أجرت "عربي21" مقابلة مع "النور علييف"، رئيس مركز "نظامي كنجوي" الدولي في العاصمة الأذرية باكو، تحدث فيها عن خلفيات صراع البلاد مع أرمينيا على إقليم "قره باغ"، وحول موقف روسيا في الجولة الحالية.
وشدد "علييف" على عدم تدخل موسكو في الصراع حتى الآن، رغم علاقتها "الدفاعية" الوطيدة مع يريفان، ورغم الحديث مؤخرا عن استخدام الأخيرة لأنظمة "أس300" الروسية ضد أذربيجان.
وأوضح علييف أن روسيا تجمعها علاقة جيدة بأذربيجان كذلك، مؤكدا أن باكو تعتبر موسكو بذلك الطرف الأكثر قدرة على قيادة أي جهد للوساطة، وهو ما يعززه كذلك كونها جزءا من المنطقة.
ولم يستبعد علييف وجود فجوة بين روسيا وأرمينيا في ظل الحكومة الحالية في يريفان، دون خوض في التفاصيل، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن بلاده لن تهاجم عمق الأراضي الأرمنية وتكتفي بالعمل على "تحرير قره باغ المحتلة"، في تلميح إلى حرص باكو على تجنب تقديم أي ذريعة لتفعيل موسكو معاهدة الدفاع المشترك مع أرمينيا.
وفي سياق التهم الأذرية لجارتها، قال علييف إن يريفان تجلب مواطنين لبنانيين من أصول أرمنية وتوطنهم في قره باغ وما حولها، مؤكدا أن ذلك يتم بثه عبر وسائل الإعلام والقنوات التلفزيوينة الأرمنية دون محاولة للتستر عليه.
تجدر الإشارة إلى أن "عربي21" تواصلت على مدار أيام مع الخارجية الأرمنية للحصول على تعليق بشأن تلك الاتهامات وغيرها، ولم تتلق ردا.
وتاليا نص المقابلة:
نود أن نسأل أولا عن خلفية التطورات الحالية على الأرض، و إلى أي مدى تخطط أذربيجان للمضي في خوض هذه الحرب؟
كما تعلم، تحتل جمهورية أرمينيا الأراضي
المعترف بها دوليا لجمهورية أذربيجان منذ ما يقرب من 30 عاما، ويتعلق الأمر بمنطقة
قره باغ وسبعة مناطق أخرى.
يقر المجتمع الدولي بأن هذا احتلال، ومجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة، باعتباره الهيئة الرئيسية لإدارة الأزمات والمخولة بإصدار
قرارات ملزمة على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193، تبنى عام
1993 أربعة قرارات (822، 853، 874، 884) تطالب بانسحاب غير مشروط وفوري للقوات
المسلحة الأرمنية من الأراضي المحتلة لجمهورية أذربيجان.
اقرأ أيضا: خبير أذري لـ"عربي21": روسيا تريد ليّ ذراع أرمينيا.. وهذه خيارات باكو (شاهد)
وبحكم كونها دولة عضوا في الأمم المتحدة، فإن جمهورية أرمينيا حتى تعترف باحتلالها للأراضي الأذرية.
منذ اعتماد القرارات وإعلان اتفاقيات وقف إطلاق
النار المتتالية، وافقت جمهورية أذربيجان على إجراء مفاوضات سلام بإيمان راسخ
بالقانون الدولي والعدالة.
لسوء الحظ، بالنسبة للمجتمع الدولي، رفضت
أرمينيا بشدة وبشكل متعمد الالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لمدة 30
عاما، ما أدى إلى تعطيل جميع إنجازات عملية التفاوض من خلال الهجمات المستمرة على
خط المواجهة.
بعد أن أصبح نيكول باشانيان رئيسا لوزراء
جمهورية أرمينيا، قام بشكل أساسي بتخريب عملية السلام بإعلانه صراحة أن قره باغ أرمنية.
هذه السياسة المتعمدة لتقويض عملية السلام كانت مدعومة بالهجمات المتزايدة من الجانب الأرمني على خط المواجهة، وشهدنا هذا العام في تموز/ يوليو هجوما غير مسبوق على الحدود بين البلدن خارج الأراضي المحتلة.
في 27 أيلول/ سبتمبر 2020، شنت أرمينيا هجوما
واسعا على اتجاهات مختلفة على خط المواجهة، وكانت هذه الهجمات تستهدف المدنيين.
