نشرت صحيفة ديلي تلغراف، الخميس، تقريرا للصحافيين بن
فارمر، وعلي محمود، قالا فيه إن "العاصمة اليمنية صنعاء، وعلى مدى الشهرين
الماضيين يسكنها الموت"، بحسب ما قال الأطباء. فقد مات المئات في المدينة من
مرض كوفيد-19، والعدد في تزايد، وقد أعلن عن امتلاء مقبرة خزيمة الرئيسية قبل شهر.
وأشارت إلى أن "مرض كورونا لم يكن محصورا على
المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وقد تضاعف عدد الموتى في عدن إلى ثلاثة أضعاف
خلال شهر أيار/ مايو. ويعتقد أن معظم الوفيات كانت حالات إصابة غير مشخصة بفيروس
كورونا".
وتاليا نص تقرير صحيفة ديلي تلغراف، والذي قامت
"عربي21" بترجمته:
مع قلة أماكن الدفن تضطر العائلات في اليمن لشراء القبور
في المقابر الخاصة، حيث وصل سعر القبر إلى ما بين 120 و315 جنيها إسترلينيا.
وكطبيب قام بعلاج عدد كبير من المرضى، شاهد زملاءه
يستسلمون للمرض الواحد بعد الآخر. فقد توفي على الأقل 46 طبيبا وممرضا وعاملا في
الصحة، بمن فيهم أربعة من المستشفى العام الذي يعمل به.
وقال الطبيب: "معظم الذين أصابهم الفيروس ماتوا في
بيوتهم لأن 80% من المستشفيات كانت مغلقة بسبب نقص أدوات الوقاية الشخصية وأجهزة
الفحص".
ولكن الطبيب يرفض أن يعطي اسمه، وهو يقص علينا الظروف
المأساوية بالهاتف، لأنه رسميا، لا يحصل أي من هذا. وبحسب الحوثيين الذين يسيطرون
على مساحات واسعة من شمال اليمن لم يتمكن فيروس كورونا وليس هناك وفيات تقريبا
بسببه.
وتعاملت كل بلد مع الجائحة بحسب ظروفها ولكن لم يكن حظ
أي منها أسوأ من حظ اليمن.
اقرأ أيضا: الانتقالي اليمني يعيد حاويات أموال سطا عليها لقوات التحالف
فقبل ظهور فيروس كورونا المستجد بوقت طويل كانت الحرب
والجوع والمرض قد حولت البلد ذا الثلاثين مليون نسمة إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
فأربعة من كل خمسة أشخاص من الشعب بحاجة لمساعدة إنسانية
ويواجه 16 مليونا نقصا في الغذاء، ويعاني حوالي 2 مليون طفل وأكثر من مليون امرأة
حامل ووالدة جديدة من سوء التغذية.
وفي نفس الوقت خلف القتال بين الحوثيين والحكومة
المدعومة من السعودية نظاما صحيا مدمرا وأعاق توزيع المساعدات وقسم البلد إلى
قسمين.
وعادت أمراض اعتقد أنها انتهت مثل الدفتيريا والكوليرا
وشلل الأطفال بسبب تعثر حملات التطعيم.
والآن جاء مرض كوفيد-19 ليضيف إلى الصورة المظلمة.
والعدد الرسمي على مستوى البلد 1300 حالة و351 يوما، ولكن هذه الأرقام أقل بكثير من
الواقع.
من الصعب الحصول على فحص في المناطق الجنوبية التي تسيطر
عليها الحكومة والوصمة المتعلقة، بالإصابة بالمرض تعني أن القليل يريدون أن يتم
فحصهم.
بينما هناك حوالي 70% يعيشون تحت سيطرة الحوثيين، حيث
يكبت الإبلاغ عن حالات، ولم يقدم الحوثيون أعدادا منذ 16 أيار/ مايو حيث قالوا إن
هناك 4 إصابات بالمرض ووفاة واحدة.
وقدرت جامعة لندن للصحة والطب الاستوائي الشهر الماضي
بأن عدد الحالات على مستوى اليمن كلها أقرب للمليون وحيث لا يتوقع الوصول للذروة
قبل نهاية تموز/ يوليو. وبحسب نفس التقدير فإنه في أسوأ الأحوال يتوقع أن تصل
الوفيات من المرض إلى 85000.
وقال طبيب آخر في مستشفى عام في العاصمة بشرط عدم ذكر
اسمه: "يموت العشرات في صنعاء كل يوم، وقد تفشى الفيروس عبر المدينة بسرعة
وأصيب آلاف السكان".
وأضاف: "معظم الناس الذين يعيشون في حيي أصيبوا
بالفيروس، عائلات كاملة ظهرت عليها الأعراض، ابتداء بالحرارة وسعال جاف وصعوبة في
التنفس، وفي بعض البيوت فقد كل أفراد العائلة حاستي الشم والذوق".
