صحافة دولية

MEE: أزمة كورونا بالخليل تتفاقم جراء الاحتلال وعادات اجتماعية

ازدياد الحالات بشكل كبير في كبرى مدن الضفة، التي تعاني أيضا من الاحتلال وممارساته- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا يسلط الضوء على معاناة مدينة الخليل الفلسطينية، بالضفة الغربية المحتلة، من فيروس كورونا المستجد.

 

ولفت التقرير إلى ازدياد الحالات بشكل كبير في كبرى مدن الضفة، التي تعاني أيضا من الاحتلال وممارساته، ولكن أيضا من عادات اجتماعية غير متسامحة مع إجراءات الوقاية من العدوى.

 

وتاليا نص تقرير "ميدل إيست آي" كاملا كما ترجمته "عربي21":


تمشى في شوارع الخليل، وسوف تسمع على الأغلب الناس يحيي بعضهم بعضا بنفس العبارة: "سوف أقبلك على الوجنتين رغما عن الكورونا".
 
باتت تلك عبارة تثير بشكل متزايد قلق السلطات في أكبر مدن الضفة الغربية المحتلة.
 
ضربت مدينة الخليل بشدة من قبل موجة ثانية من فيروس كورونا التي ظهرت في مطلع شهر حزيران/يونيو، بعد أن ظن الناس أن الضفة الغربية عبرت أسوأ ما في الوباء. في هذا الأسبوع وحده، توفي بسبب الإصابة بكوفيد-19 فتاة في الثانية عشرة من عمرها وثلاث نساء ورجل في التسعين من عمره.
 
بالمجمل، كان معدل الوفيات في الأراضي الفلسطينية منخفضا نسبيا، حيث كان عدد حالات الوفاة فيها 47 مقابل 371 حالة وفاة في إسرائيل. إلا أن عدد الحالات تصاعد بشكل سريع، حيث بلغت الإصابات 8153 في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ شهر آذار/ مارس.
 
قالت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية مي الكيلة، إنه تم التعرف على 27 نقطة ساخنة لفيروس كورونا في الضفة الغربية، في القرى، وفي مخيمات اللاجئين وفي المدن.
 
وقالت الكيلة إن 111 فلسطيني يرقدون الآن في المستشفيات، سبعة منهم في غرف الإنعاش على أجهزة التنفس الصناعي.
 
ولقد أصبحت مدينة الخليل، وهي مدينة محافظة اجتماعيا قسمها الإسرائيليون، وتعد بمنزلة مولد الطاقة الاقتصادي للضفة الغربية، أشبه بعالم مصغر للتحديات التي يواجهها الفلسطينيون وهم يسعون جاهدين للخلاص من فيروس كورونا.

 

اقرأ أيضا: كورونا يتفشى في الخليل.. العادات الاجتماعية أبرز الأسباب
 
والمدينة مقسمة فعليا إلى جزأين بموجب اتفاقية تم التوقيع عليها في عام 1997 بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
 
الخليل مقسومة إلى H1، الخاضعة بالكامل، إداريا وأمنيا، لسيطرة السلطة الفلسطينية، ومنطقة H2، التي تخضع إداريا للسلطة الفلسطينية ولكنها تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، الذي لديه القول الفصل فيمن يدخل إلى تلك المنطقة ومن يخرج منها.
 
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال تيسير أبو سنينة، عمدة الخليل ورئيس بلديتها، إن هذا التقسيم يشكل تحديا بالنسبة للعاملين في القطاع الطبي الذين يحاربون الوباء، حيث إن سيارات الإسعاف كثيرا ما يتم اعتراضها ومنعها من دخول منطقة H2، التي يعيش فيها ما يقرب من 40 ألف فلسطيني بجوار 800 مستوطن.
 
يوجد داخل منطقة H2 ثماني عشرة نقطة تفتيش، يتحكم بها بشكل دائم عناصر من الجيش الإسرائيلي.
 
يقول أبو سنينة: "بشكل عام، إن الاحتلال الإسرائيلي عقبة تعيق التنمية والتطوير داخل المدينة، حيث إنه يتحكم بالحدود والمياه وكل شيء. لم تتم إضافة سرير واحد للمستشفى الحكومي في الخليل منذ الاحتلال في عام 1967، وإلى أن بدأت السلطة الفلسطينية بتدبير شؤون المدينة في التسعينيات."
 
يوجد حاليا عدة مستشفيات في منطقة الخليل، حيث تعالج حالات الإصابة بفيروس كرونا، بما في ذلك مستشفى الهلال الأحمر في حلحول ومستشفى دورا، الذي افتتح قبل الموعد الذي كان محددا له في يونيو / حزيران. وهناك كذلك قسم يتم إعداده لكي يفتح في المستشفى الحكومي في الخليل.
 
تخدم هذه المستشفيات مجتمعة ما يقرب من 215 ألف فلسطيني يعيشون في المدينة والقرى المحيطة بها، وهي مساحة ينتشر فيها ما يقرب من 120 نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية. وطبقا لما يقوله أبو سنينية، يعيش ما يقرب من 120 ألف خليلي فلسطيني في المناطق التي لا يوجد بها لا عيادة ولا قسم شرطة، بينما يعيق انتشار نقاط التفتيش الوصول إلى المستشفيات الموجودة في الخليل.
 