هذه الهجمات الشنيعة على المدنيين هي استمرار لسياسة التطهير العرقي المتعمدة التي
ارتكبتها جمهورية أرمينيا في جميع الأراضي المحتلة على النحو الذي أكده القرار
1416 الذي اعتمدته الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في 25 كانون الثاني/ يناير
2005.
اقرأ أيضا: فصائل سورية لـ"عربي21": لا قرار رسميا بإرسال مقاتلين لأذربيجان
وبعد تجربة التطهير العرقي، اضطرت الحكومة الأذرية
للرد لحماية المدنيين، وقد شننا هجوما مضادا في جميع الاتجاهات.
أظهرت حملة التحرير لمدة أسبوع تفوق الجيش الأذري
حيث تمكنا من تحرير المرتفعات الاستراتيجية في الأراضي المحتلة، وأنا شخصيا أعتقد
أن جيشنا سيحرر قريبا جميع الأراضي المحتلة.
هل تقبل باكو بوقف القتال قبل تحرير المنطقة كلها؟ تقول موسكو إنها تقف على الحياد وعرضت الوساطة، لكن من المعروف أن روسيا تدعم أرمينيا. هل تغير هذا مع الحكومة الحالية في يريفان؟
لطالما كرست أذربيجان نفسها للحل السلمي للنزاع
ولكن لا يمكن تحقيق ذلك من جانب واحد.
لا يمكن استعادة نظام وقف إطلاق النار إلا بعد
تنفيذ الشروط المسبقة التي اقترحها رئيس جمهورية أذربيجان (إلهام علييف)، أي أنه
يجب على أرمينيا الالتزام بالقانون الدولي، والاعتراف بسلامة أراضي أذربيجان،
ومغادرة الأراضي المحتلة، وتوفير جدول زمني لانسحاب القوات المسلحة الأرمنية،
وبالطبع، ينبغي للسلطة الأرمنية الحالية بشكل حاسم أن تدلي بتصريحات جديدة بأن قره
باغ ليست أرمنية.
بالنسبة لتغير مواقف السلطات السياسية الأرمنية
الحالية (إزاء العلاقة مع روسيا)، فهذا واضح جدا، ولكن في النهاية فإن الصراع هو
بين أرمينيا وأذربيجان، وروسيا من الدول التي تقوم بدور الوسيط إلى جانب الولايات
المتحدة وفرنسا.
روسيا بالطبع لها مكانة خاصة لأنها جارة
لأذربيجان وجارة للمنطقة، ليست لديها حدود مع أرمينيا، ولكن مع ذلك فإن موسكو تربطها
علاقة تاريخية جيدة مع باكو ويريفان.
اقرأ أيضا: خبير تركي لـ عربي21: جبهة ثالثة بين أنقرة وموسكو في "قره باغ"
ما أود أن أقوله هو أن قدرة روسيا على التوسط
بين البلدين أعلى بكثير لأسباب موضوعية من تلك الموجودة في أماكن بعيدة عن
المنطقة.
لكن الحكومة الأرمنية الحالية ترتكب جرائم حرب
وأعمالا إرهابية ضد المدنيين. إنهم يعيدون توطين الأرمن علانية من لبنان في
الأراضي المحتلة، ويظهرون ذلك على شاشات التلفزيون، وهو انتهاك وحشي لاتفاقية جنيف،
وإظهار كراهية لنا.
ماذا عن استخدام الأرمن لـ"أس300"؟ ألم يكن ذلك بالضوء الأخضر الروسي؟
صحيح أن أرمينيا تشن بشكل منهجي ضربات صاروخية
من أراضيها على المناطق المكتظة بالسكان في أذربيجان والبنى التحتية المدنية، وقد سجلت
الوسائل التقنية لقوات الدفاع الجوي الأذرية في وقت مبكر من صباح (الاثنين) إطلاق
صواريخ على أذربيجان من منصات في مناطق جيرموك وغافان وبيرد في أرمينيا.
مرة أخرى، أود أن أشدد على أن تدخل الطرف
الثالث في الأزمة لا يزال على شكل محاولة للتوسط، حتى الآن.
هذا الكفاح هو من أجل استقلال أذربيجان بما يتماشى مع القانون الدولي، ونحن ننفذ قرارات مجلس الأمن الدولي ونعيد العدالة.