وقالت الدكتورة إشراق السباعي، الناطقة الرسمية باسم
اللجنة العليا لمجابهة فيروس كورونا التابعة للحكومة اليمنية إن الحوثيين يتعمدون
إخفاء تفشي المرض.
وقالت: "إن لدي زملاء يعملون في المستشفيات العامة
في صنعاء والمحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون. وقال لي زميل يعمل في مركز
حجر صحي في المدينة إن الحوثيين صادروا هواتفهم المحمولة وحذروهم من الكشف عن
معلومات حول الأعداد المسجلة في الحجر أو عدد الوفيات هناك".
ولكن المرض لم يكن محصورا على المناطق التي يسيطر عليها
الحوثيون. وقد تضاعف عدد الموتى في عدن إلى ثلاثة أضعاف خلال شهر أيار/ مايو.
ويعتقد أن معظم الوفيات كانت حالات إصابة غير مشخصة بفيروس كورونا.
وفي مدينة تعز قال عمال المقبرة إنهم اضطروا إلى استئجار
حفارات آلية هذا الأسبوع لأن العمال لم
يستطيعوا أن يواكبوا الحاجة للقبور الجديدة.
وقالت تامونا سابادزي، المديرة القطرية لليمن في لجنة
الإنقاذ الدولية إنه لم يتم تفعيل سوى القليل من الاحتياطات لإيقاف الانتشار.
وتابعت: "ليس هناك قيود على الحركة والمتاجر
والمولات والأسواق وكل شيء مفتوح. وليس هناك تباعد اجتماعي والمواصلات العامة تعمل
بحرية. وليس هناك إجراءات حقيقية لمنع انتشار الفيروس وهو لا يختفي من نفسه".
وزاد الفقر لأن التحويلات من المهاجرين اليمنيين في دول
الخليج توقفت بسبب الإغلاق.
وخلال كل هذا تستمر الحرب مشتعلة.
وبعد سنوات من المظاهرات والأزمات السياسية التي تحولت
إلى اشتباكات تحول الصراع في أفقر دولة من دول شبه الجزيرة العربية تحولا مصيريا
في 8 تموز/ يوليو 2014 عندما هزم الحوثيون في الشمال قوات الحكومة في معركة مدينة
عمران شمال صنعاء. وفتح انتصار الحوثيين الطريق لهم إلى العاصمة، ولكن بثمن
بشري ضخم وحيث غرق الملايين في المجاعة.
وزاد الوضع الإنساني سوءا منذ أن تدخلت السعودية في
آذار/ مارس 2015 حيث قادت تحالفا مواليا لقوات الحكومة ضد الحوثيين الذين تدعمهم
إيران، خصم السعودية اللدود.
وقُتل عشرات آلاف المدنيين بمن فيهم مئات الأطفال في
الغارات الجوية والهجمات.
وبعد هذه الفوضى العنيفة أصبح لا يعمل سوى نصف العيادات
والمستشفيات وهذه لا تستطيع العمل سوى بالمساعدات الدولية. وهناك مخاوف من أن
الكثير ممن يحتاجون الخدمات الطبية يتجنبون الذهاب للعيادات والمستشفيات خشية
الإصابة بالفيروس.
وقال جيمس كليفرلي، الوزير في الخارجية البريطانية للشرق
الأوسط، لصحيفة التلغراف: "أنا قلق جدا بشأن تهديد فيروس كورونا في اليمن،
حيث هناك ما لا يقل عن مليون حالة في البلد.. نحتاج إلى عمل طارئ لمنع كارثة
إنسانية أسوأ".
ولكن مثل هذه الدعوات لم تكن كافية لدفع المجتمع الدولي
في وقت تعاني معظم الكثير من الدول بسبب كوفيد.
وفي محاولة لجمع التبرعات خلال مؤتمر وعود من الدول
المانحة بقي هناك نقص بمقدار 800 مليون جنيه إسترليني عن الهدف وهو 1.9 مليار جنيه
إسترليني. وتبرعت بريطانيا بمبلغ 160 مليون جنيه إسترليني.
ويبقى الجوع والأمراض ربما هي أكبر تهديد لليمن، بالرغم
من التسارع في تفشي كوفيد-19. ولكن ما دامت الحرب مستمرة فإنه من غير الممكن
التعامل مع أي من مشاكل البلد.
وقالت سابادزي: "لكي يكون ممكنا التعامل مع الوضع
الشامل في اليمن نحتاج السلام في الحقيقة.. نحتاج أن تتوقف الأطراف المتحاربة
ويتوقف سقوط القنابل ويتوقف استهداف المدنيين كي نستطيع الوصول إلى المناطق وإيجاد
نوع من الاستقرار للشعب اليمني".
تحذير أممي من تفش سريع ومضاعف لكورونا في اليمن
غارات عنيفة للتحالف على مواقع للحوثي في صنعاء (صور)
الجيش اليمني يقتل 6 من مسلحي "الحوثي" في الحديدة