يضاف إلى ذلك أن سياسات السلطة الفلسطينية وتجاوب الجمهور مع الوباء، فاقم من الوضع الذي هو أصلا بالغ الصعوبة.
 
وكانت السلطة الفلسطينية في شهر آذار/مارس قد أغلقت الضفة الغربية بالكامل حتى منتصف شهر أيار/ مايو، ثم عادت واستأنفت الإغلاق لتسعة أيام في شهر حزيران/ يونيو، بعد أن عادت الحالات وارتفعت من جديد.
 
إلا أن الخليل، المركز الصناعي في المناطق الفلسطينية، لم تلتزم إطلاقا بالقيود المفروضة، وها هي الآن تشعر بتداعيات ذلك.
 
يقول أبو سنينة: "للأسف، بعض الناس مازال يتعامل مع وباء فيروس كورونا كما لو أنه غير موجود، وكما لو أنه كان جزءا من مؤامرة كونية، وهذا ما أدى إلى تفشي الفيروس".
 
أقامت بلدية الخليل مركز طوارئ لتنسيق العمل، ونشرت كتيبات ومطويات للتحذير من خطر كوفيد-19 الفتاك، ولكن لا حياة لمن تنادي.
 
في الحادي عشر من حزيران/ يونيو، طالبت السلطات باحترام إجراءات التباعد الاجتماعي عند الإعلان عن نتائج امتحانات الثانوية العامة، إلا أن كثيرا من الناس كانوا يحتشدون داخل السيارات ويتجولون في المدينة للاحتفال.

 

اقرأ أيضا: التهجير والعزل يهدد الفلسطينيين القاطنين بمناطق الضم
 
يقول أبو سنينة: "نحن، الشعب الفلسطيني، لدينا شيء في طبيعتنا، وهي روح التحدي. بالطبع، تحدي الاحتلال شيء إيجابي، ولكن تحدي الفيروس بهذه الطريقة شيء سلبي".
 
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال بشار الأطرش، المقيم في منطقة H1 الذي يعمل في صناعة الأغذية، إنه عاد للعمل في المصنع بعد احترام تعليمات الإغلاق الأول لمدة عشرين يوما.
 
يجد الأطرش أمر فيروس كورونا محيرا؛ لأن كثيرا من الناس الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية، لم تظهر عليهم أي أعراض.
 
يقول الأطرش: "سمعنا عن الكورونا من الإعلام ومن المسؤولين ومن المساجد التي كانت تطالب الناس بعد رفع الأذان بالصلاة في البيت".
 
ويضيف: "ما هذا الفيروس الذي لا يسبب لك سعالا ولا صداعا ولا ألما في البطن ولا حرارة ولا إسهالا؟ خمسة من أقاربي قيل لهم إن نتائج اختباراتهم بفيروس كورونا كانت إيجابية، وعندما ذهبت لزيارتهم في بيتهم بعد مغادرتهم للمستشفى، بدوا في صحة جيدة وفي حال طيبة. إذن، ما هو الكورونا؟"
 
أطلع الأطرش موقع ميدل إيست آي على رسالة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الخليل، يزعم أن كاتبها طبيب قدم "علاجا" لكوفيد-19 يتمثل في تقطيع رأس بصل صغير إلى شرائح ناعمة، وتناولها مرتين في اليوم مع وجبات الطعام.
 
تقول الرسالة إن "التجربة الفعلية أثبتت أن ذلك كاف لحمايتك من فيروس كورونا ومن الفيروسات التي تهاجم الجهاز التنفسي، مهما بلغت قوتها ودون اتخاذ أي إجراءات وقائية".
 
وأضاف الأطرش أنه جرب هذا العلاج، ولكنه أضاف سن ثوم بناء على نصيحة تلقاها من أحد أقاربه.
 
وكانت الكثير من الرسائل المشابهة قد انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن ضرب الوباء العالم العربي في آذار/مارس.
 
أشهر العلاجات الباطلة التي تم الترويج لها خلال مقابلة تلفزيوينة مع طبيب مصري، زعم أن علاج فيروس كورونا موجود في شلاولاو، وهي وجبة قبطية تؤكل في أثناء صيام مريم العذراء، وتتكون من الملوخية المجففة والثوم والماء البارد والليمون والبهارات.
 
يقول الأطرش: "لا نعرف من نصدق، الحكومة أم الإعلام أم المسؤولين؟ فكل واحد يقوم بمبادرته الشخصية لحماية نفسه".
 
في هذه الأثناء، بقيت الخليل مفتوحة، يرد عليها الزائرون من المجتمع البدوي الفلسطيني داخل صحراء النقب، ومن عائلات شرقي القدس الذين لديهم جذور في المدينة، ومن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من بلدات مثل أم الفحم والناصرة وكفر قاسم وكفر كنة، الذين يأتون للتبضع وللصلاة في المسجد الإبراهيمي التاريخي.