التي تم تقليصها بموجب الاتفاق.

وقد جعل ترامب وحلفاؤه رغبتهم واضحة في إلحاق المزيد من الأذى بإيران في الأسابيع الأخيرة من رئاسته. ويبدو أنهم حريصون على اختبار استعداد إيران أن تمتص تلك الهجمات المستهدفة، بينما تنتظر تغير الرياح السياسية في واشنطن.

 

وقال بول بيلر، الذي عمل مسؤولا في وكالة الاستخبارات المركزية والزميل في مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون: "العملية تعكس طريقة تفكير من هم في حكومة نتنياهو، و/ أو إدارة ترامب الذين يرون في الأسابيع القليلة القادمة فرصتهم في جعل العلاقة مع إيران، أسوأ ما يمكن في محاولة للتخريب على جهود إدارة بايدن للعودة إلى الدبلوماسية مع طهران".

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني خلال الأسبوع الماضي، بأن حكومته سوف تصبر على حملة الضغط الأقصى التي فرضها ترامب، والتي تدعمها إسرائيل وحفنة من الملكيات العربية، التي وجدت فيها أرضية مشتركة بسبب كراهيتها للنظام الإيراني. وقال روحاني: "إن عهد الضغط ينتهي والأوضاع في العالم تتغير".

لكن ضغط التيار المتشدد يزداد أيضا داخل إيران. ويأتي اغتيال فخري زاده في عام بدأ باغتيال أمريكا اللواء قاسم سليماني، القائد الإيراني البارز، ثم شهد سلسلة من الانفجارات الغامضة في مواقع إيرانية حساسة، بما في ذلك مركز أبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي في ناتانز. وقد كشفت الضربات إخفاقات أجهزة الأمن الإيرانية والضعف الذي يعاني منه النظام.

وكتب كرمان بخاري من مركز دراسات السياسات العالمية: "بالنسبة لأعداء إيران فإن القيام بعدد كبير من العمليات وبهذه السرعة يعني أن هناك مستوى كبيرا من التجنيد المحلي وإدارة العملاء. والغضب الشعبي المتزايد ضد النظام في العقد الأخير تقريبا - بما في ذلك احتجاجات العام الماضي والقمع الوحشي لها - وفر بيئة خصبة للتجنيد لوكالات الاستخبارات الأجنبية".

وقد يعقد هذا الشعور بالإهانة والتخوف في طهران من جهود بايدن لتخفيف التوتر. وفي تعليق له الأسبوع الماضي، قال جاك سوليفان، الذي عينه بايدن مستشارا للأمن القومي وعمل خلال إدارة أوباما مفاوضا مع إيران إن الطريق إلى الأمام "يعود في الحقيقة لإيران" ويبدو أنه يقترح بأن على طهران أن تتخذ الخطوة الأولى الأكيدة. وقال: "إن عادت إيران للقيام بالتزاماتها التي خرقتها وكانت مستعدة لدفع المفاوضات بحسن نية بشأن اتفاقيات المتابعة هذه فإن إدارة بايدن ستفعل نفس الشيء".

ومجال المناورة في كل من واشنطن وطهران لن يكون كبيرا. وفي هذا السياق، يرى الخبراء في أوروبا فرصة - ربما، حتى مسؤولية - للمساعدة في رعاية التقارب. وكتب مجموعة من كبار المسؤولين الدبلوماسيين الأوروبيين السابقين: "يجب على الدول الأوروبية التحرك بسرعة لاحتواء البرنامج النووي الإيراني المتوسع، وحث إدارة بايدن القادمة على الاستفادة من الزخم السياسي بعد تنصيبه لإشراك إيران بنشاط وعكس مسار التصعيد الخطير الحالي" في رسالة مفتوحة اطلعت عليها واشنطن بوست قبل نشرها يوم الاثنين من قبل المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وحددت الرسالة عددا من الخطوات الطموحة التي يتوجب على كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا أو بلدان E3 التي توسطت بشكل مباشر للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران أن تتخذها في الأسابيع القادمة. ويتضمن ذلك "حثا لإدارة بايدن القادمة على الإعلان رسميا عن نيتها العودة إلى الصفقة والتعاون مع الإدارة القادمة في وضع خطة طريق أشمل "لتخفيض التصعيد في المنطقة" وذلك يشمل أعداء إيران مثل إسرائيل والسعودية وبناء قناة أوروبية مباشرة مع إيران لوضع طريق واقعي للدبلوماسية".

 

وقالت الرسالة التي يشتمل موقعوها على رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلدت والسفير الألماني السابق لأمريكا وولفغانغ اشنجر والأمين العام السابق لحلف الناتو خافير سولانا: "يجب أن تتضمن هذه العملية حوارا كاملا مع إيران حول الخطوات الفنية للعودة عن برنامجها النووي، والتضاريس الواقعية لتخفيف العقوبات تحت إدارة بايدن والإجراءات الأوروبية لدعم الاقتصاد الإيراني".

وقال ايلي جيرنمايه، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه بدون تلك الخطوات فإن الأسابيع القادمة قد يثبت أنها خطيرة وإن اغتيال فخري زاده "يجب أن يكون دعوة للاستيقاظ لأوروبا والإدارة الأمريكية القادمة، وكلما طالت الفترة التي تستمر فيها إيران بتوسيع برنامجها النووي في غياب المحادثات السياسية، كلما زاد احتمال وقوع المزيد من العمليات السرية هذه وكلما زاد خطر تصعيد إقليمي عسكري".