قضايا وآراء

هل كان ترامب الأمل الوحيد للوحدة الفلسطينية؟

1300x600
لم تنتظر القيادة الفلسطينية ريثما يتسلم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة، وسارعت للنزول طوعا عن الشجرة والعودة للتنسيق الأمني، وضرب عرض الحائط بكل قرارات ومقررات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، طبعا قبل الضرب عرض الحائط بكل مقررات التوافق الفلسطيني الذي جاء تتويجا للقاء بيروت- رام الله الشهير.

وأعلن رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، أنه على ضوء الاتصالات الدولية للرئيس محمود عباس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها، وردت رسائل رسمية مكتوبة وشفوية تؤكد التزام إسرائيل بذلك، وقال إن ذلك نجم عنه "إعادة مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان عليه الحال قبل تاريخ 19 أيار/ مايو الماضي".

قرار القيادة الفلسطينية بالعودة لقواعد اللعبة بهذه السرعة، ودون مشاورات ولا إجراء قراءة فاحصة لحجم الأضرار التي قد تُلحقها هذه الخطوة بالبيت الفلسطيني، تشي بأن رهان السلطة الفلسطينية على البيت الأبيض وساكنه، هو أكثر مليون مرة من رهانها على شعبها وعلى قواه الحية وفصائله، ليأتي هذا القرار في اتجاه مضاد للتوافق الفلسطيني الفصائلي والشعبي على قطع العلاقة مع إسرائيل، ووقف التنسيق الأمني، والعودة لمربع الفعل والمقاومة الشعبية.

لم يحظ الرئيس عباس بشعبية، ولم يشهد البيت الفلسطيني وحدة، كتلك الشعبية والوحدة اللتين ترافقتا مع اجتماع أمناء الفصائل في بيروت ورام الله مطلع أيلول/ سبتمبر، ولم يتوحد الداخل والخارج كما توحد في بيروت ورام الله، ليكون السؤال مشروعا عن سر العودة المفاجئة للرئيس عباس للتنسيق الأمني، والتعويل على إدارة أمريكية كان رئيسها الجديد أصلا جزءا من الإدارة الأمريكية التي سبقت ترامب، ولم يكن هناك كثير من الفارق بين النهجين، باستثناء الخطاب الناعم لإدارة أوباما والفج المغرور لترامب. صحيح أن ترامب بدا كعضو في حزب الليكود طوال سنواته الأربع، لكن من المؤكد في المقابل أن جو بايدن ليس صلاح الدين، فيما يبقي بنيامين نتنياهو الثابت الأوحد بين العهدين.

صدق الرئيس الفلسطيني عندما قال واصفا التطبيع الإماراتي البحريني بأنه "طعنة جديدة في ظهر الفلسطينيين"، ويصح اليوم وصف قرار العودة للتنسيق الأمني مع إسرائيل بأنه "طعنة في ظهر وجسد الوحدة الفلسطينية"، وربما هذه المرة تكون سامة وقاتلة.

وكمراقبين نطرح سؤالا على السيد الرئيس: ما الذي تغير بين ليلة وضحاها - كما يقال - حتى يتم اتخاذ هذا القرار؟ فما زال نتنياهو يمارس ذات العربدة، وفي اللحظة التي كان فيها أبو مازن يوقع قرار العودة للتنسيق معه، كان "بيبي" - كما يحلو للمنسقين معه مخاطبته - يوقع قرارا ببناء مستوطنات جديدة تفصل بين الضفة والقدس. وفي الوقت الذي كان حسين الشيخ يتحدث فيه عن عودته لمكتبه لتولي الاتصال مع نظرائه في دولة الاحتلال ورفع البلوك (عن مجموعة التنسيق في الواتساب)، كان نتنياهو يستعد للسفر لأبو ظبي لتوقيع عقود المشاريع التجارية والاستثمارية في المستوطنات.. فما هي الضمانات التي تلقاها عباس عربيا ودوليا وإسرائيليا؟ من حق الشعب الفلسطيني أن يستمع لها ويقرر، وليس من حق أبو مازن أن يأخذه للمجهول.

هل كان ترامب هو الأمل الوحيد لتوحيد القوى الفلسطينية؟ للأسف السلطة الفلسطينية تؤكد للمرة المليون أنها مشروع يحافظ على مصالح القائمين عليه، وليست مشروعا وطنيا ولا معبرا عن القضية.

هذه قضية تريد ثوارا وليس تجارا، تريد مشروعا وطنيا وليس مشروع تخادم بين مستفيدين من السلطة والمحتل.

أخيرا، هل الأولوية للمشروع الوطني الفلسطيني أم لتأمين عودة السيد حسين الشيخ لمكتبه، خوفا من فقدانه وظيفته إذا ما تواصل إلغاء التنسيق الأمني؟